مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية زوار من وراء الضّباب من قصص التشويق والخيال الحجرة رقم سبعة ( الحلقات: 4+5+6)

فكتب رسالة إلى الوالي شرح فيها كلّ ما حصل في القرية ،وألحّ عليه أن يأتي ،ويقتلع كلّ الفطر الذي في المنطقة ،وينشر الدّويبات الصّغيرة التي تتغذّى على هذه النّبتة ،وتمنع نموّها ،لكنّ الأهالي إكتشفوا أنّ الكاهن وبناته هما الوحيدين الذين لم يصابوا بالمرض ،وإتّهموا أبي بالسّحر والشّعوذة ،وذات يوم جائوا إلى دارنا، وبينما كانوا يجرّونه اوصانا على الصّندوق ،ثم قادوه إلى ساحة القرية ،و أطلقو عليه الرّصاص .
لكنهم رجعوا صائحين ،وأغلقوا علينا الباب ،وكسروا النوافذ وألقوا عدة مشاعل في الدار ،وقبل أن أحترق أنا وأختي أخفينا الصّندوق في سرداب صغير ،ودارنا هي التي بنيت عليها فيما بعد هذه العمارة ،ومن ذلك اليوم نخرج لمّا يصعد الضّباب لننفّذ وصيّة أبينا !!! قال فؤاد : حكاية مؤلمة ،وحقيقة لقد أسفت جدّا على ما حلّ بكما ،لقد كان أهل القرية محتاجين أن يعاقبوا أحدا وشاء الحظ السّيئ أن تكونوا أنتم من يدفع الثمن ،لكن لا زلت لا أفهم العلاقة بين النّبوءة بالجفاف الشّديد والصّندوق ؟
وهنا تقدّمت الصّغرى حتى صارت أمام وجهه تماما ،ثم قالت: سيجوع النّاس ،وحين لن يجدوا شيئا يأكلونه … وهنا فتح فؤاد عينيه من الدّهشة وصاح : سيأكلون الفطر ،ويمرضون مثل أهل قريتك !!! لكن الآن صارت مدينة كبيرة ،وهناك مواصلات يعني أن المرض سينتشر ،ولن يقدر أحد على إيقافه ،لقد فهمت الآن سرّ حرصكما على تبليغ الرّسالة ،إن لم نقم بما يلزم ستحصل كارثة، هيّا قولا لي أين أجب أن أحفر ؟
مشت البنتان ،وفتحتا الباب ،وفؤاد ينظر إليهما من بعيد ،وقال أين تذهبان في منتصف الليل ؟ ثم قال : اللعنة !!! من المفروض أن أكون نائما الآن ،ثمّ سار ورائهما بثياب النّوم ،وكان الطقس باردا ،فأخذ الرّوب ، ورماه على كتفيه،و إستغرب لمّا رآهما ينزلان إلى البدروم ،ثم يتوقفان أمام الحجرة رقم سبعة وكانت مقفلة ،وسألهما : و ماذا بعد ذلك ؟ أجابت البنت الكبرى: وراء هذا الباب يوجد الصندوق الذي دفنته أنا وأختي منذ مئات السنين ،هناك كانت حجرتنا قبل أن تلتهمها النار ،وقبرنا تحت ساقيك !!! وحولنا قبور أهل القرية ،كل هذا المكان صار مقبرة كبيرة .
قفز فؤاد من مكانه ،وقد أصابه ذعر هائل من خروج الموتى من تحت الأرض ،ثم جرى لشقته ،وقد داهمه القيئ ،كانت البنتان قربه تحملقان فيه ،فصرخ إبتعدا عني أريد أن أنام ،وما شأني أنا بكما !!! ،دارت الأختان، وإختفتا فجأة في الظلام،وبقي فؤاد يتقلب على فراشه ،وكلما حاول النوم رأى كوابيس مخيفة ،وظل على هذه الحالة حتى طلع الصباح ،وذهب إلى عمله ،وعيناه محمرّتين . ولمّا رآه المدير أشفق عليه ،وقال له: في مكتبي أريكة، خذ لك قسطا من الرّاحة ،وفنجان قهوة ساخنة .
بعد ربع ساعة أحسّ أنّه أفضل حالا ،وإعتذر من المدير، الذي أجابه بحدّة : لا أخفي عليك أني منزعج جدّا من سهرك كل ليلة ،التلاميذ مسؤولية في عنقنا ، أرجو أن لا تنسى ذلك ياعزيزي !!! في منتصف النهار كان فؤاد يتناول ساندويتشا في مطعم صغير قرب المعهد ، حينما إقترب منه سامح أستاذ التاريخ، وهو يحمل في يده طبق فول وطعمية ،وقال له : أراك شاردا ،سنأكل معا ،وأخبرني عمّا يشغل بالك !!! خذ لك شيئا آخر ،فالأكل هنا جيد، وسأدفع أنا الحساب .
نظر إليه فؤاد بإمتنان ،وردّ : هذا صحيح ،هناك ما يشغل ذهني ،ويمنعني من النّوم ،ربّما تقدر أن تفسّر لي ما يحدث !!! ثمّ فاجئه بسؤال غريب : هل تؤمن بالأشباح ؟ توقّف سامح عن الأكل ،وتفرّس في وجه رفيقه، فرآه متجهّما ،وأجاب :أعتقد أن الأمر جدّي ،فلا يبدو عليك الهزار !!!قال فؤاد : لقد رأيت شيئا ،وهو يبدو حقيقيّا ،المشكلة أنّه يظهر كلّ ليلة ،وورائه قصة عجيبة ،كان سامح يستمع ،ثم رجع إلى طبقه ،وقال: واصل !!! سآكل، وأستمع إليك ،فهذه القصة مسليّة جدا ، ثم طلب مشروبا باردا ،وشرع يأكل وهو يهز رأسه بين الفينة والأخرى ،ثم هتف :مدهش، يا لها من حكاية ،فلقد كانت أمي تقص علي حكايات الجن لتخيفني لكن عوضا عن ذلك كنت أطلب المزيد ،إن لم تمانع سأزورك الليلة ،لأرى الأشباح بنفسي !!! ردّ فؤاد : فكرة رائعة ،على الأقل وجودك سيجعلني أحس بالإطمئنان ويمكنني النوم قليلا ،لا بد أن أرتاح ،وإلا سألقى تأنيبا قاسيا من المدير …

يتبع الحلقة 5

سرّ صندوق الكاهن ( الحلقة 5)

كان فؤاد جالسا في الصالون يدخن سيجارة بعصبية فلقد تأخر سامح عن الموعد ،كان يجب أن يكون هنا منذ ساعة،إتّصل به في التليفون لكنه لا يجيب ،بدأ يشعر بالقلق ،وبعد لحظات أحس بالشّرفة تفتح ويدخل هواء بارد ،وكالعادة جاءت الفتاتان ووقفتا أمام فؤاد ،وقالت الكبرى صديقك لن يأتي الليلة ،فقد أصيب بحادث ونقل إلى المستشفى ،قفز الرّجل من مكانه وحاول الكلام ،لكن لم يعرف ما يقول ،وكلما سمعته البنتان سيل من الشتائم، ثم رجع إلى مكانه وقد هدأ خاطره ،ثم نظر إليهما ،وقال : لقصّتكما علاقة بالحادث أليس كذلك !؟
هزّت الكبرى رأسها ،وردّت عليه :لقد أخفينا عنك شيئا !!! فما بقي من أهل قريتنا تجمّع في فرقة سرّية ، وقالوا بأنّ ما حدث هو إنذار من الربّ بقرب نهاية الدّنيا ،وخروج الدابة ذات السبعة رؤوس ،وأنه عليهم التطهر من الذّنوب وإنضم الكثيرون فيما بعد لهم ،وعلموا أيضا بأمر الكسوف وهو حسب رأيهم البداية لسلسلة كوارث تسبق رجوع المسيح ،ونزول أوشليم السماوية ،قال فؤاد وقد لا على وجهه التعجب : وما علاقة سامح بهؤلاء ؟ ولماذا منعوه من الدخول؟
أجابت :يعتقدون أن أحداث آخر الزمن ستقع هنا في هذا  المكان ،ويجب عليهم إزالة هذه العمارة ،وإرجاع الأرض إلى شكلها الأول كما كانت عليه قبل ثلاثمائة سنة ،وإفراغها من الأموات في المقبرة وتطهيرها بالتراتيل والصلوات والماء المقدّس ،وسامح تعرض للضرب لأنه حاول الإقتراب من هنا ،ولا فائدة في إبلاغ الشرطة ،فكبار الضّباط من هذه الجماعة السرية ،ولا أحد يعرف أين بلغ نفوذهم في هذه المدينة ،كان فؤاد يستمع ،وخيل إليه لحظة أنه في كابوس الأشباح والضباب ونهاية العالم ،لا يمكن أن تكون أشياء حقيقيّة ، كل هذا حلم مخيف، وسيستيقظ منه !!!
لكن الهواء الذي أصبح أكثر برودة ،جعله يحسّ أنّه في اليقظة ،وليس نائما ،كان ينظر إلى التّلفون ،وفكّر أن يتصّل بالمستشفى ،لكن البنت الكبرى قرأت أفكاره ،وقالت : لا شكّ أنهم قطعوا التّلفون الآن ،وسيجبرون السّكان على إخلاء العمارة طوعا أو كرها،لم يبق لنا إذا كثير من الوقت ،قال فؤاد حتى وإن كان كلامك صحيحا ،فكيف سيخلون عمارة بأكملها ،هذا صعب !!! قالت البنت :أنت لا تعلم شيئا :لقد امضوا سنوات طويلة في التغلغل في المؤسّسات ،ومنهم رجال أعمال ومهندسين وضباط وربما وزراء ،حملق فيها وقال: ولماذا تروين لي كل ذلك فقط الآن ؟ ردّت هل كنت ستصدّقني ،ثم أنّ هناك إحتمال أنك تهرب بجلدك ،والآن لا شك أنك تعلم أن الأمر جدّي ،وليس فقط حكاية شبحين يخيفان الناس في العمارة ،
أحسّ فؤاد بالتوتر ،وتسارعت دقات قلبه ،وصرخ :ما الذي عليّ أن أفعله بحقّ السّماء ؟ أيّ حظ سيّئ قادني إلى هنا !!! واللعنة على زهيّة ،كل لحظة تحدثني عن الزواج !!! قالت البنت: في الصندوق تمثال فرعوني من الذهب يزن رطلا ،وجده أبي في قبر قديم ،هو لك ،والآن كفّ عن الصّراخ ،فإن أنجزت مهمّتك ،يمكننا أن نرحل بسلام ،صمت فؤاد وهدأت ثورته لمّا سمع بالذّهب ،وقال: هيا بنا إلى القبو ،لبس قميص خشنا ،ودق على البواب وطلب معولا ،فاستغرب منه وسأله: ماذا ستفعل به في هذه الساعة ؟ أجابه : أنّه يحسّ بالخوف ،وهو أكثر إطمئنانا بشيئ يدافع به عن نفسه !!!
فضحك ،وقال : تحتاج أيضا إلى مطرقة ومسامير ،وربّما إلى قطعة آجر تسدّ بها المدفئة !!! عرف فؤاد أن البوّاب يسخر منه ،لكنه تجاهله فأخذ المعول، ثم نزل إلى البدروم محاذرا أن يسمعه أحد ،وفي النّهاية وقف أمام الغرفة السابعة ،وأحسّ برعدة تجتاح جسده ،نظر إلى البنتان ،ثم مدّ يده وأدخل المفتاح في القفل ودفع الباب فإنفتح محدثا صريرا مزعجا ،أشعل الضّوء فرى غرفة صغيرة فارغة ، وضعت البنت الكبرى علامة وقالت إحفر هنا !!! بدأ فؤاد يحفر ،وتصبب منه العرق ،لكنه لم يتوقّف ،كان يريد أن ينتهي هذا الكابوس بسرعة ،ويرحل من هنا ،ثم أنه يريد أن يعرف هل قصة التمثال حقيقة أم خدعة من البنتين ليخرج لهما الصّندوق.
بعد نصف ساعة أحسّ بالمعول يلتطم بشيئ صلب ،فتوقّف ،وقد إنحبست أنفاسه من شدة الإثارة ،ترى ماذا يوجد في الحفرة ؟ أدخل يديه وسحب صندوقا قديما من الخشب قد علاه التراب ،فمسحه، وفتحه ببطئ ،وتحت ضوء الفانوس لمع بريق عجيب ،وصاح فؤاد: إنه التمثال الفرعوني، لم يتغيّر جماله منذ ثلاثة آلاف عام ،كانت تحته كومة أوراق مكتوبة بالعربية وبردية قديمة عليها صورة كاهنة تحمل فطر أحمر غريب،في طقس ديني أمام الإله آمون رع ،فقال في نفسه :كل ما قالته البنتان صحيح ،ثم إلتفت إليهما وقال والآن ما العمل ،لا شك أن الجماعة السرية تراقب الآن العمارة ،وربما كلّ شيئ ….

يتبع الحلقة 6

عند المعلم جرجس القبطي ( الحلقة 6)

قالت البنت الكبرى :مع الأسف لا يمكننا الثقة في المسؤولين  ،الحلّ أن تتحرّك وحدك ، الأمر ليس صعبا وكلّ ما عليك فعله هو أن تؤجر  مجموعة من العمّال ،وتذهبون للأراضي التي ينبت فيها الفطر ،وتقتلعونه ،ثمّ تنزل للأسواق، وتشتري ما تجده من حلزون ، ثم تطلقه هناك ،فهو يتغذى على ذلك النبات، ويمنع نموّه ،والتمثال يساوي الكثير ،بعه، ونفّذ المهمّة ،وما يتبقى من مال هو لك وسيجعلك ثريّا بقيّة حياتك !!! فكّر فؤاد ،فالتمثال في حوزته ،ويمكن أن يأخذه ،ويختفي ،لكن شيئا ما داخله كان يحثّه على تنفيذ ما طلبته منه البنتان،مع ما يعنيه ذلك من متاعب .
في الماضي لم يكن يؤمن  لا بالأشباح ولا الحياة بعد الموت ،وكان يسخر من المشعوذين ،والعرّافين ،أما الآن فبات يعتقد جازما أنّ المحسوس هو فقط جزء من عالم أكثر إتساعا ،وما نعتقده سحرا أو خوارق ،هو الوجه من الحقيقة الذي لا تريدنا الثقافة والأديان أن نفهمه، لأنّه الأداة الذي تمنح الشّيوخ ومن ورائهم الحكام القدرة على الإقناع !!! وإذا عرفنا هذه العوالم الخفيّة، هذا يعني نهاية منظومة القيم كما ندركها الآن ،كان من عادة فؤاد الجلوس وحيدا والإستغراق في التفكير، لكن هذه المرّة أصبح ذهنه أكثر صفاء ،كلّ شيئ واضح الآن ،ويجب عليه أن يتعلّم العيش مع ما رآه وسمعه .
ثم نظر للبنتين ،وقال سأنفّذ مقترحكما ،وهو معقول ،لكن أولا يجب أن أطمئن على سامح ،فله أصدقاء كثيرون من جامعي التحف الأثرياء، فهو أستاذ تاريخ لكن إختصاصه علم الآثار ،سآخذ صورة للتّمثال والبردية وأذهب إليه غدا صباحا ،وأرجو أن يكون حاله جيّدا ،أخذ معه الصندوق، وصعد إلى شقته ،بعدما ردم الحفرة ،كان متعبا جدّا ،فارتمى في فراشه ونام ،وفي منتصف الليل خيّل إليه أنّ أحدا يحاول فتح باب الشقة ،أشعل الضّوء ورأى المقبض يتحرك ،فأحسّ بالخوف وقال : الأشباح تأتي من الشّرفة عند إراتفاع الضّباب ،من المؤكّد أن هناك من يحاول الدّخول ،ولمّا فكّر قليلا شكّ في أن أحدا رآه يحمل الصّندوق القديم ،وجاء لسرقته ،لكن من ؟
وفجأة صاح: لا يوجد إلا البواب !!! وتذكّر أنّ حجرته كانت ومرتّبة بذوق لا تتناسب مع ثقافة أبناء الأرياف، ولقد تعجّب حينها من ذلك، وتسائل إن لم يكن وجوده سوى حيلة لمراقبة شقّته والعمارة بأكملها . قال: لا بد أن أخفي الصندوق، لكن أين ؟ وفي الأخير إبتسم، فسيضعه في سلة القمامة ،وفي الصّباح يخرجها في يده ويضعها في الحاوية وعمّال النظافة لن يفرغوها إلا في المساء ،رجع ونام ،ولما إستيقظ عرف أنّ هناك من دخل ،وفتّش الشّقة ،ورغم المفاجأة لم يتمالك نفسه من الضّحك ،لقد فتشوا كل شبر إلا القمامة ،الشيطان نفسه لن يفكر بذلك ،
حلق ذقنه ،ولبس ثيابه ،ثم حمل السلة ،وألقاها في الحاوية ،وواصل طريقه دون أن يلتفت حوله، ولم يكن من الصّعب عليه ملاحظة رجلين يتبعانه إستقلّ تاكسيا للمعهد الذي يعمل فيه ،وطلب إجازة أسبوع من المدير الذي أبدى إمتعاضه ،وصاح في وجهه : يا أستاذ ،هل تعتقد نفسك في إسطبل تشتغل كما يحلو لك ؟ إسمع هذه آخر مرة أوجّه لك ملاحظات ،لو تكرر هذا التصرف سأعلم الوزارة !!! حاول فؤاد أن يكون هادئا، وقال :إنها المرة الأخيرة ،وبعد ذلك ستشكرني ،إشتدّ حنق المدير عليه ،و صاح : آه .. على ماذا ؟ أجابه دون أن ينظر إليه : ستعرف في الرقت المناسب .ولما خرج تنفّس الصّعداء ،فقدكان على وشك أن يفقد أعصابه ، وتساءل :هل من أجل خمسين جنيه في الشّهر يجب أن يحتمل هذا الرّجل الفظّ ؟
لمّا خرج ،رأى الرجلين واقفين من بعديد ،فدخل مقهى ،وخرج من الباب الخلفي ،ثم مشى ودخل في سوق مكتظ بالناس والباعة ، ولما نظر وراءه لم يكن هناك أحد ،ركب الأتوبيس ،ونزل قرب المستشفى ،ثم إقترب من موظف الإستقبال، وسأله عن سامح صبري ،فأجابه: حجرة 108 الدّور الثالث ،لمّا وصل طرق الباب ،ودخل. كان سامح ممدّدا على فراشه، وعلى رأسه عصابة فيها بقعة دم، ولما رآه فرح ،وقال: لا أطيق أن أزيد يوما واحدا هنا !؟! كان هناك رجل آخر نائم في الغرفة فقال له : تعال لنتمشى قليلا، أريدك في أمر مهمّ !!! نهض سامح، وأخذ عكّازا وسار ببطئ ،ثم تحسس رأسه ،وقال: لقد فاجئني رجلان بعصا ،وضرباني ،ثم هربا بسرعة ،فقط لأني إقتربت من شقتك !!! أجاب فؤاد : ذلك له علاقة بحكاية الأشباح ،والموضوع أخطر ممّا تتصور ،ثم روى له ما حصل :الصّندوق والتمثال ونبوءة الكاهن والجماعة السرية التي تنتظر في نهاية الدنيا .
،فوقف ،وقال : سمعت عن حكايات غريبة لكن هذه تفوق كلّ تصوّر !!! وأين الصندوق الآن ؟ أجابه فؤاد في حاوية القمامة ،وهي في أمان هناك ،قال سامح : بخصوص التّمثال، لا تقلق أعرف تاجرا للعاديات قبطي يشتريه منا بثمن جيد، ويدفع للمبلغ نقدا ،تعال غدا إلى المحل والعنوان 5 شارع النحاس باشا ،وإحذر أن يراك أحد ،رجع فؤاد إلي العمارة ورأى الرّجلين كعادتهما واقفين ،فأخذ يفكّر ما الذي سيفعله، فالحاوية داخل العمارة ،رأى ولدا بائع روبافيكيا يمرّ بعربته ،فناداه، وقال له هل تريد أن تربح جنيها ،أجاب بحماس: نعم يا بيه ،قال له هل رأيت تلك العمارة ،أدخل سترى على يمينك حجرة صغيرة للنظافة ،إفتح الحاوية ، وستجد كيسا من القماش، أحضره لي ،ولا تتأخر ،هل فهمت ؟
دخل الولد دون أن يهتم به الرجلان ،وعاد وفي يده الكيس ،فرح فؤاد ،ومدّ له الجنيه ،ثم أجّر غرفة في لوكندة ،ونام حتى الصّباح ،وفي تمام السّاعة العاشرة كان جالسا في مقهى أمام تاجر العاديات وما كاد يتم فنجان الشّاي حتى حضر سامح صبري ،وهمس له :هل معك الصّندوق؟ أومئ له فؤاد برأسه ،فقال الرجل : إذن هيا بنا إلى الدّكان !!! فالمعلم “جرجس” في إنتظارنا بفارغ الصّبر …

يتبع الحلقة 7

مع تحيات الكاتبة أليس المرواني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق