أخبارمحلية

أثناء اعتقالنا في سجن الدامون

همسة نت .ذاكرة إحدى ماجدات فلسطين

أثناء اعتقالنا في سجن الدامون في حيفا المحتلة، أيقظتنا ذات نهار السجانات بصراخهن المتكرر “زنزانة ٣..زنزانة ٣” وتبين أن يومها ستعقد محكمة لكل من الأسيرة ربى والأسيرة شذا. بعد عودتهن وقبل أن تُغلَق الزنازين لتعلن انتهاء يوم الأسيرات الساعة ٦ والنصف مساءً، لم تقدم أي منهن شرحاً عن محكامهن و”رحلة البوسطة”، ولكنهن أفرغن مشاعرهن في هذه الرسالة البسيطة والمتواضعة التي أرسلنها معي لإجابة كل من سأل وتساءل “كيف البوسطة؟”:
على بُعدٍ نجهلهُ من بحر حيفا، قد يختلط الصوت بالحلم أحياناً، استيقظنا على صوت أسمائنا وأن علينا التجهز خلال ١٠ دقائق لنستقل ذلك المكعب الحديدي إلى محكمة عوفر، لنختلس نظرةً خارج الأسوار لندرك ربما ما يدور حولنا. فأنت في مكانٍ تجهله ويجهلك، نعيش بتناقض وجود هذا المكان الذي لا يشبه حيفا في حيفا، لنستنكر وجود هذا المكان بين كل هذا البهاء.
أبصرنا حيفا يومها كما خبرناها في عيون أجدادنا، رأيناها من ثقوبٍ صغيرة على الرغم من أن مدى رؤيتها محدود، ففي تلك اللحظة اتسعت باتساع حيفا لتكون نافذتنا الوحيدة، رأينا من خلالها أشجار اللوز الممتدة على جبال الكرمل. ومع تمسكنا طوال الطريق في هذه الثقوب الصغيرة، وقعت أعيننا على بحر حيفا لتكون أول مرة نراه، لنفتح أعيننا باتساعه وكأننا نأخذ البحر كله.
لم نتصور يوماً أن نمتلك القدرة على التحديق في شيءٍ ما دون أن ترمش أعيننا، ودون ملل، لنحمل معنا ما استطعنا قبل أن تنتهي المسافة.
كنا نحدق بكل شيء واللا شيء معاً، حينها تساءلنا إن كان فعلاً هذا هو البحر، لنقفز معاً نحو ذات الثقوب ونتشبث بها، ليتلاشى للحظةٍ ما كل ذلك التعب من رحلةٍ طويلة. ثم تنقطع تلك اللحظات بعد عودتنا مجدداً إلى ذلك المكان الذي يجهلنا ونجهله. ولكن، ما زال أثر البحر فينا، وأثر البحر لا يرى، أثر البحر لا يزول.
سجن الدامون- حيفا المحتلة
ربى عاصي وشذا الطويل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق