في يومٍ كان من المفترض أن يكون أحد أجمل أيام حياتها، استيقظت سمية جمال أبو النعاج متحمسة ومتشوقة لليوم الذي طالما حلمت به. تخرجت من كلية الصيدلة بجامعة اليرموك بعد سنواتٍ من الجد والاجتهاد، مستعدةً لاستلام شهادتها التي لطالما انتظرتها عائلتها بفارغ الصبر.
ارتدت سمية ثوب التخرج الأسود، ووضعت قبعة التخرج على رأسها بحذر، وقفت أمام المرآة مبتسمة. كانت ترى في عينيها فرحاً ينبع من أعماق قلبها. كانت تشعر بأن هذا اليوم هو بداية جديدة، وأن الحياة تفتح أمامها أبوابها بعد كل ما بذلته من جهد.
خرجت من بيتها إلى الجامعة وهي تحلم بالمستقبل، برؤى تحقيق النجاح في حياتها المهنية والشخصية، وبأنها ستكون فخرًا لعائلتها ولبلدها.
في الجامعة، كان الجميع ينتظر بدء الحفل، زملاؤها وأصدقاؤها كانوا يملؤون المكان بالضحكات والابتسامات، ولكن لم يكن أحد يعلم أن القدر كان يخطط لشيء آخر.
في لحظة، وقبل أن يبدأ الحفل، شعرت سمية بألم مفاجئ في صدرها. حاولت أن تستجمع قواها، لكنها لم تستطع، فسقطت على الأرض. الجميع تجمع حولها، لكن يد القدر كانت أسرع، حيث غادرت سمية الحياة وهي بين زملائها، قبل أن تصل إلى منصة التخرج.
كانت الفاجعة كبيرة على الجميع. كيف يمكن للحياة أن تأخذها في لحظة كانت تنتظرها منذ سنوات؟ كانت تتطلع إلى استلام شهادتها، لكن الله كتب لها شهادة أخرى في نفس اليوم – شهادة وفاة.
في لحظة تحول الفرح إلى حزن، والابتسامات إلى دموع. احتضنتها الأرض كما احتضنت أحلامها، وتبدلت فرحة التخرج إلى وداعٍ أبدي.
أقامت الجامعة حفل تأبين بدلاً من حفل التخرج، ووقفت العائلة أمام الجميع في حالة من الصدمة والحزن. كلمات العزاء لم تكن كافية لتخفيف ألمهم، ولكنهم كانوا يعلمون أن سمية أصبحت الآن في مكانٍ أفضل، وأنها قد حصلت على شهادتين في نفس اليوم: شهادة الدنيا وشهادة الآخرة.
بقيت ذكراها عالقة في قلوب زملائها وأساتذتها، وأصبحت قصة سمية تُروى بين الأجيال في الجامعة كرمز للقدر وكيف يمكن أن يتغير كل شيء في لحظة.
الصديق الدكتور د. جمال أبو نعاج
أنا لله وانا اليه راجعون/ألف رحمة ونور