مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية السّلطان وغصن الرمان من زمن الخيال مكيدة السّاحرة (حلقة 9 )!

جاء الشّيج جابر ،وقد ظهر البشر على وجهه ،وقال للسّلطان : لقد حقّقنا اليوم إنتصارا عظيما، والفضل يرجع إلى حسن تدبيرك !!! أحسّئ فرحان بالزّهو لهذا الإطراء ،فلقد كانت هذه أوّل معركة يشارك فيها ،لكنه لا ينكر أن أباه قد درّبه على الحرب والفروسية منذ نعومة أظفاره ،ولم يكن من الصّعب عليه القضاء على عدوه دون أن يخسر رجلا واحدا ،قالت غصن الرّمان لأبيها : إنّها فقط الطليعة ،وجيشهم لم يصل بعد !!! نظر إليها فرحان وأضاف: الآن سيأخذون حذرهم ،ولن تنفع خدعة الخنافس الذّهبية ،وأنا أخشى من مكر تلك السّاحرة نسيمة ، لكن لماذا لا نتلف الكتاب ونستريح ؟ أو نخفيه في مكان آخر لا يعرفه أحد ؟ ردّ جابر : ألم أقل لك أنّ المؤلف حصّنه ضدّ عناصر الطبيعة الأربعة، فلا يحترق، ولا يبتلّ، أو تأكله الأرض أو تذروه الرياح ،ولا أحد يعرف ماذا يحصل لو أخرجناه من مكانه، كلّ ما يتعلق بهذا الكتاب شديد الغموض ،وقد نصح الرّاهب يوحنّا إبقاءه في مكانه .
قالت غصن الرّمان : ورغم ذلك توجد ترتيلة تجعله رمادا، لكن لا أحد يعرف مكانها أو شكلها ،يمكنها أن تكون كلّ شيئ :ورقة مكتوبة، أو نقشا على حجر أو حتى كلمات مسجوعة ،وفي البادية هناك أهازيج بلغة قديمة نتعلمها ونحن صغار، ولا أحد يعرف معناها وقبل أن تتم كلامها رأوا أعمدة الدخان تتصاعد من الغابة ،والحيوانات من أرانب وغزلان تهرب، وسمعوا دبيبا قويّا على الأرض، وكانت تلك الخنافس الذّهبية ،ولبطئها الشّديد فقد إحترق الكثير منها ،كان جابر ينظر إليها بأسى، و جرى لفأسه وبدأ يقطع الجذوع المشتعلة وساعده أهل العشيرة وفي النهاية مهّدوا لها مسربا لتخرج منه ،.قال فرحان للقوم: لقد كانت حيلة بارعة من السّاحرة ،ولم يبق لنا سوى أن نركب خيولنا ،ونخوض المعركة ،وليكن الله في عوننا !!! فعلت التكبيرات ،وأشرع الرّجال سيوفهم، ووقفوا في صفّ طويل ،ومن بعيد سمعوا قرع الطبول ،وبرزت الخيول ترفرف فوقها البنود والأعلام .
سار فرحان بفرسه نحوهم، ولمّا إقترب نزع قناعه ،ورماه على الأرض، وصاح ألم تعرفوني يا معشر اللئام ؟ أنا سلطانكم فرحان ،و كما ترون لا أزال على قيد الحياة ،أين جعفر الأنطاكي قائد الجيش؟ إن كان يسمعني ،فليخرج للقائي !!! نظر الفرسان لبعضهم، وتعجّبوا ،فمن أين يعرف هذا البدوي القائد جعفر ؟ ثم خرج إليه رجل ،وقال له: لقد عزلت السّلطانة القائد مسعود وأنا شمس الدين، فمن أنت؟ أدرك السّلطان أنّ صفية خلعت كل أعوانه ،وربما قتلتهم أو رمت بهم في السجون ،وأنه لن ينجح  في إستمالة الجيش لصفّه ،فقال له: هذه الأرض ملعونة ،فارجع أنت ورجالك ،ضحك شمس الدين حتى بانت أسنانه المعوجّة ،وقال: لا أخاف من تهديدك وسنحرق كلّ شيئ !!! فضربه فرحان، وألقى به من فرسه، فطاردته الخيل حتى إبتعدت وكانت غصن الرّمان تنظر ،وصاحت : الآن !!! وانقضّت هي وقومها على الخيل، وأبادوها بالسيوف والسّهام ،وفرّ المنهزمون وهم يتعوّذون من شدة بأس هؤلاء البدو .
سمعت السّاحرة نسيمة بما حصل ،فاشتدّ غضبها ،وتمتمت هؤلاء أخبث ممّا كنت أتوقّع ،وحين علمت أنّ أحدهم سأل عن القائد جعفر الأنطاكي، أخذت تفكّر ،فأهل البادية لا تعرف أخبار القصر ،وهذا الرّجل مؤدّب السّلطان وذو فطنة وعقل ،ثم قالت في نفسها :التّفسير الوحيد أن يكون ذلك الفارس هو فرحان نفسه ،لكن ما شأنه بهؤلاء ؟ ثم ضربت رأسها بيدها، فالخيمة التي سرقت منها الرّضيع لا تبعد كثيرا من هنا ،إذن هو أحد الحرّاس ،ولهذا السّبب يقودهم في المعركة ،فما أعجب الصّدف، لقد كنت قرب المعبد منذ خمسة عشرة سنة دون أن أدري !!! ثم إبتسمت ،وقالت :آه لو قبضت عليه حيّا فستتوقّف مقاومتهم ،وأعلم منهم أين اخفى الكهنة الكتاب . ثم نادت رجلا قصيرا ،وأعطته قصبة ،وأسهم غمستها في في سائل أ‌ييض ،ثم قالت له :سهم واحد يجعل فيلا ينام ملئ جفونه ،فإياك أن تخطئ ذلك اللعين فرحان ،فما حصل لنا اليوم من خسارة هى بسببه ،ولمّا تصيبه أرسل لنا إشارة وسنأتي لأخذه ،ثمّ هزّت صرّة دراهم في يدها ،وقالت له : لو نجحت فهذا المال من نصيبك…
….
يتبع الحلقة 10 والأخيرة

قصص زمان حكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق