نشاطات
الجزء الخامس الوشم الغريب حلقة 5 حكاية #السّلطان_وغصن_الرّمان
جلس السّلطان ليأكل ،وفجأة تسلّلت حيّة رقطاء من وراء الأشجار ،ولدغته في ذراعه ،فخاف الوزير، ولم يجد من حل ّسوى أن يركبه على حصانه ،ويركض به لقبيلة غصن الرّمان ،ولمّا وصل أدخله للشّيخ جابر لخيمته، ثمّ خلع قميصه ،فرأى على ظهره وشما تعجّب منه كثيرا ،لكنّه تمالك نفسه ،وجرح مكان اللّدغة ،وأخرج السّم ،بعد قليل جاءت غصن الرّمان ،وفي يدها دواء صنعته من الأعشاب ،فشربه فرحان ثمّ أغمض عينيه ،ولم يعد ييحسّ بشيى ،في المساء أرسل جابر في طلب امرأة عجوز ،فجاءته وهي تقطب جبينها ،وسألته ألا يمكنك الإنتظار ،فقدري على النار !!! قال لها :أنظري إلى الوشم الذي على ظهر الفتى فهل هذا من عملك ؟ ألقت العجوز نظرة خاطفة ،ثم أجابت :نعم ،لكن لماذا تسأل ؟ أجابها : الفتى ليس من عشيرتنا ،ونحن فقط من نحمل ذلك الوشم ،فهل لديك تفسير ؟ فتحت العجوز فمها من الدّهشة ،وقالت : لا أعلم ،فربّما غادر العشيرة ،ثم قرّر في أحد الأيام الرّجوع ،لكن جابر أجابها : لو حدث ذلك لسمعت به !!!
قالت العجوز :لم يبق سوى أن يكون قد خطف لما كان صغيرا ،فالنّخاسون لا يتركون أحدا في حاله ،وقبل أن تتمّ كلامها ،ضرب جابر على جبينه ،ثمّ قال : قبل خمسة عشر عاما إشتكت لي راعية أن ولدها قد خطف لمّا كانت تسحب الدّلو من البئر، ولم تره بعد ذلك ،فهل هو نفس الشخص ؟ قالت العجوز : والله كلّ شيئ جائز ،لكن أخبرني من الفتى؟ أجابها : مولاك فرحان بن حبيب سلطان هذه البلاد ،قالت العجوز :حقا هي حكاية عجيبة لا تخطر على بال أحد ،دون شك هذا الفتى من أبناءنا ،لكن نحن الآن في ورطة ، وأنت تعرف القواعد ،لا أحد منا يغادر العشيرة ،وكلنا ننذر حياتنا لحراسة المعبد ،حكّ جابر ذقنه ،وردّ عليها :لن يخرج السّلطان من هنا ،وسأزوّجه غصن الرّمان ليبقى معنا ،بعد قليل أفاق السّلطان ،فوجد البنت جالسة تحملق فيع ،ولمّا رآها ظهرت على شفتيه إبتسامة شاحبة ،وسألها :كيف تركك أبوك هنا بجانبي ؟ أجابته بفرح : لأنّه قرّر أن نتزوّج ،ونعيش معا هنا !!!هزّ فرحان رأسه ،و قال: لكنّي غريب عنكم ،وأجهل عاداتكم.
في هذه اللحظة دخل جابر ،وفي يده قلة من نبيذ التّمر ،ثم ربّت على كتفه وقال له :لقد حدث شيئ لا يصدّق ،ثم بدأ يروي له قصّة الرّضيع الذي فقدته أمّه والوشم الذي على ظهره ،لكن السّلطان ضحك ،وقال : هذا لا يمكن ،وهو من خيالك ،لكن جابر ردّ عليه :ذلك الوشم نعمله في اليوم العاشر من ميلاد الرضيع ، فلا ينفع فيه السّحر ولا تصيبه الأمراض ، ولولاه لقتلك سمّ الحيّة من حينه !!! تعجّب فرحان ،وتذكّر أنّ وباء الجدري ظهر بالمملكة لمّا كان صغيرا ،ومرض النّاس حوله إلا هو ،ولم يعرف أحدا السّبب ،لكن ذلك لم يكن كافيا لإقناعه ،فلماذا يخطفه أبوه السلطان ، وعنده عشرات الجواري الحسان ،لم يجد الفتى تفسيرا لأسئلته ،وما يعنيه من كل ذلك، المهم سيتزوج من الفتاة التي يحبها ،أليس هذا ما كان يريده ؟ أحس فرحان أنه أحسن حالا وشرب من نبيذ التمر فانتعشت روحه ،وسمع الوزير أن سيده قد أفاق فجاء يجري ،وتعجّب لما رآه في صحّة جيدة ،وقد إندمل الجرح ،ولم يمض عن لدغة الحيّة سوى ساعة ،وزاد تعجّبه لما رأى فرحان يمسك يد غصن الرّمان، وأبوها واقف بجانبها ،وتساءل ماذا يعني كل هذا ؟
لمّا فهم الحكاية صمت ،ولم يقل شيئا ،فقد كان يعلم شدّة خبث تلك الجارية صفيّة ،وكيف لعبت بعقل السلطان حبيب بن منصور، وجعلته يطلّق إبنة عمّه زينب ،وفجأة أصبحت الصّورة واضحة لديه ،وماذا لو كانت هي التي حاولت تسميم فرحان ؟ فهي الشّخص الوحيد التي يمكنها إعطاء السّلطان شيئا دون أن يتذوّقه الطباخ ،حتى ولو كانت تفاحة ،ومن مجرّد جارية ستصير السّلطانة لو تخلّصت منه ،لكنه لم يجرأ على إخبار فرحان ،ويجب أن يتأكّد الأوّل، فاستأذن في الذّهاب إلى المملكة ليرى ما يحصل ،ويأتي بالمال والثياب لعرس السّلطان …
….
يتبع
من قصص حكايا العالم الاخر