مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية جلجامش ونبتة الخلود من الأدب السّومري مخلوق جبار لمنافسة الملك (حلقة 1 )

تقديم
ملحمة جلجامش ( أكادية ) هي اسطورة او ملحمة شعرية من العصر السّومري وصلت لنا في 12 لوح من الطين في صيغتها البابلية النمطية standard أما الأصلية فلم يبق منها إلا خمسة ألواح تشكّل نصوصا متفرّقة ،،وتعتبر هذه الملحمة اقدم عمل أدبي عظيم وصلنا حتى الآن. ودُونت خلال الألفية الثانية ق.م. في بلاد الرافدين ،وتدور حول رحلة جلجامش – ملك مدينة اوروك السومرية للبحث عن الخلود ، وتعرف المدينة الآن باسم الوركاء. وورد ذكرها في التوراة بصيغة ארך ارك وفي المصادر الاغريقية باسم Ορχόη اورخوي .تقع اثارها الآن على نحو 220 كلم جنوب شرقي بغداد .
الحكاية
بعد أن خُلق جلجامش، حباه شمش -وهو اله الشمس, وكان عندهم اله العدل والشرائع- بالحسن, وخصّه أدد -وهو اله الرعود والعواصف والأمطار- بالبطولة. وجعل الالهة العظام صورة جلجامش كاملة. كان طوله أحد عشر ذراعاً وعرض صدره تسعة اشبار. ثلثان منه اله, وثلثه الباقي بشر, وهيئة جسمه لا نظير لها. وسلاحه لا يصده شيء. لكنه كان ظالما ،ولم يترك ابناً لأبيه, ولا عذراء لحبيبها ليلة عرسها، ولم تنقطع ويلاته عن الناس ليلا نهار،فأكثروا من الشّكوى والتّذمر للآلهة، واخيراً استمع انو إله السماء الي شكواهم, ودعا ارورو العظيمة إلى مجلسه ،وقال لها : يا ارورو، انت التي خلقت هذا الرجل بأمر انليل, فاخلقي الآن غريماً له يضارعه في قوة القلب والعزم ،وليكونا في صراع مستديم، لتنال اوروك السّلام والرّاحة.
ولما سمعت ارورو ذلك تصوّرت في بالها مثيلاً أو صورة لأنو ،وغسلت يديها ثمّ أخذت قبضة طين ،ورمتها في البرية،فخلقت في البرية انكيدو الصنديد القوي يكسو جسمه الشّعر, و، جدائل شعر رأسه كشعر الالهة نصابا – الهة الغلة والحبوب. لا يعرف الناس ولا البلاد ولباس جسمه مثل سموقان – اله الماشية. ومع الظباء يأكل العشب، ويرد الماء مع الحيوان .وحدث أن صياداً التقى به عند الماء. رآه الصياد فامتقع وجهه من الخوف وبعد ذلك أبصره الصياد يوماً ثانياً وثالثاً عند سقي المياه لقد دخل انكيدو والفه من الحيوان الى مرابع صيده فخفق قلب الصياد وامتقع لونه ودخل الرعب قلبه وصار وجهه كمن أنهكه السفر البعيد. هرع الصياد الى أبيه ليقول له: يا أبي! رأيت رجلاً عجيباً انحدر من المرتفعات. أنه أقوى من في البلاد, وذو بأس شديد, وهو في شده بأسه مثل عزم انو انّه يجوب السهول والتلال ويأكل العشب ويرعى الكلأ مع حيوان البر ،ويشرب معها. لقد ذعرت منه فلم أقو على الاقتراب منه. لقد ملأ الأبار التي حفرتها, وقطع شباكي التي نصبت فجعل الحيوان وصيد البر تفلت من يديّ .
ففتح اباه فاه وقال له : يا بني , يعيش في اوروك جلجامش الذي لا مثيل له في البأس والقوة, وهو في شدة بأسه مثل عزم انو. فاذهب الى اوروك وانبىء جلجامش عن بأس هذا الرّجل ،وليعطك بغيّا تصحبها معك ودعها تغلبه وتروضه وعندما يأتي ليسقي الحيوان من مورد الماء ،دعها تخلع ثيابها وتكشف عن مفاتن جسمها ،فاذا ما رآها فانّه سينجذب اليها وعندئذ ستنكره حيواناته التي شبت معه في البرية .فذهب الصّياد الى اوروك ،وحكى القصة لجلجامش. فوافق جلجامش وارسل معه البغيّ ،وذهبا الاثنان الى المكان الذي فيه الوحش انكيدو.عندما وصل الى المكان انتظرا يومين حتى أتى انكيدو هو وحيواناته ليشربوا من البئر, فاذا بالبغيّ تبصر المارد الآتي من أعماق البراري. فهمس اليها الصياد: هيا يا بغي, اكشفي عن جسدك, لكي يتمتع بمفاتن جسمك, لا تحجمي, بل راوديه وابعثي فيه الهيام, فانه متى رآك وقع في حباثلك، علمي الوحش الغر فن- وظيفة- المرأة. ستنكره الحيوانات التي ربيت معه في البرية اذا انعطف اليك وتعلق بك.
فاسفرت البغيّ عن صدرها، وعلّمت الوحش الغرّ فنّ المرأة ،فانجذب اليها وتعلّق بها ولبث انكيدو معها ستّة ايام وسبع ليال ،ولما رجع الى حيوانات البر ، ولت عنه هاربة ،هم انكيدو ان يلحق بها ولكن خذلته ركبتاه لمّا اراد و. اضحي انكيدو خائر القوى لا يستطيع أن يعدو كما كان يفعل من قبل ولكنه صار فطناً ،واسع الحسّ والفهم. ،فرجع وجلس عند قدمي البغيّ. وصار يطيل النّظر الى وجهها ،ولما كلمته اصاخ السّمع اليها …

يتبع الحلقة 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق