الدين والشريعة

(٢) من سلسلة خواطري في فهم آيات القرآن. بقلم الشاعر وحيد راغب

(٢) من سلسلة خواطري في فهم آيات القرآن:
قال تعالى :” خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيمإنه سميع عليم ” الأعراف ١٩٩،٢٠٠
نرى منهج الله هنا تمثل في هذه الآيات تمثلا كاملا، ووضع تدريجا في العلاقةبين الناس بطريقة سهلة وواضحةلا لبث فيها، وأن الديمقراطية الغربية الوضعية. بعيدة كل البعد عن هذا المنهج حيث أنها تعتمد في كثير من الأحيان على هوي البشر، وأكثر من ذلك النزوات والشهوات، فتعترف بالشذوذ والإرهاب والقوة الغاشمة والإقتصاد المبنى على الربحية بعيدا عن قدرات البشر وضعفهم، فلا مجال لمن كانت بيئته فقيرة أو خلق وبه خلل في الأعضاء كالشلل والاعاقة أو الشيخوخة أو من أصيب بمرض مزمن فكي هؤلاء في نظرهم معوقين لعجلة الإقتصاد والربح، فلا تكافل اجتماعي ولا تكامل اقتصادي، ولا مجال للعواطف والمشاعر مع الإدعاء بالرأفةبالحيوان وهم يغتالون البشر في كل مكان للمصلحة والمنفعة.
فالآيات تبدأ بالصفح والسلام وإخراج ما زاد عن حاجتك لمن به عوز وحاجة للتعارف والتقارب والرحمة والمودة فقد خلق الإنسان من أجل التعمير لا التدمير، ومن اجل إعلاء قيمة الإنسان وإثبات ما قال به الرب من كرامة. الإنسان لا إهانته، ووضعه في مكان دونية لا تليق بمن خلقه الله بيده،فبدأت الآيات بالأعلى قبل الأدنى فالصفح والسلام من أعلى الفضائل ومن الإطاحة يالجبروت والرق والتناحر،فكلما كان الإنسان مسالما ويتجاوز عن الإساءات كان سببا في الحب والود والوئام مزيحا للقسوة والطغمة وجهالة المعاملة.
فهو بدأ المنهج من حيث نهاية الخلق بالفضائل والأخلاقيات.
وكذلك إخراج الزائد عن الحاجة،والتكافل الإجتماعي من دلائل الفهم ان الإنسان مراحل زمنيةعلي الأرض فيجب عليه الإحساس بالغير ومساعدته، فمن فرج عن أخيه كربة في الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة،والمساعدة للغير ستر لعورته.
فكيف لا يدرك الإنسان أن الأيام دول، فإن كان قويا وَماعفي فهو غدا مريض ومصاب، ومن كان غنيا اليوم هو غدا معرض للفقر، فانظر الي التاريخ اما كانت الروم والفرس يحكمان العالم ثم جاءت فرنسا وإنجلترا ومن قبلهم الدولةالإسلامية،ثم روسيا وامريكافانتهت روسيا بالتفكك وبقيت أمريكا على وشك النهاية.بعد استفحال المارد الصيني الجديد، وهكذا تتداول الأيام.
وكذلك عرف الأخلاق فعلي الإنسان أن يقبل ما تواجد بعضها ولا يتشبث بتواجدها كاملة، فالإنسان لا يكتمل به كل الفضائل فالرضي بالقليل منها التجاوز عم التقرير واجب لابد منه والا كانت العواقب وخيمة.
ثم بعد ذلك العفو والصفح وإخراج الزائد عن الحاجة وقبول ما قل من الفضائل الخطوة الثانية وهي الأخذ بالعرف وهو ما تعارف عليه للناس من فضائل وأخلاقيات وعادات وتقاليد طالم تحقق ساعدته ورفاهيته والحب بين الناس، وبالطبع لا يدخل تحت هذا البند عرف هوي الناس وشهواتهم كما فعل الغرب من تقنين قوانين وضعت في ادساتير لإباحة الفجر والفجور تحت مسميات الحرية وإبدال الفساد بمسميات يظنها الإنسان فضائل كما قننوا الشذوذ كاللواط والسحاق والزواج المثلى بين الرجل والرجل والمرأةوالمراة تحت مسمى ان الجسد مملوك. للإنسان يفعل به ما يشاء طالما يحقق رغباته وهذا بالطبع ضد كرامة الإنسان وطبيعته التي خلق عليها ومن أجلها كالتزاوج بين المرأة. والرجل للإنجاب وتعمير الكون، وما يشكو الغرب الآن منه هو العزوف عن الإنجاب وأن الغرب في انقراض وتقليص العدد
وكذلك تقنين العري وإباحة الخمور والمخدرات والتجارة في العلاقات الجنسية والسلاح تحت بنود حرية التجارة. والمشروبات الروحية والإقتصاد الحر المفتوح.
فكل عرف يخالف المناهج السماويةوإعلاء قيمة الإنسان
هو عرف هدام وعرف هوي شيطاني مريب.
ثم الخطوة الثالثة. وهو الإعراض عن الجاهلين، والجاهل هنا ليس الأمي من لا يقرأ أو يكتب وإنما هو الذي يعقل ويفهم ويكابر ويعاند مناهج الصلاح، فهو جهل بمعنى الجحود والحسد والحقد والإنكار.
فما عاند منهج السماء سوي هؤلاء الجهال، فلم يكن كفار مكة والفترة الجاهلية من ليس لا عقول لهم بل يفهمون ويكابرون من أجل السيادة والمنفعة وعدم الوقوع تحت منهج يقيد هواهم وشهواتهم.
فالإعراض عن هذه الفئةلأنها لا ينفع معها نقاش ومجادلة بالتي هي أحسن، فهي لن تغير مسارها.
والخطوة الرايعةرهي خطوة مصاحبة الخطوات الثلاث العفو والأمر بالتعرف والإتراض عن الجاهلين، ففي كل خطوةمنها سيهاجم الشيطان الإنسان بالوسوسة والتزيين وإظهار الباطل في صورة الحق، والموفق وصاحب العقل الواعي النوراني ومن فهم المنهج الحق هو الذي سيهاجم الشيطان ويطرده من طريقه وينشر الفضائل والأخلاقيات في الناس وبينهم.
فهو الذي يعلم ويدرك سر العداوة بين البشر والشيطان، وأن الله راهن على صلاح الإنسان المتمسك بمنهجه لذلك انظر الشيطان ليثبت عصيانه وجنوحه للكبر والعتو والعناد الكفري وانه المطرود من رحمته.
وحتى يفهمنا الله من خطوات منهجه وأنه ليس بغائب وحاشا أن يغيب عن من ينفذ منهجه ممن لا ينفذه فهو يسمع ويعلم ومن ثم فهو مصاحب لمن ينفذ المنهج ومعرض عن من يرفضه
وفقنا الله وإياكم لمنهجه.
الشاعر. وحيد راغب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق