مكتبة الأدب العربي و العالمي
يحكى في قديم الزمان وفي بلاد بعيدة كان يعيش شاب فقير يعمل حطابا
….. يحكى في قديم الزمان وفي بلاد بعيدة كان يعيش شاب فقير يعمل حطابا يخرج الي الغابة كل يوم مع شروق الشمس ولا يعود حتى تغيب محملا بالحطب ليبيعه لأهل القرية ليستدفئوا به ويعيش بمكسبه البسيط وذات يوم وهو عائد للقرية من الغابة سمع صوت غناء آت من ناحية النهر وضع الحطب عن ظهره وإتجه ناحية الصوت كأنه ينجذب بقوى خفية لا يدرك ماهيتها
كان صوت غناء لم يسمع مثله من قبل وكأنه يأتي من عالم آخر إقترب ووجد فتاة غاية في الجمال نائمة على حافة النهر ساقيها داخل المياه تلهو مع بعض الأسماك والحيوانات بالورود وهي تغني ترتدي فستانا أبيضا شفافا بعض الشئ واضح عليه الفخامة مزين بفصوص من الألماس تعكس جميع ألوان الطبيعة حولها يغطي جسدها الرشيق المدود وكان شعرها الكثيف الناعم مفروداً بعشوائية جميلة ويسقط علي ليخفي نصف وجهها المنمق
إقترب الحطاب منها أكثر فإنتفضت وقامت ونظرت إليه بفزع إعتذر لها عن إخافتها ونظر لوجهها الجميل الملائكي .وهي تعيد شعرها الي الخلف بتوتر متأكداً أنه لم يرها من قبل في القرية فهذا الوجه إن رآه مرة من قبل لم يكن لينساه أبدا
ولكن تلك الغابة لا يدخلها إلا أهل قريته فلا توجد قرى أخرى قريبة من الغابة جلس بجانبها بود وازاح خفها وظلا يتحدثان ويضحكان حتى غابت الشمس وإنعكست أشعة القمر على النهر فقاما يلهون في الغابة على الضوء الفضي الفاتن وأخذته لأماكن جميلة لم يرها من قبل كأنها تدرس مخابئ تلك الغابة ودهاليزها
مرت ساعات وساعات وهما لا يشعران بالوقت حتى إقترب شروق شمس اليوم التالي فرأى من بعيد مشاعل تقترب إنهم أهل القرية يبحثون عنه وينادون بإسمه إنتفضت هي واقفة مذعورة وجرت فجأة من أمامه حتى إختفت بين الأشجار الكثيفة في ظلام الليل.. حاول اللحاق بها ولكن دون جدوى….
وجده بعض رجال من أهل القرية اللذين خافوا أن يكون قد أصابه مكروه لأنه لم يعد الي كوخه ورحل معهم تاركاً قلبه مع فتاة الغابة الفاتنة ظل يوميا يدخل الي الغابة باحثا ليس عن الحطب بل عن الفتاة التي لا يعرف لها عنواناً ولا يعرف لها إسما صورتها لا تفارق عينه وأصبح عاشقها المجنون إبتسامتها ضحكاتها.. كلامها مزاحها كل ماحدث في تلك الليلة أصبح هو كل ذكرياته..
ظل يبحث عنها ويصفها لأهل القرية كلهم ربما كانت بنت أحدهم أو هناك من يعرفها ولكن بلا جدوى شهور مرت وهو على هذه الحال حتى إعتقد أهل القرية أنه جن من مكوثه ليلاً في الغابة بمفرده لوقت طويل وحدث لعقله مكروه..
وذات يوم وكعادته وهو يحمل الحطب إقترب من النهر عند أول مكان رآها فيه وجلس يحدث الماء كالمجنون:ألم تكن معي يوما هنا إشهد أنت أيها النهر لقد أصبحت كالمجنون
أشك في عقلي لا يمكن أن تكون قد تبخرت
لم أعد أرى من نساء الكون غيرها أبحث عن وجهها في الوجوه عن صوتها بين الأصوات لقد أحببت فتاتك الجميلة ومستعد لدفع عمري ثمن أن أجدها ليلة أخرى إني أحبها بجنون شعر بصوت أنفاس مصحوب ببكاء إستدار فجأة فرأى خيال فتاة تركض ركض وراءها حتى لحقها إنها هي الجميلة المذعوره كانت تبكي
#الحطاب