مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية #الفتاة_المخطوفة الجزء التاسع في ميناء القراصنة (حلقة 9 )

كانت الرّياح تنفخ في أشرعة الزّوارق ،فتوغّلت في البحر ،وهذه المرة الأولى التي يبتعد فيها الصّيادون كل هذه المسافة عن السواحل ،ولم يكن ذلك يخيفهم ،والحقيقة أنّ تلك البنت ثريا كانت تعطيهم الشّجاعة ،وربما إعتقدوا أنّها من أولياء الله الصّالحين، على كل حال بدأ النّاس ينسبون لها الكرامات و لم تلبث أن سمعت كل القرى الساحلية بها ،بل إمتد ذلك حتى داخل البلاد ، بعد ساعات ،بدأت شواطئ صقلية تظهر ،فزاد حماس الصّيادين وبدأوا يلوحون بسيوفهم، فقد حانت لحظة الإنتقام ،وهذه الليلة لن ينجوا من القراصنة إلا من كتب الله له الحياة ،كانت ثريا تعرف الخليج الصغير الذي تختفي فيه سفن القراصنة ،وقادتهم إليه ،ومن بعيد شاهدوا خمسة سفن راسية ،قالت لهم: السفينة التي على شمالنا محمّلة بالمؤن والذّخائر ،وهي تستعدّ للإبحار في الفجر ،وهو الوقت الذي يحّبه القراصنة لمفاجأة المراكب وقت ارتفاع الضباب ،وسأنزل إلى الماء ،ثم أتسلّقها ،وإذا كان كلّ شيئ على ما يرام سأعطيكم الإشارة للمجيئ .
سبحت ثريا حتى السّفينة ،ثم تعلّقت بالمرساة، وصعدت على ظهرها .كانت الأضواء خافتة ،وتأتي من بعض المصابيح المتفرقة ،وكما توقّعت تماما كانت هناك الكثير من البراميل والصناديق التي لم يدخلوها بعد للعنبر،ثم أصاخت السّمع فتناهى إلى أذناها أصوات تتكلم ،ولما تسلّلت إلى مصدرها ،لمحت رجلين يتحادثان، والآخرون نائمون أو يحتسون النّبيذ ،فقالت في نفسها : عددهم ليس كبيرا ،وأكثر القراصنة مازالوا على البرّ ،ولو نفّذنا هجومنا بحذر ،فلن يحسّ أحد منهم بما يحدث، ثمّ لوّحت بيديها ،فقز ثلاثون من الصّيادين في الماء بقيادة حسن ،وطلعوا على السّفينة ،فقالت ثريا لهم : سنصطادهم واحدا وراء الآخر،ثم فكّت الرّباط عن شعرها ،فأطلقته ،وفتحت قميصها ،فظهر طرف صدرها ، بعد ذلك وقفت أمام الرجلين الذان بان عليهما الإستغراب، ثمّ إبتسم أحدهما ،وقال لها : ماذا تفعلين هنا أيتها الصّبية؟ ،فأجابته :أنا أبحث عن شيئ آكله ،ومعي رفيقتي !!!
أخذ الرجلان طعاما ،واتّبعاها ،وما كادا يبتعدان حتى إنهالت عليهما الضّربات ،فوقعا دون حراك، ثم إحتالت على جماعة من السّكارى الذين مشوا وراءها ،وهم يلوّحون بزجاجات النبيذ ،ويترنّحون ولم يجد الصّيادون صعوبة في التخلص منهم، ثمّ تسللوا وأحاطوا بالنائمين وكانو عشرين أو يزيدون، وأشبعوهم طعنا وضربا ثم رموهم في البحر ،وهم يقولون الآن ثأرنا لمن مات من أهلنا ،ثم مشوا بحذر في السفينة وكل من وجدوه قتلوه ولم تمض دقائق معدودات حتى سيطروا على السفينة أرسلت ثريا إشارة ثانية وبدأت الزوارق تقترب و ربط الصيادون البارمال والصناديق بالحبال وأنزلوها وكان الذين في الزوارق يرصفونها ،وأخذوا كل ما وجدوه صالحا حتى المسامير والمطارق ولم أفرغوا السفينة أضرموا فيها النار ،لكن ثريا قالت لبقية الزّوارق: إرحلوا بسرعة ،وسأيقى مع زورق واحد !!!ولن يهدأ لي بال قبل أن أحرق بقيّة السّفن وستكون ضربة قويّة للقراصنة لو نجحت في ذلك ،ولن تقوم لهم قائمة بعد الآن .
نصحها حسن أن لا تفعل ذلك ،فهناك خطورة كبيرة عليها ،لكنهّا أصرّت ،فهي لم تنس الشّيخ عبد الله ،ذلك الرّجل الطّيب الذي ربّاها في داره ،ومات من أجلها ،فصعدت إلى بقيّة السّفن واحدة  بعد الأخرى ، وأضرمت النّار في الحبال والصّناديق لكن السفينة الخامسة كانت فيها الكثير من الرّجال على السّطح فرمت مشعلا بسرعة في أحد االأركان ،وترجت أن تشتعل فيها النار،ثم نزلت إلى الزّورق وهي ترتعد من البرت فرمى حسن بطانية عليها وصاح في الصيادين :جدّفوا بقوّة فالناّر بدأت في الإشتعال بالمراكب ،وقال لهم ستتوقّف نجاتنا على مدى سرعتنا في الإبتعاد من هنا ،بعد قليل بدأت الصرخات على ظهر السفن وشرع الرّجال يهرعون إلى أسطل الماء ،وفي هذه اللحظة دوّى إنفجار قوي في أحد السّفن التي أصابت فيها النار براميل البارود ،ونهض الناس في المدينة ،وقد عمّهم الفزع ،وجرى القراصنة لإطفاء النّار قبل أن تأتي على الميناء ،وما فيه من مراكب ،إلتفت حسن وراءه ،وقال لثريا : أرجوا أن تحترق كل السّفن، فهي متلاصقة مع بعضها ،وإلا هلكنا،فلن يستغرق الأمر سوى بعض الوقت ليلحقوا بنا ..

يتبع الحلقة 10 والأخيرة

من قصص حكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق