يحسب للأستاذ جاسم محمد أمين الخاجة الذي رحل إلى جوار ربه راضيا مرضيا في 24 أيلول/ سبتمبر 2022 انه كان يتمتع بتاريخ متين ومشرف في ميدان الحركة الرياضية والكشفية في البحرين، أستمر معه على امتداد ستة عقود من الوقت، فقد كان هذا الرجل واحدا من رواد الجيل الذهبي للحركة الرياضية والكشفية في البحرين، وكان أحد الطلاب المتفوقين الأوائل البحرينيين الذين تلقوا علومهم في الجامعات المصرية في مجال التربية الرياضية، وكان من بين اللاعبين الأوائل المميزين في عالم كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد وألعاب القوى في البحرين، وكان سفيرا لعدة انشطة رياضية بحرينية حول العالم، حيث شارك في الكثير من المناسبات الرياضية والشبابية والكشفية على مختلف المستويات العربية والقارية والعالمية مشاركا وممثلا للرياضة البحرينية، في حقبة سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي .
تبوا الراحل، جاسم امين، مراكز مرموقة ومسؤوليات عديدة في ميدان الرياضة والحركة الكشفية البحرينية، فكان مشرفا ومديرا لدائرة التربية الرياضية والكشافة في وزارة التربية والتعليم، ورئيسا لأول إتحاد لألعاب القوى يؤسس في البحرين، وعضوا في مجلس إدارة الإتحاد البحريني لكرة القدم، وعضوا عاملا في اللجنة الأولمبية البحرينية، اضافة إلى كل هذه المهام كان محررا لامعا في الصفحه الرياضية لمجلة ( المجتمع الجديد) الاسبوعية البحرينية التي كانت تصدر في سنوات السبعينات من القرن الماضي، وترك بعد رحلة طويلة وشاقة من العمل والنشاط الذؤوب في جميع هذه المراكز والمسؤوليات بصمات خاصة ومميزة ظلت ماثرها مستمرة إلى هذا اليوم، حيث أتقن الرجل في تقديمها لعدة أجيال من الرياضيين البحرينيين، الذين واكبهم عبر تلك الحقب التاريخية الطويلة بعطاءته وبمعرفته وخبرته وثقافته وشهامته وتواضعه واخلاقه الراقية .
تعرفت على الاستاذ جاسم امين، في بدايات العام 1973 من خلال العمل في مجال الصحافة الرياضية، عندما كنت مراسلا صحفيا في البحرين لمجلة ( الرياضة والجمال) اللبنانية الشهرية التي كان يصدرها الدكتور صبري القباني، في حقبة سنوات السبعينات، وكنت مشرفا على الصفحة الرياضية في مجلة (المواقف) البحرينية، وكذلك الصفحة الرياضية في مجلة (القوة) التابعة لقوة دفاع البحرين، والصفحة الرياضية في مجلة (البحرين اليوم) التابعة لوزارة الإعلام البحرينية، ومديرا لتحرير مجلة (الملاعب) الاسبوعية البحرينية، ومنذ ذلك الوقت ظلت تربطنا علاقة صداقة وثيقة وحميمية مخلصة، وكنت اقوم بزيارته دائما في مكتبه في مبنى وزارة التربية والتعليم في المنامة، وفي جميع اللقاءات التي جرت بيننا كنا نتحدث كثيرا حول حاضر ومستقبل الرياضة في البحرين، وكيف يمكن العمل لتطويرها والرقي بها ومواكبتها للتطورات الرياضية العربية والقارية والعالمية، وكنت حينها أشعر بأن لديه حوافز وتطلعات كثيرة وكبيرة للنهوص بمستويات الرياضة المدرسية البحرينية اولا، والتي هي تعتبر الأساس للقواعد الصلبة لمستقبل النشاط الرياضي العام في البحرين، ومن ثم متابعة التطورات والامور الأخرى في هذا الشأن، وكان هو نفسه أول من شجعني ودفع بي لتاليف أول كتاب رياضي في البحرين، صدر في العام 1980 تحت عنوان ” دور الشباب في مستقبل الرياضة ” وهو عبارة عن كتاب توثيقي موسع ويشرح من خلاله تاريخ ومستقبل الحركة الرياضية والشبابية في البحرين منذ العام 1919 حتى العام 1980، وكان للراحل الاستاذ جاسم امين، دور بارز في المراجعة والتدقيق لفصول هذا الكتاب التوثيقي الهام في تاريخ الرياضة البحرينية، والذي هو للأسف الشديد، لم يرى النور سوى لبضعة ايام معدودة، ثم اختفى من الأسواق بسبب الحظر، كما اننا لن ننسى فضل هذا الرجل علينا عندما سعى للبحث لنا عن عمل في وزارة التربية والتعليم البحرينية، حيث حصلت على وظيفة ” امين مكتبة جدحفص العامة ” التابعة للوزارة، وذلك قبل فراري من البحرين لأسباب تتعلق بالنشاط السياسي .
رحم الله الاستاذ جاسم محمد أمين الخاجة، وأسكن روحه الطاهرة فسيح جناته مع الخالدين والابرار، والهم عائلته الكريمة وأهله وذويه واصدقائه ومحبيه الصبر والسلوان، وانا لله وانا اليه راجعون .
هاني الريس
27 أيلول/ سبتمبر 2022