مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية #السلطان_وغصن_الرّمان الجزء الرابع حرّاس المعبد القديم (الحلقة 4 )
لمّا توسّط الرّجلان الخيام، خرج لها شيخ حسن الهيئة، تبدو علية القوّة رغم سنّه ،ورحّب بهم ،ثم أدخلهما عنده ،ونادي إمرأته وبناته ليعدّوا الطعام والشراب للضّيفين ،إلتفت السّلطان حوله ،فرأى كتبا مرصوفة في جانب الخيمة ،فتعجّب من إهتمام ذلك البدوي بالقراءة ،ثم وضع الوزير صندوق الهدايا أمام الشيخ جابر، قال له : لقد رأى مولاي إبنتك غصن الرّمان ،وأحبّها لبساطتها ،و جاء لطلب يدها ،ردّ الشّيخ : والله كان بودّي، لكن من عادتنا أن لا نزوّج بناتنا إلا لأبناء العشيرة!!! قاطعه الوزير ،وقال له :ويحك يا رجل !!! كيف ترفض طلب مولاك ؟ ردّ جابر: أنت لا تعلم شيئا ،فنحن نحرس هذا المكان منذ مئات السنين ،ولقد أقسمنا كلنا على حفظ أسراره ،ولذلك فنحن لا نحبّ الغرباء ،هل فهمت يا شيخ محمّد ؟ فوجئ الوزير بهذه النّبرة الحادة ،وأراد أن يتكلم لكن السلطان أشار له بأن يسكت ،ثم قال للرّجل :لست مستعجلا ،وغصن الرّمان لا تزال صغيرة ،ظهر الإرتياح على جابر سيّد العشيرة وانبسطت أساريره ،ثم فتح الصّندوق، وأخذ يقلّب في الهدايا ،ويبدي إعجابه بها ،أما الوزير فتميّز غيضا منه ،فكيف يرفض طلب السّلطان ؟ ولا يخجل من أخذ هداياه ؟ لكن الشّيخ قال :لقد جاء هذا المال في وقته ،فنحن سنقدم قربانا ولنا أضرحة ومزارات سنقوم بترميمها .
أدرك فرحان أنّ وراء هذه العشيرة سرّا كبيرا، وليسوا مجرّد بدو كما كان يعتقد لما رأى الخيام والماعز ،وتذكر أنّ النقوش التي رآها على الوشاح لم ير مثلها ولا يمكن أن تكون من فعل بنت بدوية ،لكن من هؤلاء ؟ لا بدّ من معرفة ذلك ،حتى ولو طاف في البراري، وسأل جميع الناس في مملكته. في هذه اللحظة دخلت غصن الرّمان، ومعها أخواتها، وهن يحملن على رؤوسهنّ قصاع الطعام ، ورمق جابر إبنته فرآها تبتسم للسلطان ،فعرف أنّها تحبه ،وتظاهر بالابتهاج بها ،وبعد إنصراف الضّيوف سيعرف ماذا يقول لها ،أكل الجميع ،وبعد ذلك حضر الشّاي بالبندق ،فشربوا ،وبعد ذلك شكر السلطان الشيج جابر على كرمه ،ثم إنصرف ،وهو مندهش ممّا رآه ،وسمعه ،ولمّا إبتعدوا رأوا بدويا ،ومعه إمرأته على ظهر حمار، فاقترب منه فرحان، وقال له: هل تعرف الشيخ جابر ؟ أجابه :ومن منا لا يعرفه؟ إنه رجل جليل واسع العلم ،فهزّ السّلطان رأسه ،وقال :ليس هذا ما أريده ،بل ما يخفيه وراءه من أسرار !!! ظهر الخوف على البدوي ،وأراد الإنصراف، لكن الوزير رفع صرّة من الدّراهم أمامه ،فظهر عليه الطمع ،ثم همس : يقال والله أعلم أنّ أجداد جابر كانوا في خدمة قسّ نصراني إسمه يوحنّا ،وذات إكتشفوا شيئا في خربة قديمة ،وأرادوا بيعه ،لكنه أوصاهم بارجاعه ،وطمر المدخل بالحجارة ،ومن ذلك اليوم وهم يحرسون ذلك المكان ،وقد مات كثير من الباحثين عن الكنوز بطريقة غريبة ولم يبق منهم سوى جلود جافة .
ولقوم جابر طقوس يقومون بها كل شهر،وكلنا نخاف منهم ،فهم لا يخطئون الرّمي وبارعون في القتال و،يتعلمون ذلك منذ نعومة أظافرهم ،والآن هات الصّرة ،وأنصحك بالإبتعاد عنهم ،فكلنا هنا نسمّيهم الحرّاس ،والآن سأذهب ،ثم إبتعد مسرعا وهو يتتفت وراءه كأنه يخشى من شيئ .قال الوزير محمّد للسّلطان :هل ما زلت تريد الزواج من غصن الرمّان بعدما سمعته عن قومها ؟ فنحن لا ندري ما يخفونه ،وما يفعلونه في طقوسهم ،أنصح مولاي أن يختار جارية جميلة ،ويتزوّجها ،وسأقودك إلى ضيعتي وهي مليئة بالعبيد ،والخدم المخلصين ولن يجرأ أحد على المجيئ إلينا ، وستبقى هناك حتى نقبض عن المتآمرين !!! قطّب فرحان جبينه ،،قال إني أحبّ غصن الرّمان، وسأتزوّجها رغما عن أنف أبيها ،ولا يهمّني ما يخفيه عن الناس ،وجم الوزير ،ولم يعرف ماذا سيقول له …
…
يتبع الحلقة 5
من قصص حكايا العالم الاخر