مقالات

من سيلوي ذراع الآخر… ساكن قرطاج أو مستوطن ساحة محمد علي؟ هكذا انفجر الناقد التونسي

الاعلامي التونسي المعز بن رجب

اعتبرت جريدة الشعب خطاب ساكن قرطاج في ثكنة العوينة “إعلان حرب” وَعَنْوَنَتْ ذلك في صفحتها الأولى بالبنط الغليظ…

والمتابع للأحداث منذ رفض ساكن قرطاج لمبادرة الحوار الأولى التي تقدّم بها الاتحاد يعلم علم اليقين ان الحرب الباردة بين ساحة محمد علي وساكن قرطاج ستصبح حربا ساخنة جدا في قادم الأيام وهي آتية لا ريب فيها…فالاتحاد يبحث عن الإفلات من قبضة ساكن قرطاج ومن معه، بوصفه شريكا بالأغلبية مع بعض الأحزاب في حكم العشرية السابقة، بالتخلّص من تبعات تلك المرحلة… ورغم محاولات انكار تورطه في حكم البلاد بالطول والعرض منذ جانفي 2011، فإن الواقع يؤكّد ان ساكن ساحة محمد علي ومن سبقه الفائز بجائزة نوبل حَكَما البلاد بأغلبية واقعية صنعتها “البلطجة” وفعلا بالعباد ومؤسسات البلاد ما لم يفعله أي حاكم حكمها سابقا…فالنقابات المهنية والقاعدية عوّضت الشُعب ومؤسسات التجمّع الدستوري الديمقراطي وفعلت بالبلاد والعباد ما لا يمكن تصوّره، وما لم تفعله هياكل ومؤسسات التجمّع حين كانت تحكم بأمرها في البلاد…فالاتحاد حَكَمَ “بالبَايْ” مع بقية الأحزاب وافتك عنوة النصيب الأكبر في كل القرارات التي صدرت ممن سكنوا القصبة ومن جاورها وصاهرها وجالسها…

فرض الاتحاد نفسه شريكا بأغلبية مع المنظومة التي حكمت البلاد منذ 14 جانفي إلى حدود 25 جويلية 2021 من خلال نشره الفوضى في البلاد أثناء الأشهر الأولى التي تلت خروج الرئيس بن علي رحمه الله…فميليشيات الاتحاد التي شكّلت مع بعض “بلطجية” اليسار الغبي والنهضة المتعطشة للحكم رابطات حماية الثورة، عاثت في البلاد فسادا وارعبت العباد وفرضت بخطاب العنف والتهديد مشاركة الاتحاد في كل قرار تقرره الحكومات التي تداولت على القصبة منذ ذلك التاريخ…

وبعد أن أقدمت هذه الرابطات طيلة السنة الأولى بعد حكم بن علي رحمه الله على نشر الرعب في المؤسسات الوطنية، وساهمت في الإبادة الشاملة لكفاءات الإدارة التونسية من خلال رفعها لشعار “ارحل” في وجه كل من كانوا على رأس المئات من المؤسسات الإدارية والاقتصادية بالبلاد…وبعد أن فرضت على حكومة الباجي رحمه الله من خلال الإضرابات والاعتصامات وغلق الطرق وإيقاف الإنتاج، الزيادة في أجور موظفي وعمال أغلب القطاعات… وبعد أن طالبت بتسوية عشرات الآلاف من الوضعيات في الرتب والخطط الوظيفية والتدرّج المهني في أغلب القطاعات تقريبا مع امتياز لوزارة الداخلية بجميع اسلاكها وهي التي شهدت أيضا إعادة كل من اطردوا عن العمل من لدن الوزير “الغبي” فرحات الراجحي …مما تسبب في انتفاخ كتلة الأجور إلى مستوى قياسي اصبح حديث كل المنظمات المالية العالمية…كل ذلك ولا أحد من الاتحاد تذكّر ما كان شباب الحراك الاجتماعي يرفعه من شعارات تخصّ الكرامة والتشغيل فلا شيء تحقّق من انتظارات ذلك الشباب…ولا أحد من قيادات الاتحاد فكّر في إعلان هدنة شاملة لخمس سنوات أو أكثر، من أجل ترك الفرصة للاستثمار بهدف تشغيل مئات الآلاف من الشباب المعطّل الذي استبشر خيرا بالشعارات التي رفعت في حراك 2010 وأوصلنا إلى ما نحن فيه… بعد كل ذلك وصف الاتحاد عشريته الماضية بعشرية الخراب…وهو الذي كان الآمر الناهي في كل تفاصيلها …

بعد أن تسبب بمطلبيته المشطة وغير المدروسة والفوضوية والانتقامية، في انتفاخ كتلة الأجور ووصولها إلى حجم قياسي لم تعرفه البلاد منذ استقلالها دون ان تنجز شيئا مما كان ينتظره من يسمونهم بــ”شباب الثورة”…اصبح الاتحاد بكل مكوناته المركزية والجهوية شريكا بأكثر من النصف في حكم البلاد وفي كل ما يقع ويدور بمفاصل الدولة والحكم…فمركزيا كان الاتحاد بقيادتيه “العباسية” نسبة إلى حسين العباسي و”الطبوبية” نسبة إلى نور الدين الطبوبي، يفرض نصيبه من الأسماء في كل الحكومات التي أدارت شؤون الحكم، كما كان يرفع الفيتو في وجه كل من لا يريدهم ولا يقبل بهم ولا يرضخون لشروطه ويخدمون اجنداته ومصالح بعض قياداته…وكان يفرض أيضا العديد من الأسماء في التعيينات الجهوية من ولاة ومعتمدين وغيرهم من خطط إدارية لمفاصل الحكم والدولة…أما جهويا فقد كانت القيادات الجهوية لاتحاد الشغل تفعل ما تريد كما تريد ومتى تريد ووصل الأمر ببعضها إلى فرض نتائج مناظرات على بعض المدراء والمسؤولين…كما أصبح أغلب الولاة يجتمعون بالكاتب العام الجهوي للاتحاد أسبوعيا وفي العديد من المناسبات كشريك فعلي في الحكم، وكانت كل البلاغات الصادرة عن مؤسسات الحكم تنصّ على مشاركة الشريك الاجتماعي في كل المفاوضات والاجتماعات ودراسة المخططات التنموية والاقتصادية…وكان الاتحاد حاضرا في كل اللجان التنموية والاجتماعية والاقتصادية…

هكذا تصرّف الاتحاد في البلاد خلال عشرية كاملة ويزيد، لينعت ويصف بعد ذلك تلك العشرية بالخراب فمن يا ترى كان الشريك الأكبر في صناعة ذلك الخراب؟ الأحزاب أم “نسخة الخراب” من الاتحاد؟؟

هنا تكمن حقيقة ما يعنيه وما يهدف إليه الطبوبي بمبادرته، فالطبوبي يريد أن ينقذ نفسه ومن معه من قيادات الاتحاد من مسؤولية الخراب الذي وقع في البلاد، وهو على يقين أن ساكن قرطاج لن ينسى الاتحاد من حملته لتفكيك المنظومة السابقة … فهو يعتبره احد أهمّ أعمدة المنظومة الحاكمة السابقة وأحد الذين ساهموا في خراب العشرية الموصوفة بالخراب، والآن وبعد أن نجح نسبيا في فرض مجلس نيابي على مقاسه وما يريد، سيلتفت للاتحاد لتفكيكه وابعاده عن طريقه أو تدجينه وضمّه لصفّه حتى وإن أعلن عليه الحرب علنا… فالوضع المأسوي الذي تعيشه البلاد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا شجع قيادات الاتحاد الحالية على اللعب على مزاج المواطن التونسي الذي فقد الثقة في السلطة الحاكمة التي جاءت بعد 2019 بما في ذلك ساكن قرطاج…فتواصُل الانحدار الاقتصادي الرهيب وتواصل معاناة المواطن بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني …وتواصل أزمة المعطلين عن العمل واتساع مساحة اليأس والإحباط لدى كل مكونات المجتمع وكل فئات الشعب بعد أن خاب أملهم في أن يصلح ساكن قرطاج أوضاع البلاد والعباد…

كل هذه العوامل أوعزت لقيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق