مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية حورية و إبن السلطان من الفولكلور السّوري الأميرة تعثر على أبيها (حلقة 5 والأخيرة )

احمد حميدي

أعدّ الخاقان موكبه ،ثمّ قصد دمشق ليرى هل تلك الفتاة حورية ابنته أم لا ؟ ورغم أنّه تزوّج كثيرا من الجواري إلا أنّه لم يرزق سوى الذكور ،والآن قد كبر وشاخ ،وتمنّى لو أنّ قصّة الفتاة صحيحة، فستكون هديّة من الله في شيخوخته .لمّا إلتقى الخاقان مع سلطان دمشق، أخبره بالغاية من مجيئه ،فابتلع الرّجل ريقه ،فهو الآن في موقف محرج ،ولم يجد بدّا من أن ينادي حورية، فهي الوحيدة التي تعرف كيف ستحلّ هذا المشكل الذي وقع فيه !!! ولمّا دخلت الفتاة قاعة العرش ،وجدت شيخا أبيض اللحية ينظر إليها بدهشة، ثم طلب منها الإقتراب ،والجلوس في حجره ،وقال لها :أريدك أن تخبريني كل شيئ عن نفسك !!! فقالت له إن أباها كان أصغر سنّا من أمّها ،وفي البداية هما لا يتكلمان سوى اللسان التّركي ،ثم تعلّما لغة العرب ،بعد ذلك سألها بلهفة ،وماذا كانت تقول لك أمّك في صغرك عند النّوم ؟ فقالت :أذكر أنها كانت تنشد :

نامي يا صغيرة
ستكبرين في الرّخاء
أبوك سلطان الفيافي والجبال
وأمك أحلى أميرة

فحضنها بين ذراعيه ،وقال :أنا من ألّفت هذا الشّعر لأنشده لك قبل نومك، ولا يعرفه سوى أنا وأمّك كوسم خاتون ،ثمّ قبّلها في جبينها ،وتعالت الصّيحات والتّكبيرات في قاعة العرش، ثم سار موكب الخاقان في شوارع دمشق ،وحورية بجانب أبيها ،وخرست جميع الألسن الخبيثة ،أمّا أخوها فأراد بيع الدّار والماشية، والفرار مع زوجته ،لكن لم يجد من يشترى منه ،فأخذ المال ،وهرب ،فجاءت حورية ،وأخذت كلّ أملاك والديها ،وبدأ أخوها ينتقل من مكان إلى آخر حتى نفذ ماله ،فتركته امرأته، ورجعت إلى دار أبيها مع أبنائها ،وهي تلعن اليوم الذي رأته فيه ،وندمت أنّها لم تتقرب من حورية، فماذا ربحت من العداوة معها ؟ أمّا الأمير عماد الدين، فسأل حورية :كيف خطر على بالك أن تقولي أنّك إبنة طرخان ؟هل كنت تعلمين شيئا عن ذلك؟
أجابت الأميرة :لقد كانت أمّي تخفي كلّ شيئ هي وزوجها ،واتّخذت لنفسها إسما عربيا ، ورغم أنها كانت تحاول تقليد البسطاء إلا أنّ تصرفاتها تدلّ أنّها عاشت في أحد قصور التّرك، وأوّل شيئ جاء في بالي هو طرخان، وأمره مشهور بين العرب ،يا لها من قصّة غريبة ،لقد إدّعيت أنّي إبنته أمام الخاصّة لكي يرحّبوا بزواجك منّي، لكن إتّضح أنّها الحقيقة، وردّ الله كيد الحاسدين في نحورهم .أجاب عماد الدين : حقا !!! من كان يتصوّر ذلك ؟ فما حصل معك أعجب من الخيال ،لكن أنا أحببتك من كلّ قلبي، وليس مهمّا عندي أن تكونين ابنة راعي أو سلطان، فالإنسان بعقله وتدبيره ،وليس بأبيه ،ألست على صواب ؟ أجابته وهي تهزّ رأسها: من المأكّد أنّ كثيرين من النّاس لن يقتنعوا برأيك !!!
أحد الأيّام كانت حورية توزّع الطعام كعادتها يوم الجمعة ،وفجأة رأت فتى ممزّق الثياب نتن الرائحة يمد يده ،ولما نظرت إليه عرفته فقد كان أخوها ،ولكنها لم تشمت به فأعطته مالا ومأوى، لكنه قال: لم تربحي بعد ،سترين ما أفعله بك كن عليك أن تخلصي منّي لما سنحت لك الفرصة !!! فبسببك خسرت كلّ شي ،ثم أخذ خنجرا سقاه بالسّم وقال في نفسه: حين آراها سأطعنها طعنة لن تنجو منها ،لكنه حين أراد إخفاء الخنجر في كمّ ثوبه ،جرحه ،فصاح بألم :لقد أعماني الطّمع ،وتعلّم قلبي القسوة، وأنا أستحقّ ما يحصل لي من عقاب الله ،سامحيني يا أختي ،فالآن عرفت قيمتك …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق