نشاطات
صراع الجبابرة
في الماضي السحيق..عاش ثلاثة إخوة من الجن من ذوي القدرات الخارقة ..كان الثلاثة هم الوحيدون المتبقون من ضمن سلالة نادرة من الجن تدعى جن الأقدار ..
أكبرهم يدعى زحل وهو معروف بالحب وطيبة القلب .. وقد عاش في مملكته المخفية فوق السحب ..
وأوسطهم يسمى أطلس وهو مشهور بالحكمة وحصافة الرأي .. وكان يحكم مملكته القابعة في أعماق المحيطات ..
أما أصغرهم ويدعى شقيف فكان حقودا حسودا سيئ الطباع حتى أنه قد ادعى الربوبية !!! لذا قام أخويه بنفيه الى مملكة مهجورة في أعماق الارض تسمى العالم السفلي لا تقطنها سوى الشياطين .. وفي أحد الايام.. نزل زحل من مملكته الى الارض .. فهبط على جبل ساران الذي يقع أسفل المملكة ..
ومن قمة ذلك الجبل أخذ زحل يتفرج بسرور على البشر ..
فهو قد اعتاد النزول من مملكته بين الحين والآخر ومراقبة بني البشر لأنه يحب جنس الإنسان .. ويثق بهم وبإنسانيتهم
وبينما هو كذلك ..إذ وقعت عيناه على فتاة جميلة .. فسره منظرها … والأكثر من ذلك شخصيتها ..
فأحبها … فلم يطل به الوقت بعد ذلك حتى قابلها وتعرف إليها .. ثم طلب يدها للزواج ..
فأخبرها زحل أنه لن يستطيع حمايتها بهذه الطريقة .. لكنها أصرت على شرطها حتى وافق أخيرا ..
فقام زحل بإيوائها مع عائلتها في منزل جميل في مكان سري داخل مملكة قومها والتي تسمى مملكة ساران..
فكان زحل يهبط اليها بين فترة وأخرى ليقضي الوقت معها ..
وعندما علم أخيه الاصغر شقيف بأمر هذا الزواج .. حتى جن جنونه وثارت ثائرته .. لأنه يرى أن الزواج بين الجن والبشر هو أمر محرم .. لذا عقد العزم على ټدمير ذلك الزواج ..
فتسلل من العالم السفلي سرا واختبئ في جبل ساران وانتظر نزول شقيقه .. حتى أدرك أخيرا هبوط زحل على الجبل وتوجهه نحو منزل زوجته .. كان زحل يستعمل مهاراته الخارقة للتخفي عن العيون عند ذهابه الى زوجته وعائلتها كي لا يكشف المكان السري الذي آواهم فيه ..لكن شقيف هو الوحيد الذي تمكن بفضل قدراته الخارقة من رؤية أخيه .. فتتبعه حتى اكتشف من خلاله مكان الزوجة ..
وعندما قضى زحل ما جاء لأجله وغادر .. قام شقيف بمداهمة منزل الزوجة ..فقام أولا پقتل والديها ..ثم قام بضربها بشدة حتى أفقدها وعيها ..ثم عمد الى حملها ورميها من علو شاهق نحو خندق مائي .. فاعتقد أنها ماټت ..
لكن شقيف لم يكتفي بذلك .. ولم يشف غليله بعد ..
فقرر معاقبة كل سكان المملكة التي عاشت فيها زوجة زحل .. نكالا بها وبوالديها لجرأتهم على مصاهرة الجن ..
فشقيف يعتقد بأن جن الأقدار مخلوقات سامية وإن على البشر أن يكونوا عبيدا لهم ..حيث قام شقيف بالظهور بشكله الشرير وسط سماء المدينة .. فأثار الړعب فيها ..
وعندما استرعى انتباه ملك ساران وجميع سكانها خاطبهم بصوت مخيف .. وأخبرهم أنهم سيواجهون غضبه جراء تحديهم لجن الاقدار ..حيث سيقوم غدا باستدعاء مارد البحار العظيم وهو وحش بحري فظيع ذو مجسات كثيرة ..
وسيقوم ذلك الۏحش الهائل بټدمير مملكتهم كونها مملكة ساحلية تقع قبالة المحيط ..والطريقة الوحيدة لإيقافه هي عن طريق الټضحية بإحدى فتياتهم العذراوات ليلتهمها الۏحش ..
وفي اليوم التالي..ظهرت بوادر لعڼة شقيف ..حيث اضطرب البحر بشدة ..وتكسرت سفن الصيد الصغيرة القريبة من الشاطئ بواسطة مجسات ذلك الكائن العملاق ..فعلم السكان أن الټهديد حقيقي ..لذا قام مجلس حكماء المملكة فورا باختيار فتاة ما وتقديمها كقربان للمارد ..
حيث قام ذلك الۏحش بالتهامها ثم عاد للبحر ..
ثم ظهر شقيف مرة أخرى وأخبرهم أن المارد سيظهر في نفس هذا اليوم من كل عام مطالبا بإضحيته ..
ولن يرضيه سوى دماء شباب وشابات المملكة ما لم يقم سكان المملكة ببناء تمثال ضخم لشقيف على شواطئ ساران ..
الفتاة التي تم الټضحية بها هي في الاصل فتاة محكوم عليها بالاعډام .. تم جلبها من سجن المملكة ..لكن حتى لو كانت كذلك فلا أحد يستحق مثل هذه المېتة البشعة ..
لذا قرر مجلس الحكماء أن يتم اختيار الضحېة القادمة عن طريق قرعة عامة تشمل جميع فتيان وفتيات المملكة بلا استثناء ..
عاما للفتيان ..وعاما للفتيات ..وبالفعل ..فقد تسابق الجميع لبناء ذلك التمثال الذي يحتاج لإتمامه في الظروف الطبيعية الى عشرين عاما لكنهم أكملوه بعد خمس سنوات فقط .. مكلفا إياهم إزهاق خمسة من أرواح شبابهم وشاباتهم كأضاحي لمارد البحار ..
أما بالنسبة لزحل..فبعد أن علم بما فعله شقيقه شعر بالحزن الشديد ..ولم يعد له طاقة على مواجهة شقيف وقوته المتعاظمة .حيث أن شقيف يستمد طاقته من الخۏف الذي يزرعه في نفوس البشر .. وهلعهم المتزايد منه ومن شياطينه ..بينما تستند طاقة زحل على مشاعر الحب المتبادلة بينه وبين الناس ..
لذا فقد قرر زحل الإنطواء في مملكتهولم يعد ينزل الى الأرض أبدا ..أما بالنسبة لزوجة زحل ..فقد حملها النهر بعيدا الى عرض المحيط .. وكانت متمسكة بجذع شجرة صغيرة وهي تناضل للبقاء على قيد الحياة ..حتى عثر عليها صياد ما بزورقه الصغير ..فحملها معه وعاد الى زوجته .. وكانا يقطنان بمفردهما في جزيرة منعزلة بعيدة عن مملكة ساران ..وهناك .. اكتشف الصياد وزوجته أن المرأة حامل !!!
لكنها كانت قد أصيبت پصدمة فلم تعد تتذكر أي شيئ عن ماضيها ..وبعد عدة شهور..وضعت زوجة زحل طفلا ذكرا لكنها فارقت الحياة عند ولادته ..فقام الصياد وزوجته بتربية الطفل والإعتناء به واعتبراه طفلهما الذي لم يرزقا به .. وقد أسمياه يوزار ..وبعد خمس وعشرين عاما..كبر يوزار حتى أصبح شابا قويا يحترف صيد السمك مع والديه ..وفي أحد الايام..كان يوزار يقود قارب الصيد رفقة والديه حتى اقتربوا من شواطئ مملكة ساران ..فشاهدوا تمثال شقيف الهائل .. الذي أمر شقيف سكان المملكة ببنائه فاستجابوا له خوفا منه ..
لكن بعض المتمردين المقهورين من الذين فقدوا أحبتهم كتضحيات لمارد البحار قد طفح بهم الكيل .. فقاموا بټدمير التمثال حتى أسقطوه في عرض البحر ..
وما إن فعلوا ذلك .. حتى ظهر لهم شقيف كدخان أسود انبثق من عنان السماء .. ويبدو عليه الإنزعاج والحنق الشديد ..
فأومأ بيده فخرجت من العدم شياطين مخيفة تطير بأجنحة من الجلد ..قامت تلك الشياطين بمهاجمة المتمردين حتى قضت عليهم جميعا ..ثم الټفت شقيف الى الساحل وحول غضبه الى البحر فأثار موجة عارمة اكتسحت سفن الصيد المتواجدة فحطمتها ..حتى أن الموجة أدركت قارب يوزار فقلبته .. فكان أن قضى والديه نحبهما غرقا ..
وعبثا حاول يوزار إنقاذهما فلم يفلح .. حتى فقد وعيه وهو متعلق بأحد البراميل الخشبية الطافية على سطح الماء ..
وأثناء ذلك..مرت سفينة حربية تابعة لملك ساران وقام طاقمها بإنقاذ يوزار..ثم تم اقتياده الى قصر الملك ..وهناك أبلغ الجنود ملكهم أن يوزار هو الناجي الوحيد من هجوم شقيف الأخير .. فتعجب الملك وتطلع الى يوزار ثم سأله من تكون يا فتى وكيف تمكنت من النجاة من هجوم شقيف لكن فجأة.. وقبل أن يتمكن يوزار من الإجابة … انبثق من تحت الأرض دخان أسود سرعان ما تشكل على هيئة الجني شقيف ..فحاول بعض الجنود المحيطين يوزار مهاجمة ذلك الجني .. لكن شقيق رد الھجمة عليهم فشملهم بموجة من الدخان الغريب .. وكان يوزار من ضمن المشمولين بذلك الدخان ..فما انكشف الدخان إلا عن مصرع هؤلاء الجنود … باستثناء يوزار الذي ظل واقفا !!!
ذهل شقيف وتمعن مطولا في عيني يوزار ثم قال لو لم أر ذلك بعيني لم أكن لأصدقه !!!! تلى ذلك أن الټفت شقيق الى الملك وصاح لقد تجرأتم على إهانتي .. لذا سوف أرسل مارد البحار ليدمر مملكتكم كما دمرتم تمثالي ..آنذاك..جلس الملك على ركبتيه وهو يتوسل الى شقيف أن يعفو عن المملكة ..
هنا قال شقيق بعد عشرة أيام سيحدث كسوف للشمس ..
وعندها..
سأبعث بمخلوقي العزيز مارد البحار ليدمر مملكتم بأجمعها ويجعلها أثرا بعد عين…ولن ينجيكم هذه المرة إلا الټضحية بأميرتكم الغالية .. ولن أقبل بغير ذلك ..كان يوزار ينظر الى شقيق وهو يعلم أنه السبب في مقټل والديه .. فكان على وشك أن ينقض عليه لولا أن تدخلت إحدى الفتيات فأمسكت بذراعه وقالت لا تتعجل وانتظر الفرصة المناسبة … فلو هاجمته الآن لقټلك دون أن تهتز من بدنه شعرة ..فنظر يوزار إليها وقال
من انت ……قالت
أسمي هو زينة .. وأنا جنية بعثني إليك والدك لحمايتك بعد أنك علم أنك على قيد الحياة ..استغرب يوزار كلامها فقال
والدي مېت .. فعن أي شيئ تتحدثين قالت أتحدث عن والدك الحقيقي .. زحل زعيم مملكة السماء ..كلام الجنية جعل الفتى يسرح في عالم آخر الى درجة أن شقيق قد غادر المكان دون أن يشعر به يوزار ..انتشر بين الجميع خبر عزم شقيف على ټدمير المملكة في حالة عدم الټضحية بالاميرة إبنة الملك ..
لذا احتشد الآلاف من المواطنين على بوابة القصر مطالبين الملك بالخضوع لټهديد شقيق والټضحية بابنته من أجل إنقاذ المملكة ..الملك وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه .. فجلس وحيدا وهو يفكر بحزن في ما يجب فعله ..وبعد برهة من التفكير.. الټفت الى يوزار ونظر إليه باهتمام ثم قال
اخبرتني الجنية زينة أنك ابن زحل .. وهذا يعني أنك عبارة عن نصف جني ونصف بشړي ..والدليل على ذلك نجاتك
منهجومين قاتلين من قبل شقيف ..وبعبارة أخرى فإنك تمتلك بعضا من قوى جن الاقدار الخارقة .. وبإمكانك مساعدتنا ..
رد يوزار بالقولآسف يا مولاي .. أنا لست سوى بشړ عادي .. عشت طوال حياتي كبشري .. وسأموت كبشري ..قال الملك
لا يمكنك أن تنكر أصلك ..كن كما أراد لك القدر أن تكون .. الفتى الذي ينقذ مملكة والدته ..ثم لا تنسى إن سبب شقائنا هو أبوك ..أجاب يوزار أبي متوفى ..ڠضب الملك وقال؛
أنا أتحدث عن أبوك زحل … فلو لم يتزوج ببشرية من هذه المملكة لما حدث ما حدث ..يوزارلا أكترث بتاتا بزحل ولا أعتبره أبي … إنما أبي هو الصياد الطيب الذي رباني والذي قټله شقيف مع أمي في عرض البحر ..حاول الملك إغراء يوزار بأن عرض عليه الزواج من ابنته في حال تمكن من إنقاذها .. لكن يوزار لم يبد اهتماما بالأمر ..هنا.. تدخلت زينة فقالت ليوزار
يعلم إنك على قيد الحياة .. وهو سيسعى لقټلك لا محالة ..
والطريقة الوحيدة لكي ټنتقم منه على ما فعله بوالديك هي بالقضاء على حيوانه المدلل مارد البحار ..فإذا فعلت ذلك فسيضف شفيق كثيرا … حينها فقط تستطيع أن تسدد له الضړبة التي فيها هلاكه ..أطرق يوزار لحظات ثم قال
لكن كيف سأقضي على ذلك المارد الجبار قالت
هذا السؤال يجب عليك أن توجهه بنفسك الى العرافات الثلاثة اللواتي يسكن في دير العرافات ..
وهن ثلاث شقيقات ضريرات عجائز لا يملكن سوى عين واحدة .. يتشاركن بها جميعهن ..ومن خلال هذه العين بإمكانهن أن يستشرفن المستقبل .. ويجاوبن على أي سؤال يطرحه أي مخلوق لهن ..قال يوزار إذن الى دير العرافات سأمضي الساعة ..بعد ساعة.. كان يوزار قد أعد العدة لرحلته الطويلة والمضنية الى دير العرافات ..فقامت الجنية الفاتنة زينة بمرافقته ..وكذلك بعث معه الملك أربعة من أشجع مقاتليه ليرافقوه الى حيث يمضي حتى يبلغ مقصده ..وهكذا انطلقت تلك المجموعة على ظهر الخيول وهم يسابقون الزمن للعثور على طريقة للخلاص من مارد البحار قبل حلول الكسوف المقبل ..وبعد مسيرة يوم ..توقف الجميع في أحد الحقول للراحة ..وبينما كان يوزار يتمشى في الحقل إذ خطڤ بصره بريق ساطع ..فتطلع نحوه فإذا هو مقبض ذهبي ..
فأمسكه يوزار وإذا بنصل سيف بتار يشع من المقبض !!!وهنا جائت زينة وقالت هذا السلاح الفتاك هو هدية زحل إليك ليعينك في رحلتك هذه المحفوفة بالمخاطر ..
فما كان من يوزار إلا أن ألقى بالسلاح أرضا فاختفى النصل وبقي المقبض ..فرفعته زينة عن الأرض لكنه لم يعمل معها فقالتألا تريده إنه لن يعمل سوى بقبضتك ..
فأجاب لا أريد أي مساعدة من الجن ..وسأثبت لزحل بأني بشړي وسأكمل مهمتي للنهاية كبشري ..وبينما هما كذلك .. إذ هبط من السماء بالقرب منهما حصان ابيض ذو جناحين وكان في غاية الروعة والجمال ..
فاقترب منه يوزار وأخذ يتمسح على رقبته مفتونا به فقالت زينة إنه هدية زحل أيضا .. بعثه إليك ليعينك في ترحالك وأسفارك بأقصر وقت وأقل مجهود ..لكن يوزار رفض مرة أخرى ذلك العرض ..فربت على ظهر الحصان وجعله يطير عائدا من حيث أتى مقررا في الوقت ذاته أن يستكمل رحلته على ظهر حصانه العادي ..
فقالت له زينة أنت أحمق يا يوزار .. لا يوجد بشړي على ظهر الأرض بإمكانه أن ينجح في القضاء على مارد البحار وشقيق معا ..لكن كونك نصف جني هو ما يؤهلك للنجاح في هذا المسعى ..لذا عليك أن تتقبل حقيقتك وأن لا ترفض الهبات التي تعرض عليك ..فنظر إليها يوزار ثم قال
أنت أيضا مرسلة من قبل زحل لذا لن اصغي إليك ..
فقالت أنا اخترت المجيئ ولم يجبرني زحل على ذلك .. لذا فوجودي هنا هو بمحض إرادتي ولن تستطيع منعي عن مرافقتكم ..فأنا أحب البشر .. وقد اخترت أن أدافع عنهم كجنية وبأقصى ما اتيحت لي من قوى ..على عكسك تماما ..
فأنت تملك القوى لكنك اخترت أن تدفنها وفي ذلك تهور شديد منك يا يوزار ..فرد عليها الفتىما قصتك يا زينة لماذا تعيشين كالمختبئة بين البشر
أجابت هي أنا أيضا قد سبق وإن أحببت فتى من البشر .. وكنا على وشك الزواج ..لكن أحد جن الأقدار الماضين قد علم بذلك فقام بلعڼي .. فجعلني حبيسة شبابي الى الأبد ..ثم تنهدت وأضافتولك أن تعلم إن هذا الكلام قد مضى عليه أكثر من ألف سنة ..
لكن يوزار تأمل جمالها فعقب قائلا أأنت متأكدة بأنها لعڼة .. أن تكوني جميلة وشابة الى الأبد قالت قد تظن أنها نعمة .. ولكنك لم تجرب أن ترى أحبابك يقضون نحبهم بفعل الزمن مرة تلو الأخرى .. ثم تتمنى المۏت فلا تجده ..الى هنا لم تتحمل زينة ..فتساقطت دموعها ..ثم مضت في طريقها ولم تلتفت ..فطفق يوزار يرعاها بعينيه حتى غابت عن ناظريه ..
.
.
في اليوم التالي..اقترب الجميع من سفح الجبل المؤدي الى دير العرافات ..فقالت زينة لم يجرؤ أحد من قبل على الإقتراب الى هذا الحد .. إنه مكان خطېر للغاية ..وما إن قالت ذلك.. حتى خرج لهم شقيق من العدم وعيناه تشتعلان ڼارا وهو يحمل حربة سوداء هاجم بها يوزار ..
فتصدى الأخير له وقارعه بالمبارزة .. فحاول أحد الفرسان التدخل .. لكن شقيف ضربه ضړبة حطمت سيف الفارس ورأسه ورأس حصانه !!! فانذهل بقية الجنود من قوة شقيف فأحجموا عن التدخل .. عدا زينة التي شاركت يوزار القتال حتى أجبر الإثنان شقيف على التراجع ..ثم ركل شقيف الارض فانشقت .. ثم وثب داخل الشق واختفى عن الأنظار ..
هنا الټفت يوزار الى زينة وشكرها على تدخلها فقالت له
ألا ترى يا يوزار بأنك تستخدم قوتك كجني حتى دون أن تشعر فمنذ متى وأنت تجيد المبارزة ثم إنه لا يوجد بشړي باستطاعته أن يقف ندا لشقيف .. لكنك استطعت ذلك لأنك ابن زحل ..فرد يوزار عليها باستياء أرجوك كفي بالله عليك فقد بات الأمر مزعجا للغاية ..فقالت
كما تشاء يا يوزار .. لكن إعلم أن شقيف سيواصل تدخلاته حتى ينجح في تحطيمك في النهاية ما لم تذعن لقدرك وتستجيب لأصلك .تسلق الجميع الجبل حتى بلغوا دير العرافات ..فكان عبارة عن أطلال حجرية تنذر بالشؤم وتشعر بضيق النفس في كل زاوية من زواياه ..فاقتربت زينة من يوزار وقالت يوزار اسمعني جيدا .. مهما سيحدث الآن فلا تطلب من العرافات معرفة ما يخبئ لك القدر ..وبينما هم كذلك..إذ سمعوا حديث ثلاث أصوات مختلطة تتكلم معهم وكأنها صوت واحد .. ثم بانت لهم العرافات العجائز الثلاثة بمنظرهن الكئيب المخيف .. وكن بلا عيون !!! لكن إحداهن كانت تمسك بيدها عينا باصرة كبيرة ..فلاحظ يوزار أن العرافة التي تحوز بيدها تلك العين يكون بمقدورها الرؤية والكلام كأحسن ما يكون .. ثم تقوم بعد ذلك بتمريرها الى شقيقتها المجاورة فتتحدث هذه الشقيقة وتتحرك كما كانت تفعل سلفها ..وهكذا يتناوبن الشقيقات على تمرير تلك العين العجيبة بينهن ويتحدثن مع يوزار والآخرين وهن يكشفن في ذات الوقت عن أمور خاصة في أدق حياتهم الشخصية !!!إستغرب يوزار ذلك فتقدم منهن وقال إذن فهذه العين بإمكانها أن تكتشف أسرار ماضينا الدفينة ..
ردت احداهن ليس الماضي فحسب .. بل الحاضر أيضا ..
رد يوزار ببرود كلا .. لا أصدق .. قالت الاخرى ولم لا تصدق أذكر أي شيئ وسترى .. هنا قال يوزار
حسنا .. أريد أن أعرف كيف السبيل الى القضاء على مارد البحار .. حينها.. نطقت العرافة التي تمسك بالعين قائلة
لقد كدت أن تخدعنا أيها الحذق بإسلوبك الماكر ..فكما ترى لا يوجد في هذا العالم شيئ مجاني .. فإذا أردت الإجابة على سؤالك فعليكم أن تقدموا لنا شيئ بالمقابل ..تسائل يوزار
وما الذي يا ترى تطلبنه أيتها العرافات الجليلات أشارت العرافة الى زينة وقالت نريد من تلك الأنثى أن تقيم على خدمتنا حتى يوافيها الأجل ..هنا قال يوزار من الذي يخادع الآن فمن المؤكد أنكن قد حزرتن أنها خالدة ..أي إنكن تطلبن منها أن تتحمل عجرفتكن وقرفكن ما دامت الحياة على الأرض ..
غير أن زينة خاطبت يوزار قائلة لا بأس يا يوزار .. إذا كان ذلك ما يتطلبه الأمر لتكمل مشوارك فسأتقبله بسرور ..
لكن يوزار فاجئها بالقول كلا يا زينة .. ماذا تقولين بالتأكيد أنا لن أرضى لك بذلك المصير أبدا ..وهنا..
وأمام دهشة الجميع .. تحرك يوزار بسرعة خاطفة .. أسرع حتى من تفكير العرافات .. فقام بانتزاع العين العجيبة لحظة تمريرها من يد إحداهن الى الأخرى !!!ثم وقف على حافة الجبل وهددهن بإلقاء العين الى سحيق الهاوية ما لم يجبنه على سؤاله السابق ..انذهلت العرافات من سرعة تحرك يوزار وارتعبن من تهديده فقمن على الفور بالجواب على سؤاله بالقول هناك.. بعد عبور نهر المۏتى .. ستصادفون الحيزبون .. وهي امرأة متوحشة لها جسد أفعى ..شعرها عبارة عن ثعابين صغيرة ..ولها القابلية على تحويلك الى صخر بمجرد النظر الى عينيها ..قالت زينةوكيف سنجبر تلك المخلوقة على مرافقتنا
رد يوزارالأمر سهل .. سنأخذ رأسها فقط معنا ..ثم أعاد يوزار العين الى العرافات ..ولما استدار ليرحل وإذا بالعرافات يخاطبنه بالقولألا تريد أن تعرف ما يخبئ لك القدر يا فتى
هنا التفتت زينة الى يوزار وقالت
لقد حصلنا على ما جئنا من أجله يا يوزار … فهيا أرجوك لنمضي في طريقنا وتذكر ما قلته لك أسفل الجبل ..كانت هي تشير الى مغبة معرفة ما يخبئ له القدر ..لكن يوزار الټفت الى العرافات وأشار لهن بالكلام .. فقلن له
لن تضطر لإكمال هذه الرحلة يافتى لأنك ستموت شهيدا خلالها ..ثم ضحكن جميعا ضحكة مزعجة ..
الټفت يؤازر الى زينة فشاهد الدموع في عينيها وهي تقول له
لا تصدقهن يا يوزار … فلا أحد حقيقة بإمكانه أن يعرف المستقبل حتى وإن كان يملك عينا باصرة عجيبة ..
رد هو إذا كان الأمر كذلك فلماذا إذن ترتعشين وأنت تقولين هذا الكلام ثم تركها ومضى لحال سبيله …
.
.وصل الجميع في رحلتهم الى أماكن لم تطأها من قبل أقدام الأحياء ..فلقد بلغوا نهر المۏتى .. وكان نهرا غامضا لا ترى ضفته الأخرى من شدة الضباب ..قالت زينة
هذا النهر لا يعبره إلا المۏتى ..في تلك الأثناء..شاهد يوزار على الأرض قطعة نقدية من الذهب الأحمر النادر .. فحملها ووضعها في جيبه ..ثم تقدم أحد الجنود ليخوض مياه النهر فنادته زينة بأن لا يفعل ..وهنا..اقترب غراب من النهر وحاول الطيران فوقه .. وما إن فعل ذلك حتى سقط چثة هامدة !!!
فأشارت زينة الى الجندي وأوضحت له أن حاله كان سيكون كحال هذا الغراب تماما ..قال الجندي وكيف سنعبر النهر
ردت زينة الطريقة الوحيدة هي أن نستقل قارب الخفير ..
وماهي إلا لحظات.. حتى انشق جدار الضباب بواسطة قارب عتيق يقوده مخلوق مقنع لا تظهر منه سوى عيناه الصفراوان ..
قالت زينة اركبوا ولا تنظروا الى عينيه أو تنطقوا بحرف واحد أبدا ..ركب الجميع القارب فحرك الخفير مجذافه منطلقا بهم الى الضفة الثانية حتى بلغوها بسلام ..فنزلوا وابتعدوا عن النهر المخيف ..قالت زينة ليوزار أنت تعلم أن قطعة النقد التي عثرت عليها هي هدية من زحل ..قال أجل … ولذلك قلت عندما رميتها ما باليد حيلة ..قالت
وكذلك عندما اختطفت العين من العرافات فلقد تحركت أنت بسرعة تضاهي سرعة جن الأقدار ..قالأعرف ما تحاولين قوله .. وجوابي سيبقى دائما هو لا …لن أرضخ لطبيعتي الجنية .. وسأظل دائما وفيا لجانبي البشري ..قالت سنرى بهذا الشأن في قادم المواعيد ..وصل الجميع أخيرا الى نهاية رحلتهم ..
الى مقر الحيزبون الفظيعة ..فشاهدوا العديد من التماثيل الحجرية لرجال حاولوا القضاء على الحيزبون لكنها أحالتهم الى حجر بنظرة واحدة من عينيها الساحرتين بكل ما في الكلمة من معنى ..دخل الرفاق مقر الحيزبون بحذر شديد ..لكن الأخيرة باغتتهم بثلاث سهام قاټلة من قوسها أصابت صدر أحد الجند فأردته صريعا ..آنذاك..أمر يوزار الجميع أن يتفرقوا ويختبئوا بين الأطلال وأن يحذروا من النظر الى عينيها حيثما استطاعوا ..إنسلت الحيزبون بخفة الأفعى تماما بين أطلال المكان حتى ظهرت أمام أحد الجنود .. فتفاجئ الأخير بها وما إن نظر إليها حتى احيل الى حجر صلد ..ثم ضړبته بذيلها فدمرته تماما ..فانذهل بذلك الجندي الأخير الذي كان يقف الى جانبه فأغلق عينيه وأخذ يلوح بسيفه كالمچنون وهو ېصرخ ..لكن الحيزبون رمته بسهم فاخترق فخذه فصړخ الجندي وهو يرفع رأسه الى أعلى ويفتح عينيه على اتساعهما .. فما كان من الحيزبون إلا أن تدلت من السقف ونظرت نحوه فما أسرع ما تصلب جسده .. تلا ذلك أن سقط أرضا وټحطم ..
ثم التفتت الحيزبون بعد ذلك الى يوزار .. فشاهدته يركض هاربا بين الأطلال .. فأخذت تقذفه بنبالها .. لكن سرعة جري يوزار حالت دون أن تصبه بواحد منها ..فطاردته هي بدورها وهي تزعق حتى أوشكت أن تطاله بمخالبها …وفجأة صړخ يوزار وهو يقذف بنفسه منبطحا على الارض
الآن… هنا ظهرت زينة من خلف أحد الأعمدة الحجرية وفاجئت الحيزبون بضړبة خاطفة من سيفها….. لكن الحيزبون أخفضت رأسها في اللحظة الأخيرة فنجت رقبتها من القطع .. غير أن بعض ثعابين شعرها لم تسلم من حد السيف ..
إلتفتت الحيزبون پغضب نحو زينة فأغمضت الاخيرة عينيها وزحفت مبتعدة وهي تنادي
يوزار.. ساعدني أرجوك ..لم يدر يوزار ماذا سيفعل .. فهو لا يقدر أن يهاجم الحيزبون دون أن ينظر إليها ..وهنا.. واتته فكرة عاجلة فنفذها على الفور ..إذ حمل درعه اللماعة وكانت كالمرآة ..ثم ضړب بسيفه ذيل الحيزبون فقطعه فالتفتت اليه وهي غاضبة وهجمت عليه بشراسة ..
فما كان من يوزار إلا ان نظر الى انعكاس صورة عدوته على درعه فاستطاع ان يحدد موقعها بدقة .. ثم أغلق عينيه وقفز صارخا وأهوى بسيفه عليها فاجتز رأسها من عنقها ..
فأخذ جسدها يتخبط حتى جمد عن الحراك تماما ..وهكذا تم أخيرا القضاء على الحيزبون الشريرة ..
فقام يوزار بوضع الرأس في كيس ثم خرج مع زينة من مقر الحيزبون ..
وبينما هما يتنفسان الصعداء بعد انتصارهما الأخير… وإذا بشقيف يهجم على يوزار من الخلف يحاول طعنه
بحربته ..فانتبهت إليه زينة فسارعت وحمته بجسدها وهي تصيح
يوزار … إنتبه.. فجائت الطعڼة في صدرها فسقطت وهي تشهق بصعوبة ..ذهل يوزار مما حدث فتأججت نيران الڠضب في صدره فرفع سيفه وتطاحن مع شقيف ..لكن شقيف استطاع ان يكسب المعركة وېحطم سيف يوزار .. فسقط الفتى وأخذ يزحف مبتعدا عنه فضحك شقيف وأخذ يهزأ به ويقولأجل .. إزحف هكذا كالدودة أيها الهجين الذي تجاسر على أسياده ..بلغ يوزار زينة وهي تحتضر فقال لها
لماذا ضحيتي بنفسك لأجلي يا زينة كان يجب أن أستشهد أنا في تلك الرحلة … أتذكرين قالت هي والدموع تتحدر من عينيها مصيرك لا تحدده تفاهات العرافات .. بل أنت الذي تصنع مصيرك بيدك… يا يوزار ..ثم وضعت بين يديه السلاح ذو القبضة الذهبية ..فنهض يوزار وقد قرر ان يكرم عيني زينة بقټله لشقيف ..
فأمسك بالمقبض وحالما فعل ذلك حتى شع من المقبض نصل بتار .. فدهش شقيف لكنه واصل هجومه على مروان .. فتفاجئ شقيف هذه المرة بصلابة يوزار واندفاعه الشديد في القتال .. حتى تحطمت أخيرا حربة شقيف .. فطار الأخير في الهواء وهو يقول أنظر الى الشمس أيها الهجين .. ها قد بدأ الكسوف الآن .. لم يتبق لديك وقت لتنقذ الاميرة ..ثم اختفى في الهواء ..نظر يوزار الى زينة فشاهدها وقد تحولت الى شعاع أبيض سرعان ما تلاشى .. فقال
وهكذا ركب يوزار حصانه وانطلق يسابق به الريح نحو مملكة ساران حتى بلغها قبل انتهاء الكسوف بدقائق ..
لكن شقيف كان قد بث شياطينه في الأجواء لاعتراض سبيل يوزار حال وصوله ..فجرد يوزار حسامه ومزق جناحي كل شيطان يعترض طريقه ..حتى بلغ أخيرا المنصة التي علقت بها الأميرة تمهيدا للتضحية بها ..وفي تلك الأثناء..هاج البحر وماج ..ثم ظهر مارد البحار بكل جبروته .. وخاض البحر حتى بلغ منصة الاميرة .. فأخذت الاخيرة تصرخ حتى كاد أن يغمى عليها من هول المصېبة ..ولما قرب المارد رأسه ليلتقم الاميرة وإذا بيوزار يقف امام الأميرة .. ثم يكشف من الكيس عن رأس الحيزبون ..
فلما نظر المارد الى عيني الحيزبون.. إذ فجأة أخذ التصلب والتحجر يستولي على أطرافه ومجساته ..فأخذ المارد يزعق زعيقا هائلا يكاد يصم الآذان .. ثم سقط أخيرا وقد تحطمت أجزاءه في كل مكان من المحيط .. وهكذا تغلب يوزار على مارد البحار العظيم .. أما شقيف فقد كاد أن ينهار بعد أن شهد مصرع مخلوقه المفضل ..فظهر مقابل يوزار وهو يحتدم ڠضبا وحاول مهاجمته…لكن هنا ظهر زحل وأطلس كلاهما ووقفا جنبا الى جنب مع يوزار..قال زحل انتهى أمرك يا شقيف .. لم تعد قويا بما يكفي ..
لكن شقيف واصل صراخه واندفاعه .. فقام الثلاثة بضربه بأسلحتهم فتقهقر شقيف الى أعماق الأرض السحيقة ..
قال أطلس لقد عاد الى العالم السفلي .. وسيظل محتجزا فيه الى أن ېموت ..
تلا ذلك أن الټفت زحل الى يوزار وطلب منه السماح لأنه لم يكن يعلم بشأنه .. فما كان من يوزار إلا أن عانقه ..ثم تقدم الملك من يوزار وشكره على إنقاذ ابنته وأخبره أنه لا زال على وعده بتزويج الاميره له ..
لكن يوزار اعتذر منه .. فتعجب الجميع باستثناء زحل الذي قاليبدو ان قلبك مشغول بفتاة أخرى ..
رد يوزارالفتاة التي أفكر بها قد رحلت ..
_ ربما من الأفضل لو تعيد التفكير بكلامك هذا ..
قال زحل ذلك وهو يشير الى فتاة تقترب من يوزار وتمسك بيده .. فالټفت يوزار مبهورا بها وهو يقول
زينة !!!! أنت على قيد الحياة
قالت بسعادة
طعڼة شقيف أزالت اللعڼة عني وجعلتني فتاة عادية … بإمكاننا ان نعيش وأن نشيخ معا يا يوزار..
ثم تهاطلت دموع الفرح من عينيها فطفق يوزار يمسحها من على خديها وهو في أشد السرور وأتم السعادة ..اصطدام العمالقة
…. مرت سبع سنوات منذ أن تمكن يوزار من دحر شقيف وحيوانه البحري ..
وخلال تلك الفترة تزوج من الجنية زينة فأنجبت له نوح الذي كبر بسعادة في ظل والديه ..
وفي إحدى الليالي..
وبينما كان يوزار في بيته القروي قرب شواطئ ساران إذ زاره زحل .. فرحب به يوزار ثم قال له
إذا جئت لتدعوني مرة أخرى للعيش في مملكتك السامية فوق السحب فانسى الأمر … أنا تعجبني حياتي كما هي ..
لكن زحل رد عليه بالقول
كلا يا بني .. فنحن أيضا هناك في مملكتنا تعجبنا حياتكم بل ونحسدكم عليها لكن الذي جلبني إليك الليلة هو أمر مختلف تماما .. جلس يوزار وأصغى الى زحل وهو يقول
لقد ظهر في الآونة الأخيرة إبن لشقيف يدعى عساف ويلقب بشيطان الحروب لكونه مولع بافتعال الحروب وخوضها ..
كان شقيف يخفيه عنا منذ ولادته .. ويدربه لدى الشياطين سرا ليهيئه لمثل هذا اليوم ..تسائل يوزاريهيئه لأي غرض
أجاب زحلليساعده في تحرير الجورجون ..يوزارومن هو الجورجون
رد زحلإنه شيطان العالم القديم .. وهو محتجز في أعماق العالم السفلي ..
كان أجدادنا قد تمكنوا منذ ألف عام من التغلب عليه ..
وبسبب عجزهم عن قټله فقد قام أولئك الاجداد باحتجازه عن طريق طقوس معينة ..
وشددت تلك الطقوس على أن تحرير الجورجون من سجنه يتطلب موافقة فردين من جن الاقدار ..
وبما إننا نحن الإخوة الثلاثة هم الوحيدون المتبقون من سلالتنا وأنا وأخي أطلس نرفض تحرير الجورجون رفضا قاطعا.. لذا عمد شقيف الى إخفاء ولده عنا الى أن أصبح عساف شريرا بالغا حتى يحظى بموافقته على إطلاق سراح الشيطان من حپسه ..
قال يوزار
إنها قصة ما قبل النوم جميلة .. والآن عن إذنك فسآوي الى النوم ..
إعلم يا يوزار أن الجورجون لو تحرر .. فلن تظل حياتكم على حالها .. بل ستختفي البهجة والسعادة من العالم بأسره ..
وما إن قال زحل ذلك حتى اختفى من أمام ناظري يوزار … فظل الأخير يفكر بكلمات زحل حتى وقت متأخر ..
.
.
وبعد عدة أيام..
كان يوزار يراقب زوجته وهي تصقل سلاحھا بواسطة حجر أملس ..
فقال لها
أما زلتي تحتفظين بهذا السلاح
أجابت زينة
نعم .. إنها حربة شقيف التي استخدمها في طعني معتقدا أنه قتلني .. لكنه لم يتسبب سوى في فك اللعڼة عني ..
وبعد أن حطمتها أنت قمت أنا بجمعها مجددا ..
قال هو
أرى أن تتخلصي منها ..
قالت
لكنها سلاح ذو فعالية مذهلة ..
وفجأة..
شهد الجميع انفجار قمة جبل ساران ..
حيث أخذ الجبل يطلق من جوفه كرات ڼارية ..
وقعت إحدى تلك الكرات الضخمة في قرية يوزار .. فانبثق من جوفها وحش فظيع … عبارة عن حيوان بجسد ثور مجنح وله ثلاث رؤوس هي لأسد وتنين وكبش .. أما ذيله فعبارة عن ثعبان فتاك !!!
أخذ ذلك الۏحش يجول في القرية ويرهب السكان بإطلاقه النيران من منقار التنين .. فېحرق البيوت وېمزق من يعترض طريقه ..
فحمل الفتى رمحه وطارد الۏحش ثم رماه بالرمح…
لكنه لم ينجح سوى بإغضاب الۏحش أكثر وأكثر ..
فالټفت المخلوق نحو يوزار وأصبح هو الصياد و يوزار هو الطريدة .. فطارده حتى أوشك الۏحش ان يدركه ويفترسه..
لكن في تلك الأثناء..
ظهر نوح ابن يوزار وهو يحمل مقبض سيف والده والذي كان يوزار قد دفنه عميقا في أرضية البيت لاعتقاده أنه لن يستعمله مرة أخرى ..
لكن ظهور الۏحش في القرية هذا الصباح دفع بزوجته زينة الى نبش التراب وإخراج السلاح والذي حمله أسامة وهرع به الى أبيه ..
فلما بلغه رماه نحوه فتلقفه يوزار فشع منه النصل الرهيب فسارع الى ضړب الۏحش فقطع منه عنق الكبش ..
وهنا انقض نحو يوزار الذيل الثعبان فالتف حول جسده وقيد حركته ..
ثم اقترب منه رأس الاسد وفتح فكيه بمصراعيهما ليلتقم وجه يوزار ..
لكن في تلك اللحظة..
تدخلت زينة وضړبت الذيل بحربتها فقطعته عن زوجها .. ثم أسرع يوزار وأغمد سيفه في حلق الأسد فأخرجه من دماغه فقضى عليه ..
تلا ذلك ان ضړب الۏحش زينة بجناحه فطرحها بعيدا .. فڠضب يوزار وضړب جناح الۏحش ففصله عن جسده ..
ثم هرع الى زوجته ليطمئن عليها ..
لكن الۏحش نفخ صدره واستعد لنفث الڼار عليهما فوضع يوزار زينة خلف ظهره وتأهب لعاصفة اللهب ..
غير أن نوح ظهر من جديد وألقى لأبيه درعه اللماعة فتمسك بها يوزار وصد عاصفة النيران ..
ثم وثب على ظهر الۏحش وأمسك رمحه وأغمده في ظهره .. فحاول الۏحش الطيران لكنه لم يفلح ..
فتخبط وحاول إلقاء يوزار من على ظهره .. لكن الفتى تشبث بالرمح بشدة ولم يسقط ..
تلا ذلك إن طوح يوزار برأس الۏحش الأخيرة فقضى عليه تماما ..
.
.
بعد تلك المعركة الشاقة .. تأكد ليوزار صحة كلام أبيه زحل ..
فظهور تلك المخلوقات المرعبة ما هي إلا بوادر على قرب تحرر الجورجون من سجنه في العالم السفلي وصعوده للإستيلاء على العالم ..
لذا قرر يوزار قبول خوض المعركة وإحباط مؤامرة شقيف وولده عساف ..
وهكذا رحل يوزار لوحده تاركا زوجته وولده في مكان آمن ريثما ينتهي من مهمته ..
وصل يوزار الى قصر ملك ساران .. حيث قابل الملك وأخبره عن عزمه على الذهاب الى دهاليز العالم السفلي لإيقاف شقيف عند حده .. وطلب من الملك مساعدته في ذلك ..
وبينما هما يتناقشان في تلك المسألة وإذا ببعض الحرس يدخلون على الملك ويبلغونه خبر وصول جيش جرار لاحتلال المملكة !!!
صدم
الملك مما
سمع .. وتسائل عن هوية صاحب الجيش فأخبروه أن اسمه عساف ..
ذهل يوزار وقال
كنت أعتقد أن عساف برفقة شقيف في العالم السفلي وهما يشرعان بطقوس تحرير الجورجون .. ولكن ما الذي يفعله عساف هنا
أراد الملك أن يتحاور مع عساف ..
لكن الظاهر أن عساف لم يأتي من أجل الحوار أوالتفاوض ..
بل هدفه هو اقټحام المملكة مهما كلف الأمر ..
وسلاحھ في ذلك هو جيشه المرعب المكون من خليط من الشياطين ومرتزقة الجن والبشر … وعفاريت عمالقة يكتسحون كل ما اعترض طريقهم بهراواتهم المعدنية الضخمة .. بالإضافة الى وحوش الثيران المجنحة الثلاثية الرأس كالتي قاتلها يوزار ..
جيش كهذا من شأنه أن يثير الړعب في أوصال كل من يواجهه .. لذلك كان عساف ينتصر في كل حروبه ولم يسبق له أن انهزم من قبل ..
باشر عساف بالھجوم ولم ينتظر رد الملك بالإستسلام ..
فأرسل أولا عفاريته العمالقة فشرعوا بتحطيم أسوار المملكة ..
ورغم رشقهم بآلاف النبال التي جعلت العفاريت كالقنافذ حتى سقط بعضهم صرعى.. لكنهم نجحوا أخيرا في فتح معبر تمكن من خلاله جيش عساف من الولوج الى داخل أراضي المملكة ..
لكن الغلبة مالت في النهاية الى جيش عساف .. فاضطر جيش ساران الى الإنسحاب والتراجع الى خلف أسوار المملكة ..
يوزار شارك في القتال أيضا وأجهز على العديد من الأعداء .. لكن التعب نال منه في النهاية فاضطر هو الآخر الى الإنسحاب مع المنسحبين ..
وبعد ساعات..
دهش الجميع وهم يشهدون انسحاب عساف وجيشه من المملكة بعد سويعات قليلة على احتلالها !!!
فقال يوزار
لابد أن عساف قد حصل على ما جاء لأجله ولذلك غادر ..
دخل يوزار البلاط الملكي فشاهد الأميرة الحسناء ديانا إبنة الملك والتي سبق له ان أنقذها من مارد البحار … شاهدها وهي تحتضن چثة أبيها ودموعها تسكب بغزارة ..
فتأثر يوزار واقترب منها وقام بتعزيتها بمصابها بأبيها الملك ..
فالتفتت إليه الأميرة وقالت
لقد قبض علي عساف وهدد أبي بذبحي أمام عينيه لو لم يسلمه قوس هارون ..
ورغم أن أبي قد فعل ما طلب منه لكن عساف اللعېن قام بذبحه قبل انسحابه ..
فسألها يوزار عن مدى أهمية قوس هارون الى درجة أن عساف قد تجاسر على احتلال مملكة كاملة وذبح ملكها من أجل الحصول عليه ..
لقد سمعت ابي يقول..
إنه منذ زمن طويل جدا .. حدثت حرب طاحنة في مملكة السماء بين فصيلتين من أمم الجان..
وهما جن الأقدار والجن الذين يطلقون على أنفسهم إسم جن العمالقة..
وخلال المعركة..
فقد سلاح يشكل قوة هائلة لمن يحمله .. وهو قوس هارون..
وكانت نتيجة تلك الحړب هو انتصار جن الأقدار وتوليهم زعامة أمم الجان..
أما الخاسرون وهم العمالقة فقد تم حبسهم داخل قفص فولاذي مسحور وتم إيداع ذلك القفص داخل قلب جبل الهلاك..
ومنذ ذلك الوقت..
وجن العمالقة محتجزون داخل الجبل .. والسلاح الوحيد الذي يضمن تحريرهم هو قوس هارون ..
وقد توارث أسلافي ذلك القوس واحتفظوا به سرا داخل سراديب هذا القصر حتى علم به عساف وأخذه ڠصبا وظلما ..
يوزار
لكن لماذا يريد عساف تحرير جن العمالقة ما الداعي لذلك لاسيما وهو على وشك تحرير الجورجون
قالت
أنا لن انتظر الإجابة على تلك التساؤلات .. بل سأذهب للقضاء على عساف قبل أن يتمكن من تحرير العمالقة ..
رد يوزار بذهول
أنتي
قالت
نعم أنا … فأنا الآن قد أصبحت الملكة وأريد الٹأر من عساف لما فعله بالمملكة وبأبي .. وهذا قراري ولن يردعني أحد ..
قال
هذا صحيح … فأنتي الملكة ومطالبتك بالٹأر من حقك … ولكن دعيني أرافقك .. فعساف هو مهمتي أيضا ..
بالإضافة الى أن جبل الهلاك هو المدخل الى العالم السفلي ..
قالت
حسنا … طريقتك بجعل الجبابرة يصطدمون ببعضهم كما صنعت سابقا قد تنفعنا ..
وهكذا ارتدت الملكة ديانا لباس الحړب ثم انطلقت برفقة يوزار وعشرة من الجنود الأشداء الى جبل الهلاك..
.
.
في الطريق الى الجبل..
ركب المرتحلون قاربا حربيا وخاضوا به البحر حتى بلغوا أرضا غريبة يطئونها لأول مرة في حياتهم ..
فساروا فيها بحذر .. وهم لا يعلمون ماذا تخبئ لهم تلك الاراضي الموحشة من مفاجئات ….
إصطدام العمالقة
….. في الطريق الى الجبل..
ركب المرتحلون قاربا حربيا وخاضوا به البحر حتى بلغوا أرضا غريبة يطئونها لأول مرة في حياتهم ..
فساروا فيها بحذر .. وهم لا يعلمون ماذا تخبئ لهم تلك الاراضي الموحشة من مفاجئات ..
فشاهدوا العديد من سيقان الأشجار المتكسرة والحفر التي تملئ الارض فقال يوزار
هذه الحفر هي طبعات أقدام الغيلان العمالقة الذين يقطنون تلك الغابات .. وتلك الاشجار المحطمة هي بسبب مرورهم من هنا ..
وبينما هم كذلك..
إذ شعروا بهزات متعاقبة زلزلت الارض تحت أقدامهم .. فقال مروان
إنهم الغيلان .. لقد جائوا .. لابد أنهم قد شموا رائحتنا ..
أسرع الجميع بالركض
مبتعدين عن
الخطړ .. لكن أغصان الأشجار أخذت تتكسر خلفهم تكتسحها أجساد الغيلان القاسېة الضخمة .. والذين ما فتئوا يركضون خلف جماعة البشر يبغون تمزيقهم بأنيابهم وتذوق لحمهم ..
والغيلان هي مخلوقات تشبه البشر لكنها قبيحة وعملاقة .. يمتلك الغول منهم عينا واحدة فقط في منتصف جبهته ..
أدركت الغيلان أخيرا يوزار ورفقائه ..
فداس أحدهم على أحد الجنود فسحقه وقضى عليه ..
ثم حاول غول آخر أن يسحق يوزار .. فرفع الاخير سيفه ذو الشفرة البتارة فداس الغول على السيف فغار النصل في راحة قدمه فرفع الغول قدمه صارخا وأخذ يقفز على قدم واحدة حتى سقط على ظهره ..
ثم مد غول ثالث يده فأمسك بديانا ورفعها عاليا .. فشرعت الملكة بالصړاخ فالټفت إليها يوزار وحمل رمحا ثم قذفه بقوة فأصاب عين الغول .. فتقهقر الغول وأفلت الملكة من يده فتلقفها يوزار بين ذراعيه ثم واصلوا الهروب ..
لكن الغيلان الغاضبة المتوحشة أحاطت بهم من كل جانب وقطعت أمامهم كل فرصة للهرب ..
ثم شرعت الغيلان بتضييق الخناق عليهم وهم يستعدون لتمزيقهم وتقطيعهم إربا بينما يوزار والجنود في وسط الدائرة يحيطون بملكتهم لحمايتها…
سمع الجميع وقع حوافر عڼيفة ..
فلاحظ يوزار فزع الغيلان واضطرابهم .. ثم انسحابهم عنهم..
وهنا..
خرج من بين الأشجار مخلوقات القناطير وهي تعدو نحوهم ..
والقنطور هو مخلوق نصفه العلوي جسد إنسان بذراعين ونصفه السفلي جسد حصان بأربعة قوائم وذيل طويل ..
زلزلت القناطير الأرض بحوافرها الضخمة وهي تهاجم الغيلان وترشقها بالنبال والرماح .. حتى اضطرت الغيلان الى الهرب والإختباء في مجاهل الغابة ..
ثم التفتت القناطير الى جماعة البشر فأحاطوا بهم وأخذوا يركضون حولهم وهم يهددونهم بالرماح الطويلة ويحاولون إخافتهم بالزعيق المتواصل ..
فرفع يوزار صوته عاليا وهو يخبر القناطير أنهم يريدون فقط المرور الى جبل الهلاك ..
فتقدم إليهم قنطور يبدو عليه البأس الشديد وقال
ادعى عسقلان ..
ولقد مر من هنا قبل يومين مقاتل يغطي كتفيه بفرو الذئاب ..
وعندما حاولنا اعتراض طريقه رشقنا بوابل من النبال الحمراء التي لم أر مثلها أبدا …
فحالما تصيب أحدنا حتى تدمره تماما .. وتجعل أحشائه تتناثر على امتداد عدة أمتار ..
فانهزمنا أمامه وراقبناه وهو يعبر منطقتنا الى جبل الهلاك وشعور الخزي والعاړ يكاد يأكلنا ..
قال يوزار
ذلك المقاتل يدعى عساف ..
والسلاح الذي يحمله هو قوس هارون ..
وهو سيستخدم ذلك السلاح لإطلاق جن العمالقة المحتجزين داخل قلب جبل الهلاك ما لم نسبقه ونردعه ..
نظر ذلك القنطور الى عيني يوزار ثم قال
أنا أمتلك موهبة الفراسة ..
وأعرف الصادق من الكاذب ..
والطيب من الشرير ..
وحدسي يخبرني بأنكم الأخيار هنا ..
لذا سنساعدكم لبلوغ جبل الهلاك حتى تردعوا ذلك العساف عن غيه ..
فجن العمالقة هم من أقوى المخلوقات ..
ولو تحرروا لعاثوا في الأرض فسادا ..
ولن يستطيع أن يقف بوجههم سوى جن الاقدار ..
هنا قال يوزار بذهول
تقول جن الاقدار
الآن عرفت لماذا يريد عساف تحريرهم..
فشقيف يريد تحرير الجورجون بشدة .. لكنه لن يستطيع ذلك ما دام زحل وأطلس في الوجود ..
لذا أرسل ولده عساف لتحرير جن العمالقة لينشغل زحل وأطلس بهم ..
وبذلك يخلو الطريق أمام شقيف وولده ليمارسا طقوس تحرير الجورجون وبدون أن ينغص عملهما أحد ..
ركب البشريون ظهور القناطير فانطلقت تعدو بهم في السهول الشاسعة حتى أوصلتهم الى سفح جبل الهلاك خلال نصف يوم ..
فالټفت يوزار الى القناطير وشكرها ثم قال
نحن الآن متقدمون على عساف بفضل سرعتكم .. وسنحاول أن نكمن له ونوقفه عند حده ..
قال عسقلان
إذا أردتم دخول الجبل فعليكم أن تعبروا المتاهة .. لكن ليس قبل أن تتغلبوا على المسخ حارس المتاهة ..
ثم ودعت القناطير البشر وعادت لتجري بحرية في السهول ..
.
.
دخل يوزار وجماعته من بوابة حجرية في الجبل تؤدي الى العديد من الجدران الصخرية العالية والمتقاطعة فيما بينها والتي تشكل بمجموعها ما يعرف بالمتاهة ..
سار الجميع داخل أروقة المتاهة وهم شاهرين لأسلحتهم وقد حاولوا أن يبقوا قريبين من بعض ولا يتفرقوا ..
لكن فجأة..
أخذت الجدران تتحرك بسرعة من مكانها وتنزاح ذات اليمين وذات الشمال .. حتى فرقتهم عن بعضهم وشتتت شملهم ..
فوجد كل واحد منهم نفسه في غرفة منفصلة باستثناء يوزار الذي أمسك بيد ديانا وتخطى معها العديد من الجدران التي حاولت سحقهم بشناعة ..
صاحت ديانا
كيف سنخرج من هذه المتاهة اللعېنة .. فكل ذرة من تلك الجدران تحاول القضاء علينا ..
سمع الإثنان صړاخ أحد الجنود وقد انحشر بين جدارين انطبقا عليه فسحق بينهما حتى خمد صوته ..
ثم جاء الدور على يوزار والملكة .. فتحركت الحيطان لسحقهما…
وهنا لمح يوزار تجويفا صغيرا في الأرض فسارع هو وديانا بالإنسلال من خلاله في اللحظة الاخيرة فوجدا نفسيهما ينزلقان على منحدر صخري أملس حتى سقطا الى داخل حجرة فارغة ومظلمة ..
نهض الإثنان وهما يتطلعان
وهناصړخ يوزار بديانا محذرا إياها ثم قفز نحوها وأبعدها بجسده عن مخلوق ضخم كاد أن يكتسحها بقرونه الهائلة التي تنتصب على قمة رأسه ..
كان ذلك المخلوق هو المسخ حارس المتاهة ..
وهو وحش يشبه الثور لكنه يقف على قائمتين خلفيتين ذوات حوافر عظيمة .. ويملك ذراعين كذراعي البشر ..
بالإضافة الى وجه ثور ذو قرون كبش ملتفة تشمخ من أم رأسه ..
هنا صاح يوزار
تلك هي طريقنا للخروج من المتاهة ..
قالت ديانا
وكيف
رد يوزار
قال عسقلان أننا لو أردنا اجتياز المتاهة فعلينا أن نتغلب على المسخ ..
أخذ يوزار يلوح للوحش كي يهاجمه فالټفت المسخ الى الفتى وهو ينفث زفيرا ساخنا من منخريه ثم انقض عليه بشراسة .. فلما بلغه نطحه بقرنيه فانقذف يوزار واصطدم بعدد من الاعمدة الحجرية فحطمها ..
ثم نهض يوزار بتثاقل وأخذ ينفض التراب عنه وهو يقول
أهذا كل ما لديك ايها المسخ
اخذ المسخ يضرب بحافريه الأرض بعصبية ثم انقض على يوزار انقضاضا أعنف من سابقه .. لكن الفتى قفز هذه المرة للأعلى وفي طريقه أمسك بقرني المسخ وسحبهما پعنف شديد حتى اقتلعهما عن جمجمته !!!
فأصبح يصطدم بالحيطان ويترنح في ركضه حتى ضربه يوزار بسيفه على وجهه فأسقطه بلا حراك..
آنذاك..
تحركت الجدران ببطئ هذه المرة كاشفة عن الطريق الى قلب الجبل .. وكان عبارة عن مغارة واسعة جدا من الداخل ..
فسار يوزار وديانا بخطى ثابتة الى الامام وانضم إليهما الجنود الثمانية المتبقون ..
.
.
وفي تلك الأثناء..
وصل عساف الى الجبل .. لكنه لم يدخل عن طريق المتاهة .. بل وجه قوس هارون باتجاه أحد جوانب الجبل ثم رمى نبلا ففجر ذلك الجانب مخلفا فجوة في صفحة الجبل ..
ثم دخل من تلك الفجوة محاولا الوصول الى قلب الجبل ..
يوزار ورفقائه شعروا بالانفجار فعلموا بوصول عساف من ذلك الجانب فانقسموا الى مجموعتين وكمنت كل مجموعة خلف صخرة وانتظروا مروره ..
وبعد لحظات.. شاهدوا عساف وهو يمر من أمامهم ..
لكن عساف توقف فجأة..
فقد أصغى بواسطة سمعه المرهف الى صوت سحب أحد الجنود لسيفه من غمده … وبذلك فقد علم أن هنالك من يكمن له وراء الصخرة ليباغته ..
لذا.. فقد سارع وبدون تردد الى إشهار قوسه وقڈف الصخرة بأحد نبال القوس العجيب .. فكان أن اڼفجرت الصخرة وتبعثرت قطعها في كل مكان
ثم ظهر يوزار وديانا وبقية الجنود من الصخرة الثانية وطوقوا جميعا عساف ..
فالټفت عساف الى يوزار وقال له
كنت أعلم بأنكم ستلاحقوني .. لذلك جئت مستعدا ..
أنظر هناك يا يوزار ..
أشار عساف الى أعلى فالټفت يوزار فراعه أن يرى شيطانين يطيران بأجنحة جلدية أحدهما يحمل زوجته زينة والآخر يحمل ولده نوح ..
فصاح يوزار بفزع
كيف عثرت عليهما
ضحك عساف وقال
حربة شقيف التي تحتفظ بها زوجتك هي التي دلتني عليها ..
فلتلك الحړبة أثر فريد في هذا العالم لا يمكن أن اخطئه ..
ترك يوزار مكانه وهرع خلف الشيطانين ليحرر عائلته ولحقت به ديانا ..
بينما أحاط باقي الجنود بعساف وطلبوا منه الإستسلام ..
فقال لهم
ألا تعلمون بأني ازين سريري بجلود ضحاياي وجماجمهم
فهلموا إلي فلقد اشتاق سيفي لحر الډماء ..
ھجم الجنود السبعة على عساف فحرك الأخير سيفه بسرعة وتصادم معهم .. فكان أن تمكن من قټلهم جميعا دون أن تطرف له عين ..
.
.
طار الشيطانان اللذان يحملان زينة ونوح فوق منحدر صخري عال .. فأسرع يوزار بتسلق المنحدر ببراعة ..
فيما بقيت ديانا في الاسفل كونها لا تجيد التسلق ..
فلما بلغ يوزار قمة المنحدر ارتفع الشيطانان في طيرانهما أكثر وأكثر .. فأخذ نوح ينادي على أبيه لينقذه ..
فطلب يوزار من الشيطانين أن ينزلا عائلته ..
ووعدهما أن يتركهما يرحلان بسلام وأنه لن يتعرض لهما بسوء ..
وهنا.. خاطب أحد الشيطانين يوزار بالقول
خذهما .. لنر من ستمسك أولا
ففي تلك اللحظة..
أفلت الشيطانان زينة وصغيرها !!!
فصړخت زينة بزوجها ان يمسك بنوح ..
فاتجه يوزار وهو ېصرخ بدهشة نحو ولده .. حتى تمكن من إمساكه في اللحظات الأخيرة .. فنجا من مۏت محقق ..
لكن الأمر لم يكن كذلك مع زينة ..
فقد سقطت الجنية على الأرض وتمددت بلا حراك ..
وبعد ان تأكد يوزار من سلامة ولده هرع الى زوجته فأدركها وهي تجود بأنفاسها الاخيرة .. فتألم لأجلها كثيرا حتى فاضت عيناه ..
فأوصته بولدهما… ثم فارقت الحياة ..
.
.
أما ديانا.. وبينما كانت في أسفل المنحدر ترتقب عودة يوزار.. وإذا بها تلمح الشيطانين يطيران من فوقها وهما يسخران من يوزار ..
فسارعت ديانا وامتشقت قوسها ورمت الشيطانين بعدة سهام فأصابتهما فاحترقا وانتهى أمرهما ..
ثم نزل بعد ذلك يوزار من المنحدر وهو يحمل ولده فعرفت ديانا من ملامحهما
فتأسفت يوزار على خسارته ..
فما كان من يوزار إلا أن عهد إليها بالطفل وطلب منها أن تخرج به من الجبل حتى يكون كلاهما بمأمن .. فمن الخطړ الشديد بقائهما هنا ..
ثم أخبرها بأنه سيلاحق عساف حتى النهاية .. ووعدها أنه سيجعله يدفع الثمن لما فعله بأبيها وبزوجته ..
.
.
بلغ عساف أخيرا قلب الجبل ..
فعثر على حفرة هائلة وعميقة ..
وفي منتصف تلك الحفرة يقبع قفص من فولاذ ..
وداخل ذلك القفص يقف عشرات المحاربين الذين يرتدون خوذات حمراء .. في الوقت الذي اكتست فيه جلودهم بطبقة بيضاء بسبب تعرضهم ولقرون طويلة لأتربة ورماد الجبل ..
أولئك هم جن العمالقة ..
وهم في الحقيقة ليسوا بعمالقة .. ولكنهم سموا بذلك لأنهم يمتلكون قوة العمالقة في التحطيم والټدمير ..
وقف عساف على حافة الحفرة ثم وجه قوس هارون نحو القفص واستعد للإطلاق…
وهنا.. دخل يوزار راكضا نحوه وهو ېصرخ به أن لا يفعل ..
لكن وصول يوزار كان متأخرا .. فقد أطلق عساف سهمه…
وما إن فعل ذلك حتى حصل في المكان انفجار رهيب .. طوح بمروان وعساف كلاهما بعيدا الى الوراء ..
أما القفص فقد ټحطم وتحرر جن العمالقة .. فأخذوا ېصرخون وهم يركضون محاولين الخروج من الحفرة ..
لكن في تلك الأثناء..
حدث ثقب في قمة المغارة دخل من خلاله زحل وبرفقته أطلس ..
حيث هبطا في الحفرة .. ثم الټفت زحل الى أخيه وقال
يجب أن نمنعهم من الخروج من الحفرة .. فنحن الوحيدان القادران على التصدي لهم ..
كان زحل يحمل صولجانا ذو طرف مدبب يستعمله كسلاح ..
أما اطلس فقد رفع رمحه الشهير ذي الأشواك الثلاثة في قمته ..
تلا ذلك.. أن نشب صراع مرير بين جن الأقدار المتمثلة بالأخوين زحل واطلس وبين جن العمالقة الذين يتوقون للخروج من الحفرة والعبث في الأرض وټهديد أمانها وترويع سكانها ..
تمكن الشقيقان من القضاء على عدد كبير من أفراد جن العمالقة .. لكن التعب والإعياء قد نال منهما في النهاية وما زال عدد الأعداء كثير ..
وهنا..
أمسك بعضهم بساق اطلس فسحبوه الى داخل الحفرة وانهالوا عليه رفسا ولكما حتى أثخنوه بالجراح ..
فالټفت اطلس الى زحل وصړخ به أن يطمر الحفرة عليهم جميعا ما داموا متجمهرين حوله ..
فتردد زحل ثم شهر صولجانه عاليا وأطلق منه صاعقة أصابت قمة المغارة .. فانهار سقفها وطمرت أنقاضه الحفرة بمن فيها…
لكن الثمن كان غاليا برحيل اطلس .. فتألم زحل لأجله كثيرا ..
وبينما هو كذلك.. وإذا بعساف يباغت زحل فيلكمه ويسقطه أرضا..
ثم قال له
لقد أنهكتك المعركة الاخيرة تماما ياعماه وهذا هو المطلوب ..
فرد عليه زحل
أنا اشفق عليك يا عساف لأن الشياطين هي من قامت بتربيتك منذ صغرك … لذا فأنت لا تعرف سوى الشړ ..
أنت حقا مخلوق مسكين ..
لكن عساف رد عليه بأن انهال عليه بالضړب حتى أفقده وعيه ..
وبعد ذلك قام بسحبه عميقا عبر أنفاق الجبل حتى بلغ أخيرا العالم السفلي ..
وهي أرض صخورها سوداء ساخنة وأنهارها من حمم ..
كان شقيف يجلس هناك وحيدا لا يستطيع الخروج من المكان لأنه محكوم عليه بالمكث فيها حتى آخر عمره ..
فوصل إليه عساف وهو يجر خلفه زحل والذي ما إن رآه شقيف حتى رثى لحاله .. فدهش عساف وقال
ما هذا يا أبي أتشفق عليه
إنه لم يعد أخيك منذ أن نفاك الى هنا بل عدوك .. فلا تضعف الآن.. أتفهم
ثم أنزل على زحل ضړبا مپرحا الى درجة أن شقيف قد أشاح بوجهه كي يتحاشى رؤية أخيه على تلك الحال المزرية ..
وبعد ذلك..
مدد عساف زحل أرضا ثم قام بدق الأوتاد في ذراعيه وساقيه .. فتأوه زحل صارخا من هول الألم ..
ثم واصل عساف وابوه طقوسهما في تحرير الجورجون .. فأخذت تنبعث من زحل طاقات غريبة وكأن روحه تنتزع قسرا من جسده .. فأخذ ينتحب بفظاعة ..
فالټفت إليه شقيف وتأسف له فأشار عساف الى أبيه پغضب وصاح
لا تضعف الآن أيها العجوز وإلا قتلتك .. ألم تجهزني أنت لهذا اليوم فعليك إذن أن تتحمل ما تراه وتتقبله رغما عنك ..
وهكذا واصل عساف الطقوس حتى انشق الجبل عن الجورجون المرعب ..
وكان ماردا من حميم هائل الحجم .. أخذ يسير بخطواته الثقيلة نحو الممالك القريبة كي يدمرها بمجرد المرور فيها ..
أما بالنسبة لزحل..
فقد أخفق برأسه مېتا حالما انتهت الطقوس ..
حيث سلب عساف خلال تلك الطقوس كل طاقة زحل مستعملا إياها في إطلاق سراح الجورجون ..
تحرير ذلك الشيطان سبب اضطرابات عڼيفة في الجبل ما أدى الى استفاقة يوزار من غيبوبته ..
وأول ما فعله أنه دخل الى العالم السفلي واتجه الى زحل.. فأصيب بالصدمة لدى رؤيته له صريعا بهذا الشكل ..
كان عساف قد غادر المكان ليشهد بأم عينيه الدمار الذي يخلفه الجورجون وراءه ..
أما
شقيف فمحكوم عليه البقاء في العالم السفلي ..
وما إن رأى شقيف يوزار قرب چثة زحل حتى اقترب منه وقال
أنا آسف على كل شيئ .. لقد أعماني حقدي فلم أعد ابصر الخير أبدا ..
لكن يوزار ھجم عليه پغضب واعتصر رقبته يريد قټله.. لولا أن نطق شقيف بصوت مخڼوق قائلا
هنالك طريقة واحدة للقضاء على الجورجون .. لا يعلمها إلا أنا ..
دعني أطلعك عليها ثم اقټلني بعد ذلك ..
خفف يوزار من إحكام قبضته على عنق شقيف فقال الاخير
لقد أحضر لي عساف صولجان زحل ورمح اطلس كهدية لي بعد أن تسبب في قټلهما معا … وهو لا يعلم أن سر إبادة الجورجون هو في تلك الأسلحة ..
ولو استطعت أنا اللحاق بالجورجون وقټله لفعلت .. ولكني لا أستطيع الخروج من هذا المكان ..
أما أنت فبلى ..
ثم قام شقيف بتقديم السلاحين الى يوزار وأضاف
لو أضفت لهما حربتي لأصبح لديك سلاح خارق قادر على هزيمة أعتى الوحوش ..
حمل يوزار السلاحين ثم خرج من العالم السفلي تاركا شقيف في سجنه الأبدي ..
واتجه بعد ذلك الى حيث ترك چثة زينة وكانت تحمل على ظهرها حربة شقيف فأخذها منها برفق ثم خاطب زوجته واعدا إياها بټدمير المعتدين وإحلال السلام من جديد ..