في هذا العمل الابداعي ا الروائي و الذي اعتبره علامة فارقة مميزة في تاريخ الادب الروائي العربي لما حواه من فنون و ابداعات تجلت في سردية روائية قلما نجد لها مثيلا . .حيث اجتمعت في هذا العمل كل اركان النجاح و التي وظفت بشكل بديع متقن يعكس مسوى عالي من المهنية و الاحترافية في الكتابة الروائية .. كيف لا و عرابها رائد الادب العربي في الاردن د.ايمن العتوم .
موضوع الرواية يتمحور حول شخصية تاريخية فذة . مازال و سيبقى تاريخها ماثلا و خالدا الى ان يرث الله الارض و من عليها .. انه الشاعر الحكيم الفيلسوف .. ابو الطيب المتنبي.. الذي كان وما يزال يتربع على عرش مملكة الشعر العربي بلا منازع.
في هذه الرواية يستعرض المؤلف مراحل حياة المتنبي منذ نعومة اظفاره الى ساعة مقتله على ايدي حاسديه و مبغطيه من الملوك و الحكام و الامراء في زمن الدولة الحمدانية .. تلك المراحل التي عاش فيها المتنبي صنوف من حالات التنقل و السفر الى كثير من الاصقاع ، لاقى فيها الكثير من الاهوال و المتاعب و كانت حياته دوما مهددة بالقتل و عاش كذلك لسنوات في بلاط الملوك و السلاطين يمدح و يهجوا بعضهم ، كان فارسا مغوارا حارب مع سيف الدولة و ابلى بلاء حسنا طامعا في حكم ولاية من ولايات الدولة الحمدانية .
استعرض الكاتب في الرواية نماذج لاشهر ما نظم المتنبي في المديح و الهجاء و الغزل و استنهاض الهمم في المعارك .
شخصيات الرواية تمثلت في المتنبي و ملوك و سلاطين و حكام تلك الحقبة التاريخية الذين كانوا يطمعون من المتنبي ان يمدحهم بشعره الذي تمييز و تفوق على شعراء عصره .
تميزت هذه الرواية بحبكة رائعة قلما نجد مثيلا لها و كان واضحا جليا عنصر التشويق الذي يشد القارئ من اول سطر في الرواية الى اخر كلمة فيها .. و التراتبية المتقنة في سردية الرواية التي لا تدع للقارئ اي مجال الى ان يتيه في احداث و تفاصيل الرواية ، اتبع فيها الكاتب اسلوب المبدعين من رواد الكتابة .. وهو اسلوب السهل الممتنع .. بعيدا عن مجازية مبهمة الفهم و عن طلاسم مفردات عفا عليها الزمن ،
شكل موضوع الرواية سردا تاريخيا لحياة المتنبي في ظل الدولة الحمدانية و الصراعات و الحروب التي احتدمت بين حكام و امراء ولايات تلك الدولة و دور المتبي البارز و المهم في موالاة بعض الحكام و مخاصمة بعضهم ، و لحياة البؤس و الشقاء التي عاشها المتني و الحياة الرغيدة السعيدة التي عاشها مع بعض الحكام و الولاة و الهدايا و الاموال الوفيرة التي اغدقوها عليه. و ربما تكون رحلة هروبه من مصر خوفا من بطش كافور الاخشيدى واحدة من اهم محطات هذه الرواية لما تخللها من احداث جسام لاقى فيها المتنبي الكثير من الاهوال المهلكة .
قرأت الكثير من الادب الروائي العربي لاعلام و رواد برزوا على الساحة الادبية الروائية ، لكن .. هذه الرواية بكل صدق تمييزت بشكل صريح و بديع على الكثير من الاعمال الروائية العربية .
لا يسعني في ختام هذه القراءة الموجزة للرواية إلا ان اشكر الدكتور ايمن العتوم على هذه الرواية البديعة متمنيا له مزيدا من التقدم ووالنجاح .
محمد ابو حسين