نشاطات

حكايا من القرايا /بقلم عمر عبد الرحمن نمر

حكايا من القرايا

حدث الحج محمود، قال:

أتاني أبو عمر الراسي، وطلب مني أن أعيره حماري، كي يذهب عليه إلى القرية المجاورة، وأبو عمر صديق عزيز، ولا أردّ له طلباً، لكني خفت عليه…

قلت له: حماري قبرصي، وشرس، وبِحْرنْ مرات، وما حدا بعرف يركبه غيري.

قال: انت ما بدّك تعطيني إياه… قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله يا رجل، والله لو تطلب ولد من ولادي ما عزّيتو عنك… لكن أنا خايف عليك…

قال: يا رجل، هو باقي حصان ابن شعلان، كلّو شقفة حمار… ولم يقتنع بحتشيي… ذهبنا إلى خشّة الحمار، وألبسته حلسه، ووضعت فوقه الخرج، وفوق الخرج سجادة صلاة، حتى تظهر وجاهة الراكب… وحللت الرسن، وطلع الغالي من خشته، وركب أبو عمر، ما شاء الله، مثل الفرسان، وهو يرتدي طقماً (دماية بلون الجكيت)، وحطّة جديدة مكويّة، ومعنكر عقاله، أبو عمر، هيبة والله هيبة… كررت عليه الحذر، وهو يقول: يا رجل أنا رايح أحارب… وشرّق أبو عمر، وأنا متكىء على سنسلة حجرية أراقبه، حتى نزل في الخلّة، وهناك غاب عن ناظري، وبقيت على السنسلة، فِكِر يغيب، وفِكِر يجيب، وأنا فلبي ناكزني من خطرة (أبو عمر) ومش مطّمن… ويا ما أسرع فرج الله… رأيت المسافر يخرج من الخلّة، يحمل الخرج بيده، ويمشي ببطء شديد… قلت في نفسي: سوّد الحمار وجهنا… الله يِسوّد وجهه… تابعت مسير (أبو عمر) لحظات بقلق، وما أن وصلني وهو يلهث، وأواعيه معفرة بالتراب، حتى قال: خذ الخُرُج، وفيه المصلى، هذا مش جحش، هذا قرد… ضحكت، وقلت: لم تصدقني… قال: يا رجل ما أن زلفنا عن الدور وأبعدنا، قام جحشك أحرن، ووقف حمار الشيخ في العقبة، وروح وتعال وانهر وصيح، وما في فائدة… ومن هالمراح ما في رواح… وبعدين عنفص إشويْ، ورفع إديه لفوق، ووقف على إجرتين، قلت بعقلي: أوجهت الله لا يجيب عاقة… ودثرني على تشوم تراب جنب سنسلة (أبو قاسم)، الله سترني ما جيت عَ السنسلة، كلها حجار صوان الله وكيلك… ووقع معي الخرج والمصلى، وبَحْلَق الحمار بي كأني قاتل (أبوه)… وأنا أرجف من الخوف، والله لولا دِرْت العقل من تَلاي إلا يوكلني لعين هالحرسي، ظليت ساكت، والحمد لله، كأنّو استكفى بما فعل بي، فانصرف من هناك تحت، مثل الصاروخ… الله سترني… روح دوّر على جحشك وجيبو… والله أنا بخاف أطّلّع فيه… قلت له: الحمد لله على سلامتك، واللي مش تشارو يا نارو… وكل واحد بسوق حمارته ببصارته… شكرني الرجل، وسلم، ومشى…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق