مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية #سعيد_الجان_وقُميرة_البان

يحكى عن سبعة بنات ماتت أمّهن ، وتكفّل أبوهنّ الحاج رمضان بتربيتهنّ. ومرّت الأيام ، وأراد الأب أن يسافر مع أحد القوافل للتجارة قال لهنّ : يا بناتي، سأذهب لطلب الرزق ، وقد وفرت لكنّ كلّ ما يلزم من عولة ، تكفي لمدة أشهر ، فحذار من فتح الباب لأيّ مخلوق مهما كان، وهذه خمسمائة ريال، ربّما إحتجتنّ لشيئ ، وأوصيكنّ بعدم تبذير المال ، وبأن لا تخرجن إلا إذا إستدعى الأمر ذلك ،فأجابته البنات: نعم يا أبي، سنستمع لكل وصاياك ،فكن مطمئن القلب !!! سافر الأب ، ولم يمر وقت قصير حتى أحّست البنات بالملل من الجلوس في الدّار،طول النهار ،واتّفقن أن تخرج كلّ مرّة واحدة منهنّ للتجوّل في القرية ،وشراء كل ما ترغب فيه من حلوى وكعك ،وثمار. لكن الّصغرى واسمها قميرة البان حذّرتهنّ من عصيان أوامر أبيها ،لكنّهن ضربنها بعصا زيتون، وقلن لها: إبقي في الدّار ، أمّا نحن فلن نفعل مثلك !!! وكانت المسكينة تهرب إلى الدّهليز ،وتغلق على نفسها ،ثم تبكي على أمّها التي ماتت ،وتركتها وحيدة ،وبطول المدّة لم تعد تخاف من الأماكن المظلمة ولا أصوات الفئران التي تجري قرب قدميها .
صارت البنات يخرجن إلى سوق القرية ،وكان عامرا بالخيرات ،ولم يتركن شئا إلا ذقن منه،حتى نفذ منهن المال ولم يبق سوى القليل ، وتعودت السّتة بنات على طيب الأكل ،ولم يعد يعجبهنّ الطبخ من العولة التي تركها أبوهن ،وكرهن طعم القديد والسّمن . وفي أحد الأيام خرجت الكبرى لكنّه لم يكن معها مال ،ودارت حتى تعبت ،ثم جاءت تحت دار كبيرة ،وجلست ،ولما رفعت أسها رأت شجرة تفّاح قد إمتلأت أغصانها بالثمار، فمدّت يدها ،وأخذت واحدة ثم ثانية ،وتعجّبت البنت من كثرة الثّمار ،ومع ذلك فلا أحد من المارّة يقطف منها .وحين رجعت كان طرف ثوبها مليئا بالتّفاح .فسألتها أخواتها من أين أتت بكلّ بذلك ،لكنها لم تقل لهن شيئا، ولما إستلقت البنات للنوم ،ألحت الوسطى علىها لتروي لها قصتها ،فهمست في أذنها أن هناك دارا فيها عجوز أبيض اللحية ،وأوصاها بأن تأكل وتكتم السرّ ،لكنها قالت لها لأنّها أختها .
وفي الغد ذهبت الوسطى ،ورجعت محمّلة بالثمار، ولم تقدر أن تكتم السرّ فباحت به لأختها التي أصغر منها حتى ذهبن كلّهن لتلك الدّار، وأكلن من أصناف الثّمار ،إلا قميرة البان .فجاء الشيخ ،وقال للأخت السّادسة : إسمعي ،صاحب الدّار فتى إسمه سعيد الجان ،وهو لا يخرج إلا قليلا لأنّه ليس من الإنس ،والجيران يعرفون قصّة هذه الدّار المسكونه لهذا لا يقترب أحد منها ،ولقد رآكنّ من شرفته وأراد تزوّج الفتاة التي تعرف كيف تحفظ السّر ،لكن جميعكنّ لم يسمع الكلام ،والآن ،سيجعلكنّ في غاية القبح عقابا على لؤمكنّ ،إنزعجت البنت ،ثم فكّرت قليلا ،وأجابته : لدينا أخت أخرى تصغرنا سنّا وهي مطيعة ،سنأتي بها إلى هنا مقابل أن يتركنا سعيد الجان في حالنا ،ويأذن لنا بأكل ما نشتهيه من حديقة داره ،حكّ الشيخ رأسه ،وقال أحضروها الأوّل ،فإن أعجبت سيدي عفى عنكنّ ،ووافق على طلبكنّ .
لما رجعت البنت السادسة أخبرت أخواتها، واتفقن على التآمر على أختهنّ قميرة البان، والتّخلص منها ،فهي تهددهنّ دائما بالشّكوى إلى أبيها حين يرجع من سفره ،وحاولن إقناعها بالذهاب إلى دار سعيد الجان، فهو ثري وستعيش في أرغد العيش ،وطبعا أخفوا عليها أنّه ليس من الإنس، لكنّها رفضت، فكيف تتزوج في غياب أبيها ؟ وهي تفضّل الموت على أن تفعل شيئا مثل ذلك ،لكن إخوتها ضربنها حتى أغمي عليها ،وفي الليل وضعنها على حمار أبيهنّ ،وحملنها لدار سعيد الجان، ثمّ فتحن الباب، ورمين بها هناك كالكلب ،ثمّ رجعن ،وقد إسترحن من كثرة الجدال معها ،ثمّ إتفقن أن يقلن لأبيهنّ أنّها خرجت دون علمهن ،ولا يعرفن أين ذهبت ،وهي من سرق كلّ المال الذي أعطاه لهنّ ،وأعجبتهنّ كثيرا هذه الفكرة ..

يتبع الحلقة 2

حكاية #سعيد_الجان_وقُميرة_البان

عن قصص حكايات العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق