اخبار الفن
القيمة المتوقعة والقيمة المدركة وعلاقتها بمستوى رضاء العملاء
بقلم / د. محمد مصطفى
في أواخر الأربعينات من القرن الماضي بدأ المفهوم الحديث للتسويق في الظهور فبعد أن كان التسويق يستخدم كمرادف للمبيعات أصبح للتسويق مفهومه المحدد، فالتسويق ليس مرادفا للمبيعات حيث يتطلب التسويق تدفقاً ثنائي الاتجاه للمعلومات بين البائع والمشتري ويمثل همزة الوصل بين حاجات المستهلك ووسائل إشباعها ويجب على البائع أن ينتج ويقدم للمشتري من السلع والخدمات ما يتفق مع حاجاته ورغباته ، وقد يعتقد البعض أن الحاجة والرغبة شيء واحد ولكن هناك اختلاف بينهم فالحاجة تعني الافتقار إلى شيء ضروري من أجل الراحة الجسمانية أو النفسية مثل الحاجة إلى المواصلات للانتقال من مكان إلى أخر أما الرغبة فهي بمثابة الوسائل اللازمة لإشباع هذه الحاجة مثل الحافلة كوسيلة من وسائل المواصلات .
ويعد تحديد وتعريف الحاجات والرغبات الإنسانية غير المشبعة نقطة البداية لدراسة النشاط التسويقي وهذا يتطلب الدراسة المستمرة والتحليل الدائم لاتجاهات العوامل البيئية المحيطة والمعرفة السليمة للسوق خاصة في ظل التحولات السريعة والهائلة التي يشهدها العالم اليوم في مختلف المجالات والتي أفرزت معها كثيراً من التحديات أمام المنظمات، وفرض عليها إذا ما أرادت أن تبقى وتزدهر أن تعيش في حالة من الديناميكية والتطور السريع في وقت أصبح فيه التغير المتسارع والتعقيد المتزايد صفتان ملازمتان لمنظمات القرن الحالي ولعل أبرز التغيرات التي تواجهها المنظمات العامة والخاصة اليوم على حد سواء هو الاهتمام بالجودة حيث أصبحت مقياساً للتقدم والتميز خاصة في ظل التحول في سلوك المستهلك وتطلعه إلى مستوى خدمات أرفع لذا فقد سعت كثير من المنظمات إلى تبني الأساليب والمداخل الإدارية الحديثة التي تهتم بجودة الإنتاج والخدمة والأداء والتي كان من أهمها ذلك المدخل الذي أصطلح على تسميته إدارة الجودة الشاملة.
ويتحدد مستوى رضا العميل بشكل أساسي من خلال الفرق بين القيمة المدركة والقيمة المتوقعة للعميل تجاه الخدمات التي تقدم له، كما أن تحقيق مستوى رضا عالي ومتكرر يساعد في بناء ولاء العملاء تجاه المنظمة حيث يقوم العميل بالمقارنة بين القيمة المتوقعة والمتمثلة في مستوى ما يتوقعه من الخدمة التي سيتلقاها من المنظمة التي يرغب التعامل معها ويتوقع أن تحقق له رغباته وتلبي حاجاته وتفوق ما يقدمه المنافسين ، وبين القيمة المدركة والمتمثلة في مستوى الخدمة التي يتلقاها بالفعل والتي تقاس من وجهة نظر العميل بالمقارنة مابين المزايا والمنافع المحصلة من جهة والأعباء والتكاليف التي تحملها في الحصول على هذه الخدمة من جهة أخرى، فإذا كانت القيمة المدركة مساوية للقيمة المتوقعة أو أكثر منها فإن تلك الخدمة تحقق الرضا للعميل، أما إذا كان القيمة المدركة أقل من القيمة المتوقعة ، فإن تلك الخدمة تكون غير مرضية للعميل.
وبالتالي فإن القيمة المدركة للعميل تلعب دورا هاما في اتخاذ قرار إعادة الشراء من عدمه وبالتالي فهي تعد وسيلة أو أداة مهمة بالنسبة للمنظمة التي ترغب في الاحتفاظ بعملائها، وتقوية العلاقة معهم من خلال الحرص على رفع مستوى القيمة المدركة وتحسين العوامل المكونة لها لذلك تسعى المنظمات إلى تطبيق إدارة الجودة الشاملة لتساهم في تحسين قيمة الخدمة المدركة للعميل من خلال العمل على إيجاد نظام متكامل للمعلومات التسويقية والقيام ببحوث التسويق والمتابعة المستمرة والإحاطة الدائمة بالاتجاهات المتوقعة للسوق والعمل على مواجهة التغير في الحاجات والرغبات من خلال وضع البرامج التسويقية المناسبة بما يحفظ للمنظمة نصيبها الحالي من السوق بل والعمل على استحداث برامج تسويقية تكفل زيادة حصتها السوقية.