مقالات

رمضانيات / بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ((( جمال الفكر الإسلامي بين الخلاف و الاختلاف ٠

” ألا يستقيم أن نكون إخوانا و إن لم نتفق في مسألة ؟! ” ٠
الإمام الشافعي رضى الله عنه ٠
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
عزيزي القاريء الكريم كل عام و حضراتكم بخير و سلام مع شهر رمضان المعظم ٠
يظل اختلاف الناس في المسائل الفقهية منذ عصر النبوة و الصحابة و انقسام العلماء بين مدرستي : الرأي و القصد ٠
و العقل و النقل ٠
و من ثم نلحظ الخلاف و الاختلاف ، فقد بدأ الصراع و الشقاق و الكل ينتصر لرأيه وربما رمى الناس المختلف معهم بالفسوق و البدع و الضلال و أحدث كراهية حتى القتل ٠٠!٠
و نختصر هذه القضايا العصرية المتنازع حولها في قول الإمام الشافعي رضى الله عنه :
” ألا يستقيم أن نكون إخوانا و إن لم نتفق في مسألة ” ٠
و الاختلاف سنة محمودة للوصول إلى درجات الحق و لا سيما في الفروع التي أصبحت مشكلة العقل الفقهي الذي لا يفهم و لا يدرك المقاصد مع فقه وقضايا العصر و المنفعة و المصلحة دون المساس بالأصول الثابتة و الفاصلة و التي لا تحتاج إلى خلاف و لا اختلاف ٠
و الذي يهمنا هنا ( الاختلاف ) و يرجع جمال الاختلاف في التفكير الإسلامي لتناول تنوع كل حركة الحياة و استيعاب النص مع الواقع ٠٠
وكل هذا أعطى الأحكام الشرعية داخل الاستنباط ميزة العقل بجانب النقل ٠
مع مراعاة فقه الواقع و البيئة و الأزمنة في مرونة ووسطية و من ثم لا يعطي الاختلاف ميزة لفريق كي ينكر على الآخر مناط الاجتهاد و التقيد ٠٠
فتحية لروح التجديد و القصد للوصول إلى الحكمة من وراء قضية الاختلاف لا الخلاف و الابتعاد عن التهم لكل فريق إنه مبتدع وصاحب ضلالات مستنكرا القياس و أن هذا الأمر من قديم الزمان بين مذاهب الأئمة ٠
حتى قيل لنا منذ نعومة أظفارنا ” اختلافهم رحمة ” من باب بيان الأحكام الشرعية للواقع ٠
* بداية الاختلاف :
لمَّا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بسرعة الخروج إلى بني قريظة قبل أن يتحصنوا بحصونهم قال لهم :
” ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيهم، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك. فذُكِر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحداً منهم ‘ ٠
رواه البخاري.
و قد فهم الفريق الأول الغرض من الحديث الاستعجال فصلى بعد تأويل و تفسير للمضمون ٠
و الفريق الآخر أخذ ظاهر الحديث و الكلام فلم يصل ِ حتى وصل ٠
و كلاهما أجتهد ٠
و أثناء الصلاة لم يجدوا ماءً للوضوء فتيمموا ثم انقسموا عندما وجدوا ماء بعد الصلاة فريق قال أصبنا السنة خلاص و الآخر توضؤا ثم صلى ، وكله اجتهد حسب رؤيته ٠

* ثانيا : بدل زكاة المال و الزروع و الثمار : ملابس ، و بدل زكاة الفطر : نقودا ٠
كله هذا ( العِوض) لمصلحة أصحاب فروض الزكاة المستحقين بغية المقاصد ٠
و هذه عظمة سيدنا معاذ بن جبل اعرف الناس بالحلال و الحرام ٠
و هو في اليمن أرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ زكاة المال منهم الغنم بالغنم و البعير من الأبل من كل صنف هكذا ٠٠
لكنه فهم القصد من النص و بنى حكمه و استبدل هذا بالثياب لحاجة الناس إلى هذا ٠
ليضرب لنا مثلا فريدا في بناء الأحكام الشرعية و المقاصد في حكمة بالغة و تبدل الحبوب بالمال كي لا يخسر أصحاب الفروض المستحقين ومصلحتهم في هذا التنوع المباح ٠

* ثالثا : دفع صك نقود في المصارف مقابل ذبح الهدي أثناء الحج بدل الذبح ٠
و أيضا الطواف حول الكعبة في دراجة مقعد و في أدوار طوابق عليا ٠٠٠ الخ ٠
و لمسنا تدريج الأحكام في قضاء الكفارات و الأعذار هلم جرا ٠
و كل هذا البدل و العِوض لم يغفله أهل الفتاوى و بات من المسائل التي نعلمها جميعا ٠
و في هذا القدر كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد ٠
و على الله قصد السبيل ٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق