مقالات

العلاقة بين المخدرات والعنف الدامي وإهمال التربية الاسرية

الدكتور صالح نجيدات

تعتبر المخدرات معول هدم المجتمعات لخطورتها على الشباب , والمخدرات منتشرة هذه الأيام بشكل واسع بين شباب امتنا وتهدد مستقبلهم ,وبالرغم من خطورة المخدرات على الفرد والمجتمع , الا أنه لا يلقى هذا الموضوع الاهتمام لا شعبيا ولا رسميا , وموضوع المخدرات مرتبط ارتباط وثيق بالجرائم التي تحدث في المجتمع يوميا  ومرتبط أيضا بتجارة السلاح وعصابات الإجرام , فلا يختلف اثنان على أن المخدرات آفة الشعوب ومعول هدم أركانها , وتعتبر سبب سقوطها وخرابها وخراب اقتصادها وتدمير مقدراتها وتدمير الفرد فيها, ويضر بمستقبل الاجيال ، ولذا يجب محاربتها على اختلاف أنواعها ومصادرها و تجارها ومروجيها من اجل المحافظة على مستقبل شبابنا لأنها عدو فتاك لا يرحم ويحرق الأخضر واليابس , ولذا على السلطات الرسمية بذراعها الاجتماعية والتربوية والشرطية وعلى المدارس والجامعات والجمعيات الاهلية وعلى الائمة في المساجد بخطب الجمعة وكذلك على الاهل التركيز على الوقاية من استعمالها بكل الوسائل , وعلاج كل من تورط باستعمالها , وعلى الاهل بذل كل الجهود من اجل الحفاظ على أبنائهم من هذا الوباء المميت بالتوعية والإرشاد ومنعهم من مصاحبة رفاق السوء .
هناك من يعتقد خطأ ان المخدرات من نوع مرحوانا و”حشيش” لا تسبب الإدمان, وهذا خطأ شائع , والأبحاث العلمية في علم الجريمة أثبتت بشكل قاطع أنها تسبب الإدمان , وعندما يدمن الانسان يريد شراء وجبات المخدرات بكل ثمن ,وعندما لا يملك النقود لشراء المخدرات يستعمل كل الوسائل غير الشرعية من اجل الحصول على النقود لشراء السموم , ولا يتردد بتورطه بارتكاب الجرائم , وللأسف هذا الذي يحصل اليوم عند الكثير من الشباب حيث يريدون الربح السهل بالاتجار بالممنوعات واستعمال البلطجة والخاوة والابتزاز للحصول على النقود وكذلك انضمام قسم منهم الى عصابات الإجرام كجنود لتنفيذ مهام مقابل الأموال.
واليوم أعداء الامه يستخدمون المخدرات معول هدم للمجتمعات وتخريب الشباب, ونذكر في هذا المقام حرب الأفيون التي شنتها الدول الاستعمارية في الماضي ضد الصين والهند لنشر المخدرات لتدمير شبابها , واليوم أبناء امتنا مستهدفون من قبل دول  الاستعمار للمس بهم وتخريب عقولهم من اجل السيطرة على ثروات ومقدرات شعوبنا العربية .
الدوافع والأسباب لتعاطي المخدرات كثيرة , ومنها الإهمال التربوي للاسرة , وضعف الوازع الديني ومصاحبة رفاق السوء والفراغ القاتل ، والطلاق وكثرة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية , فالأسرة هي الحصن الأول الذي ينشأ ويترعرع فيه الأبناء ، ثم المدرسة ثم المجتمع، وعلى الاسرة والمدرسة والدولة الاهتمام بتربية الأبناء تربية صالحة وتحصنهم ضد كل المغريات وتحميهم من كل الظواهر السلبية في المجتمع .
المخدرات منتشرة اليوم بشكل واسع بين معشر الشباب من كل الفئات والاعمار , عند ابناء الاغنياء وابناء الفقراء وحتى عند المثقفين , وللاسف هذا الموضوع مهمل من قبل الاهل والسلطات الرسمية بالرغم من خطورته والمس بمستقبل اجيالنا ,فلا توجد توعية ولا خطة وقاية من هذه الافة المميتة للشباب لا شعبيا ولا رسميا , وعدم علاج موضوع المخدرات سوف يزيد الطين بله ويحدث مزيدا من العنف الدامي ,ويبقى مجتمعنا يدور في حلقة مفرغة ,ولذا قبل وضع أي خطة لعلاج العنف في مجتمعاتنا يجب أولا أن تسبقها خطة لعلاج انتشار المخدرات في المجتمع وفطام المدمنين ,لان جذور العنف في مجتمعنا سببها المخدرات وإهمال التربية الاسرية , وبدون خطة لعلاج المخدرات وإصلاح التربية الاسرية لن يكون أي نجاح لعلاج العنف في مجتمعاتنا .
الدكتور صالح نجيدات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق