مقالات

عندما تناضل المرأة من اجل حقوقها

اسماء الياس

لم يبقَ لي متسعًا. رغم اتساع رقعة هذا العالم. سيبقى قلبي ينزف من مرارة العيش.
الحياة التي تمنيتها غير الحياة التي أعيشها الآن، ذل وهوان تحكم بالأنفاس، مراقبة أربعة وعشرون ساعة، حتى انهم يراقبون خطواتي.
إلى متى سيبقى هذا الحال، لقد سئمت مرارة الحياة.
تقوقعت نهاد في البيت رغم أن الحياة في الخارج تنبض بالحياة. صبرت على كل هذا الظلم الذي لحق فيّ. أصبحت الحياة بنظري لا تطاق.
لا أستطيع الخروج إلا إذا رافقتني والدتي أو أخي، وإذا حدث وخرجت مع بعض الصديقات، عندما أعود يصب جام غضبهم على رأسي. غير الضرب والاهانة التي لا يتحملها حتى الحيوان.
يعتقدون لأنهم أنجبوني يحق لهم التحكم في حياتي، وهذا الشيء أرفضه شكلاً وتفصيلاً. دموعي لا تجف أبكي من القهر من الظلم الذي وقع عليَّ لأني ولدت امرأة. أخي يخرج لا أحد يسأله أين كنت ومع من.
جدران غرفتي أصبحت أراها سجنًا.
هل خروجي لوحدي يجلب للعائلة العار؟ وإذا حدث وتكلم معي شاب يهاجمونني ويلعنون الساعة التي ولدت بها. كل اللوم عليَّ. هل لأن التركيبة الفسيولوجية هي السبب؟
لماذا هذا الظلم؟ ظلمت منذ أول يوم رأيت فيه النور. قالوا لقد أنجبت “بنت” والمرارة في كلماتهم، في نظراتهم. لأن المجتمع الذي يسمح للرجل بأن يكون حرًا، ويمنع الحرية عن المرأة، لأنها امرأة لأن تركيبتها تختلف. هو مجتمع مزدوج المعايير.
أما الشيء المبكي المضحك. تصوراتهم الغبية عندما يشبهون المرأة بأنها مثل لوح الزجاج أي شيء ممكن أن يشرخه.
لماذا إلى اليوم يتصرفون مع المرأة كأنها فاقدة الأهلية. غبية لا تعرف التصرف بحكمة وعقلانية، رغم أنها ذكية وتمتلك قدرات لا يمتلكها الرجل.
لوحت له بيدي. فهو رفيق الطفولة، تلك المرحلة الجميلة التي أتمنى لو تعود للحظات حتى اتفيأ بظلالها.
وائل من الشخصيات القليلين أمثاله. إذا تكلم صدق، وإذا وعد وفى، وإذا عمل أتقن عمله. لذلك أحبه كل من عرفه.
ترعرعنا في نفس الحي. عندما كنا نلتقي كانت أحاديثنا تتمحور حول الدراسة وأحلامنا المؤجلة التي سوف نحققها بعد التخرج من الجامعة.
لم يكن لدينا علمًا بأنه سوف يأتي يومًا وتقفل المعابر وتقطع العلاقات، ويصبح من الصعب رؤية بعضنا البعض، والسبب خلافات بين الكبار تأذوا منها الصغار.
لكن رغم هذا لم نخنع لتلك القطيعة بين عائلتي وعائلة وائل. كنا نلتقي بالسر بعيدًا عن أعينهم. في الدكانة عندما كنت اذهب لكي أقوم ببعض المشتريات للبيت. عندما كنت أذهب لقطف الزيتون، فقطعة الأرض التي نمتلكها قريبة من قطة الأرض التي تمتلكها عائلة وائل. لكن تلك كانت فترة سرعان ما وصلت الأخبار لوالدي بأننا نلتقي بعيدًا عن الأعين. فقرر والدي حبسي بالبيت وحرماني من إكمال دراستي الجامعية. رغم أني وجهت له جدي الذي يحبني ويعتبرني حفيدته المفضلة. لم تشفع توسلات جدي ولا عمتي.
توجهت لخالي الذي تخرج طبيبًا من أكبر الجامعات في البلاد وحصل على أعلى العلامات. وأنا على علم بأنه يستطيع بقدراته التي يمتلكها يستطيع اقناع والدي وتغيير رأيه
قال له خالي حسام:
-اترك البنت تتعلم، اليوم الشهادة بيد الفتاة سلاح تحميها من الحاجة وتجعلها مستقلة.
لكن مع الأسف كلام خالي لم يجلب أي نتيجة. لأن مثل تلك العقلية المتخلفة المتحجرة لا ينفع معها الكلام اللين. فقرر أن يتوجه له بلغة أخرى يفهمها. لأن الضغط المتزايد سوف يجلب نتيجة. وحتى يخيفه أكثر على مستقبل ابنته. قال له:
-عندما تذهب أنت وأمها للعالم الآخر وتترك فتاة لم تحصل على القدر الوافي من التعليم، والذي سوف يقيها من الحاجة. هل تتخيل الحالة التي سوف تكون عليها وهي تترجى أخاها أن يعينها على المعيشة. وهي المسكينة التي لا تمتلك شهادة ولا عملًا؟
العلم اليوم أصبح متاحًا للفتاة قبل الشاب. كل المصانع والشركات أغلبية موظفيها نساء. المرأة اليوم احتلت أكبر المناصب في الدولة. فلا تجعل من نفسك شادًا عن القاعدة واترك ابنتك تكمل دراستها. فقد قررت أن تدخل كلية الحقوق حتى تصبح محامية تدافع عن المظلومين في الأرض.
عدا ذلك المرأة إذا لم تتعلم كيف لها أن تربي جيلًا مثقفًا. العلم وحده كفيلًا جعل المجتمعات نظيفة من شيء اسمه عنف.
وليس بغريب بأن المجتمعات التي فيها المرأة متعلمة وعاملة هي من أكثر المجتمعات تطورًا.
وقبل أن يذهب الخال من بيت أخته نظر نحو زوج اخته وقال له. كن عادلًا مرة في حياتك وعامل أولادك بالتساوي ولا تكن القاضي والجلاد وتحكم على ابنتك فقط لأنها فتاة بالتعاسة وضياع مستقبلها.
في اليوم التالي تكلم والد نهاد معها. وقال لها بأنه قد سمح لها بأن تكمل دراستها. لم تصدق أذنيها، فطلبت من والدها أن يعيد الكلام مرة أخرى على مسامعها.
– لقد سمحت لك بإتمام تعليمك ومن الغد تستطيعين الذهاب والتسجيل بالجامعة قبل أن ينتهي التسجيل.
ذهبت عند خالها ودموعها تسبقها عندما شاهدها خالها بهذه الحال. خاف عليها وسألها:
-ماذا أصابك يا ابنة اختي؟
– تكلمت وعيونها تذرف دموعًا وصوتها متهدج أبي وافق ان أكمل دراستي.
فرح الخال وقال هذا أعتبره انجازًا لأني استطعت تلين عقلية خشنة مثل عقلية والدك يا ابنة اختي. ألف مبارك لك..
وبعد فترة ليست بطويلة التقيا نهاد ووائل على نفس المدرج وأمام كل الطلبة والمدرسين طلب يدها فصفق كل من كان على المدرج لهذا الحب فرح الجميع لهما. وبعد فترة انتهى الخلاف بين العائلتين.
أقول لكل فتاة لا تستسلمين كوني على قدر كبير من الشجاعة…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق