مقالات
الْأُمُّ يَنْبوعُ الْحُبِّ / أ. منصور لطفي
في الْعَرَبِيَّةِ كَلِمَةٌ تَحْوِي مِنَ المعاني ما يَصْعُبُ حَصْرُهُ، وهيَ فَيْضُ الْمَحَبَّةِ والْمِقَةِ والْحَنانِ والْمودّةِ، وغيرِها مِنْ عَشَراتِ الكلماتِ والصِّفات.
هذه الكلمة هِيَ الْجَذْرُ (ر ح م). ثلاثَةُ أَحْرُفٍ نَشْتَقُّ منها كلماتٍ عديدةً كُلُّها تَحْتَوي مَعْنَى الرَّحْمَةِ. وهي من الكلماتِ الأساسِ في القرآنِ الكريم.
أولَى هَذِهِ الكلماتِ هِيَ الرّحْمُ، أَعْنِي رَحْمَ الأُمِّ، وهو أعظَمُ حَيِّزٍ أو بيئَةٍ تَصْلُحُ أنْ تُولَدَ فيها الْحَياةِ في الْكَوْنِ الذي نعلَمُه. وهذه الكلمةُ تشتركُ فيها مع العربيّة اللّغاتُ السّاميّة، وخاصَّةً الْعبريّةَ وبالمعاني نفسِها (רחם, רחום, רחמים, רחמנות) .
في العربيّةِ نجدُ رَحِمَ، الرّحمَةُ، الرَّحيمُ، الرَّحْمانُ، الأرْحامُ. ونستطيعُ أنْ نشتَقََ منها عشراتِ الكلمات. ولو تَدَبَّرْنا معانيَ كلمةِ “رَحْم “باستثناءِ كيسِ الْحَياةِ نجِدُ أنَّ الْمعنى السائِدَ هو الْحُبُّ والْمَحَبَّة.
وبهذا المعنى جَاءَ في القرآن. فالرّحيم هو الْحَبيبُ الغفور الودود الوامِقُ لخلقهِ. وكلُّها كلمات بمعنى الحُبِّ.
الرَّحمانِ: صيغةُ مبالغةٍ من الرّحيم. أي المُحِبُّ الشديدُ لعباده. وبهذا اللَّقَبِ تَسَمَّى مُسَيْلَمَةُ الكذاب “رحمان اليمامَة” أي محبوب اليمامة التي ادَّعَى النبُوَّة فيها.
فالرَّحْمُ هو الأمُّ، والأُمُّ هي الرَّحمُ ، وَالأُمُّ هي المحبّةُ كُلُّها تُكسِبُها نَسْلَها.
كُتِبَ بمناسبةِ عيدِ الأُمِّ.
تحيّةً للأُمّهاتِ جميعًا، ورحمَةً لأرواحِ اللّاتي اختارهنَّ اللّهُ لفسيحِ جنانه. آمين.