ثقافه وفكر حر

حكى الأصمعي يوماً فقال :

هو أَبُو سَعِيدْ عَبْدِ اَلْمَلِكْ بْنْ قَرِيبٍ بْنْ عَبْدِ اَلْمَلِكْ بْنْ عَلِي بْنْ أَصْمَعْ اَلْبَاهِلِي اَلْبَصَرِيَّ المَعروف بَالْأَصَمَعِي راوية العرب، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان

سمي الأصمعي بهذا الاسم؟ قال لأنه لما كان يقعد يفت شدة هو والشباب كان دائماً يطلع الأص معه فيقول: الأص معي.. الأص معي فصار اسمه (الأصمعي

حكى الأصمعي قال : “كنت أزور رجلًا لكرمه ،
فأتيته بعد مدة … فوجدته قد أغلق باب بيته .
فأخذت رقعة وكتبت فيها :
إذا كانَ الكريمُ له حجابٌ … فما فضلُ الكريمِ على اللئيمِ .
وبعثت بها إليه …
ووقفت أنتظر الجواب .
فعادت وعلى ظهرها مكتوب :
إذا كان الكريمُ قليلَ مالٍ … تستّرَ بالحُجّابِ عن الغريمِ .
ومع الرقعة صرة فيها خمسمائة دينار .
فقلت والله لأتحفنّ أمير المؤمنين المأمون بهذه الحكاية .
فذهبت إليه وقصصت عليه القصة ، ووضعت الرقعة والصرة بين يديه ” ، فتأمل الصرة وقال : “يا أصمعي هذه الصرة بختم بيت المال فأحضر الرجل الذي دفعها إليك “.
فقلت : ” الله الله يا أمير المؤمنين ، الرجل قد أولاني خيراً “.
قال : ” لابد منه “..
فقلت : “غير مروع ؟ “..
قال : “غير مروع”..
فعرّفته مكانه .. فبعث إليه فحضر .
فنظر إليه أمير المؤمنين ثم قال له :
“ألست أنت الرجل الذي وقف بموكبنا بالأمس ،
وشكا إلينا رقة حاله وكثرة عياله ؟ “..
قال : “نعم يا أمير المؤمنين”..
قال : “وأمرنا لك بخمسمائة دينار ؟”..
قال : “نعم، وهي هذه ، يا أمير المؤمنين”..
قال : “ولمَ دفعتها للأصمعي على بيت واحد من الشعر ؟”
قال : ” استحييت من الله أن أردّ قاصدي ،
إلا كما ردّني بالأمس أمير المؤمنين “..
قال المأمون : ” لله درّك ، ما أكرم خلقك وأوفر مروتك “..
ثم أمر له بألف دينار … فأنشد الرجل يقول :

الناسُ للناسِ مادامَ الوفــــاءُ بهم
والعسرُ واليسرُ أوقاتٌ وساعاتُ
وأكرمُ الناسِ ما بينَ الورى رجلٌ
تُقضى على يدهِ للناسِ حاجـــاتُ
لا تقطعنَّ يدَ المعروفِ عن أحدٍ
ما دمتَ تقدرُ والأيـــــامُ تاراتُ
واذكر فضيلةَ صنعِ اللهِ إذ جُعلَتْ
إليكَ لا لكَ عندَ الناسِ حاجـــاتُ
قد ماتَ قومٌ وما ماتتْ فضائلهــمْ
وعاشَ قومٌ وهمْ في الناسِ أمواتُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق