خواطر
أ.د. لطفي منصور / خاطِرّةٌ:
مِنْ حُسْنِ خُلِقِ الْمَرْءِ عَدَمُ تَدَخُّلِهِ بِما لا يَعْنِيهِ:
مِنْ عاداتِ شَعْبِنا السَّيِّئَةِ، وَخاصَّةً في الْمُجْتَمَعِ الْقَرَوِي
تَدَخُّلُهُمْ في أُمُورِ النَّاسِ الْخاصَّةِ، وَرَغْبَتُهُمْ في مَعْرِفَةِ كُلِّ شَيْءٍ عَنْ أَحْوالِ النَّاسِ وَالْعائِلاتِ وَالْبُيُوتِ. حَتَّى لا يَبْقَى عِنْدَ النّاسِ شَيْءٌ يُوَرُّونَهُ إلّا وَيُعَرُّونَهُ.
لا يُوجَدُ لِلْمَرْءِ سِرٌّ في تِلْكَ الْمُجْتَمَعاتِ. وَأَكْثَرُ ما يُثِيرُ الْمَرْءَ تِلْكُمُ الْأَسْئِلَةُ الْمُسْتَفِزَّةُ عَنِ الْعُمْرِ، وَكَيْفَ تَقْضِي وَقْتَكَ، وَإلَى أَيْنَ سافَرْتَ أَمْسِ، وَماذا تَعْمَلُ الْآنَ، سَمِعْتُ أَنَّ ابْنَكَ فُلانًا…،
كَمْ راتِبُكَ؟ مَنْ أَيْنَ تَشْتَرِي مَلابِسَكَ، وَ وَ وَ ، إلى ما لا نِهايَةَ مِنَ الْأَسْئِلَةِ الْفُضُولِيَّةِ الَّتِي لا مَحَلَّ لَها. وَقَدْ يَسْتَوِقٍفُكَ فُضولِيٌّ في الطَّريقِ فَيُنَغِّصُ عَلَيْكَ حَيّاتَكَ، وَتَتَمَنَّى أَنْ تَنْشَقَّ الْأَرْضُ وَتَبْتَلِعَهُ.
وَقَدْ تَدْخُلُ حانُوتًا فِتَجِدُ أُناسًا جالِسِينَ لا لِلْبَيْعِ والشِّراءِ بَلْ حُبًّا في الِاسْتِطْلاعِ ، يُحَمْلِقُونَ بِكَ لِيَعْرِفُوا ما تشْتَرِي، وَهْم يَتَهامَسونَ، مَنْ هذا، وَابْنُ مَنْ هذا، وَأَيْنَ يَسْكُنُ وَهَكَذا، وَالْوَيْلُ لِلدّاخِلِ إذا كانَ امْرَأَةً
فَالنَّتِيجَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ.
عادَةٌ مُقْرِفَةٌ يَجِبُ الْإقْلاعُ عَنْها
خاصَّةً في شَهْرِ رَمَضانَ الْكَريمِ، لِأَنَّ الصّائِمَ لَيْسَ عِنْدَهُ النَّفَسُ الطَّوِيلُ فَلا يَتَحَمَّلُ هذا السُّلُوكَ الَّذي يُثِيرُ الْأَعْصابَ.
عَلَيْنا أَنْ نَتَذَكََرَ دائِمًا الْمَثَلَ الْقائِلَ:
“مَنْ دَخَلَ في ما لا يَعْنِيهِ لَقِيَ في ما لا يُرْضِيهِ”