فلسطين تراث وحضاره
حبات السليقه الذهبيه:- بقلم ازدهار عبد الحليم
سنابل القمح الذهبيه تتماوج مع هبوب النسيم وشمس اَب.
سأكتب ما عرفته عن أمي.
أمي كانت تقف شامخه وبيديها تحمل الغربال لتذري حبات القمح ، مع نسمات الهواء .
مع تقدمها بالعمر كانت صاحبة مقوله لقد ورثتها ممن سبقها ان البيت اللي ما فيه مونه ما فيه بركه .
والبركه تأتي بالطحين والخميره والبرغل .
بشهر اَب تستعد لتحضير المونه .لسلق القمح ، قبل موعد السليقه تقوم بتنقية القمح من التراب وشوائب وأوساخ اخرى .
وتنظفه بالغربله. أي (بالغربال)، وفي يوم السليقه تغسله جيدا عدة مرات .
وتحضر الحطب لأشعال النار .
ونحن نساعدها بتحضير الماء وتصوله أي تصفيه بالمصفاه (القصريه) وتقوم بغسله عدة مرات ، وتجلس بجانب الموقد لتراقب النار .
ونحن( اخوتي) نصطف حولها لنسليها ونشرب الشاي معها وكان حديثها مشوِق تحكي لنا حكايات عن صباها وما عاشته بحياتها.
وبين الحين والاخر تقلب السليقه (الحنطه )لينضج سويه كامله وروح وحده .
وبعد أن يبردقليلا تبدأ بنقل السليقه (الحنطه المسلوقه) .
وطبعا نساعدهابنقلها.
وهي تقوم بفرش السليقه بطريقه جيده لتتعرض لأشعة الشمس والهواء وتقضي معظم وقتها بساحة الدار لتراقب السليقه من شيء غريب يعبر ويدوس عليهم وهي جالسه بجانبهم كأنهم أطفالها تقلبهم وهذه الحركه التحريك ثلاث مرات باليوم تتناثر حبات السليقه بين يديها مع شروق شمس الصباح كأن السليقه صفائح من الذهب.
وهذه المونه بالنسبه لها أغلى من الذهب لأنه من انجازها وتعبها .
وطول النهار بين الحين والاخر تحركهم وتقلبهم لمدةأربع ايام.
بعدها تجمعهم وتذهب بهم الى الطاحونه أو الجاروشه .
وبعد عمليه الجرش تقوم بتنظيفهم بالغربال وازالة القشور عنهم وتفصل بين البرغل الناعم والبرغل الخشن وقسم للطحين لصنع الخبز وهكذا.
بالفعل انها عمليه صعبه وشاقه للغايه .
مع مرور الزمن والتطور التكنولوجي ، أصبحنا نشتري البرغل بأكياس نايلون محكمه جاهزه للطبخ .
والحمد لله نعتز بأكل البرغل والمجدره والتبوله .
لكن اذا وصفت ما معنى سليقه للأسف لا أحد يدرك ما المعنى ، هذه الكلمه اندثرت وتلاشت .
لا تستغربوا انه عمل شاق ونفس الوقت ممتع وانجاز عظيم وغالي كالذهب .
وفوائد القمح لا تقدر بثمن ، وقيمته الغذائيه غنيه بالفيتامينات والتأثير الايجابي على الجهاز الهضمي .
سلمت أناملك ياامي
مهداه الى روح الغاليه امي الحاجه صبحيه زيد الكيلاني
بقلم ازدهار عبد الحليم