(إنْ أَصابَكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ أَصابَ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ، وَتِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ)
إلَى مَتَى سَتَبْقى رَحا الْحَرْبِ تَدُورُ وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟
مِنْ حِينٍ لِحِينٍ تَشُبُّ في مِنْطَقَتِنا نارُ الْحَرْبِ وَيَشْتَدُّ أُوَارُها. حَرْبٌ وَقُودُها الْبَشَرُ رِجالٌ وَنِساءٌ شُيُوخٌ وَأَطْفالٌ، مَساكِنُ دُمِّرَتْ فَوْقَ ساكِنِيها،
صَوامِعُ وَمَصانِعُ وَمَساجِدُ وَبِيَعٌ وَمَشافٍ وَمَدارِسُ وَمَزارِعُ، والشَّجَرُ وَالْحَجَرُ وَالْمَنابِعُ كُلُّها سُحِقَتْ بِآلَةِ التَّدْميرِ الْبَشَرِيَّةِ.
الْحُرُوبُ شَيْءٌ مَأْلُوفٌ عِنْدَ الْبَشَرُ، تَشَبُّ وَتَخْبُو، ثُمَّ تَنْتَهِي لِتَعُودَ وَتَشْتَعِلَ في مَكانٍ عَلَى هَذِهِ الْبسيطَةِ، وَهَكَذا دَوالَيَكَ
غَيْرَ أَنَّ الْحَرْبَ ضِدَّ شَعْبِنا لا تَخْمُدُ إلّا لَتَسْتَعِرَ مِنْ جَدِيدٍ.
دُوَلٌ عَرَبِيَّةٌ اُحْتُلَّتْ وَخُرِّبَتْ وَلا تَزالُ تَئِنُّ تَحْتَ صَنادِلِ الْقَتَلَةِ الْمُسْتَعْمِرِينَ الْجُدُدِ الَّذِينَ لا يَرْحَمُونَ أَحَدًا، وَلا يُبْقُونَ عَلَى مَصادِرِ الْقُوَّةِ وَالْحَياةِ في كُلِّ بَلَدٍ دَنَّسَتْهُ أَقْدامُهُمْ.
خَمْسَةُ أَيامٍ والدَّمُ الْفِلِسْطِينِيُّ يَنْزِفُ، وَالْعالَمُ يَتَفَرَّجُ، وَكَما قالَ عَبْدُ الٍحَلِيم: “وَجَرْحِي أنا أَطْوَلُ مِنَ الْأَيّامْ”.
الْعالَمُ الْعَرَبِيِّ مَيْتٌ، قابِعٌ في مَنازِلِهِ تَحْتَ سِياطِ الْحُّكّامِ الْمُشْهَرَةِ، يَتَلَهَّوْنَ بالْهَريسَةِ والْعَوّامَةِ. وَيَنْظُرُونَ مِنْ خِلالِ الشَّاشَةِ الصَّغِيرَةِ إلَى جَداوِلِ الدَّمِ.
نَجَحَتْ إسْرائِيلُ بِالِاسْتِفْرادِ بِالْجِهادِ لِتَحْقِيقِ أَهْدافِها. وَتَرَكَتْ حَماسَ لِتَقُولَ : أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الْأَبْيَضُ.
