خواطر
هكذا وضعَت الحربُ أوزارها/ بقلم محمد بكرية
انفلتَ الطفلُ من حضنِ أمّه ، ركضَ مسرعًا جهة الضجيج ،وصل ميدان المدينة حيث آلياتُ الحرب المحتشدة، أزيزُ رصاص يجلجلُ الفضاء، قتلى، جرحى ، صراخٌ حينًا، هتافٌ أحيانًا .
فجأة لمحَ مقاتلٌ مدجّجٌ بالسلاح من على دبابتِه الطفلَ يعدو ماسِكًا بقطعة خبزٍ بكفّ وبالآخر لعبة قماش ،قفزَ الجنديّ كالمجنون اختطف الطفلَ من بين القذائف كي لا يتأذّى، الطفلُ الساذج مدّ قطعة الخبزِ إلى فم الجنديّ ودفعَ بلعبتِه إلى صدره ،استأنس الجنديّ بضحكة الطفلِ الساذجة الخبيثة ، تطاولَ الطفل المطمئنّ بين يدَي الجنديّ وانقضّ على البندقيّة،
ضحكَ الجنديّ متشدّقًا ، ارتفعت ضحكاتُ الطفل ، قهقه الإثنان طويلًا سقطا أرضًا محتضنيْن ،
هكذا صار في الميدان جنديّ طفلٌ يحملُ لعبة قماش، وطفلٌ مقاتلٌ يحضنُ بتدقيّة.
انخرسَ صوتُ المقاتلين، هدأت البنادق، ابتعدت الطائرات ، تجمهرَ العسكرُ حولَهما،
هكذا توقفتْ الحرب.
هكذا انتصرَ الطفلُ.
هكذا انهزمَ الجنديّ.
بكرية