مقالات
الإعلام السلاح الأبرز في فضح انتهاكات الاحتلال بالقدس بقلم : د.حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي
رغم وجود كل الثقل الاعلامي في مدينة القدس ، الا أن هناك نقطة تحول شهدتهاالمنطقة في مرحلة من مراحل التاريخ للإعلام المقدسي منذ عام 1967 اثناء اكتمالمرحلة الاحتلال للأرضي الفلسطينية وما تخلله في حينها من احداث شهدتها المدينة،الأمر الذي أدى الى تمركز العديد من الاعلاميين ووكلات الاعلام في المدينة لتغطية كافةالجرائم التي كانت تقوم بها دولة الاحتلال آنذاك، ورغم كافة المضايقات التي أوجدتفي حينها (مستخدمة في ذلك صلاحيات أنظمة الطوارئ) التي تمنح السـلطاتالإسرائيلية إغلاق أي صحيفة تعارض سياستها الغادرة، ولكن ذلك لم يمنع الوكلاتالاعلامية من إصدار عدد كبير من الصحف والمجلات وأن تلك الصحف أدت رسالتها فيحدود إمكانيتها، وعالجت القضايا الوطنية وركزت على شحذ الهمم والتعبئة وتوعيةالمواطنين بالأخطار المحدقة بهم، وكما قاموا بتأسيس مدرسة خاصة بهم الأمر الذيأدى الى تخوف دولة الاحتلال حيث سعت بدورها الى تعطيل عمل هذه المؤسساتواحيانا أخرى الى اعتقال الصحفيين.
كل هذه الاجراءات التعسفية وتوقيع اتفاقية أوسلو وتشريع السلطة الوطنيةالفلسطينية أدى الى انتقال بعض هذه المراكز الى مدينة رام الله الأمر الذي ساعد علىتشتيت الاعلاميين ولم يبقى منهم سوى الأقلية في المدينة ، و في حينه فُرض الطوقعلى الأمني ومُنع أهالي الضفة الغربية من دخولها إلا بإذن خاص لا يمنح إلا نادراً،ونصبت الحواجز لفرض هذا المنع.
إن المتتبع للخطوات التي اتخذتها إسرائيل وأخطرها، بعد اتفاق أوسلو، كان جلهاالتضييق على بيت الشرق الذي مثّل عملياً مقراً لمنظمة التحرير في المدينة، ومرجعيةوطنية وسياسية واجتماعية. وسرعان ما أغلقت إسرائيل بيت الشرق نهائياً، وأغلقتكذلك كل المؤسسات الوطنية التي لها علاقة بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطةالوطنية الفلسطينية. في الوقت نفسه، لاحقت إسرائيل القادة الوطنيين وشدَّدت الخناقعليهم ومعظم هؤلاء القادة كانو يعملون في القطاع الاعلامي وكانوا يملكون أهمصحيفتي بالمدينة، بهدف القضاء على الحركة الوطنية في القدس. هكذا تحولت القدسفي حقبة ما بعد أوسلو إلى مدينة بلا مرجعية وطنية وبلا مركز سياسي وطني يرعاهاويتابع قضاياها ويسعى إلى حلها.
ومن أجل تفعيل الدور الاعلامي في إبراز الويلات التي تعاني منها مدينة القدس علينا:
أولا: دوليا::
يجب محاكمة اسرائيل دوليا ومطالبتها بالالتزام بكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التيتكفل للصحفي الحق في التعبير وإيصال المعلومات دون مضايقات تحد من عملهمكصحفيين يعملون بالميدان وأن لا يقف مقص الرقيب الاسرائيلي له بالمرصاد ليفلترمادته الاعلامية الى الحد الأدنى ليشوهها ويصيب بنيتها، وبذلك لا تصل الصورةكاملة للمشاهد.
كما يجب تبني خطاب سياسي وإعلامي من قبل العالمين العربي والإسلامي من أجلالحفاظ على وجود المقدسيين وهويتهم.
ثانيا: السلطة الوطنية الفلسطينية:
تقديم الامكانيات اللازمة لدعم صمود الصحفيين في مدينة القدس وذلك من خلال اعادةتفعيل المؤسسات الحكومية الاعلامية الرسمية مثل وكالة وفا وهيئة الاذاعة والتلفزيونالفلسطيني.
ثالثا: المؤسسات الفلسطينية:
علينا توحيد المرجعيات في المؤسسات التي تُعنى بتوثيق الاعتداءات والانتهاكاتالتي تجري بمدينة القدس وعليه:
تقديم المساعدة للإعلاميين في اعداد التقارير المتعلقة في مدينة القدس بكل مايحتاجونه.
تقديم العديد من الملفات المتعلقة بكافة القطاعات الموجودة بالقدس كقطاع التعليموالصحة و المشاريع وما إلا ذلك ، من وثائق وشهادات وأسماء مختصين كل مختصحسب تخصصه.
امكانية عمل جولات ميدانية في مدينة القدس للإعلاميين وخاصة في الأماكن الأكثراستهدافا مثل حي الشيخ جراح ، بلدة سلوان والمسجد الأقصى ومحيطه.
مشاركة الاعلاميين ودعوتهم على المؤتمرات الصحفية وورشات العمل والندوات التيتعقدها هذه المؤسسات.
بدورهم يجب على الاعلاميين إعطاء وقت كافيا لنقل الوقائع ومجريات الاحداث علىالساحة المقدسية، وعليهم تناول الاحداث بالشرح والتحليل والتفصيل وعدم الاقتصارعلى نقل الأخبار ، فالإعلام فن عظيم يجب أن يكون مؤثرا ومحفزا للتصدي لمخططاتالاحتلال في المدينة المقدسة.
رابعا: الصحفي المقدسي:
تعزيز صمود الصحفي المقدسي ماديا من خلال توفير له الأدوات التي يستطيع منخلالها توثيق كافة الاعتداءات والانتهاكات التي تحصل في المدينة على مدار 24 ساعة، و تعزيزه معنويا من خلال الاهتمام أكثر بقدرته و أن الصحفي المقدسي بشكل خاصهو من أهم الركائز التي لولاه لما كنا على دراية بما يجري على أرض القدس وأسفلها.
خامسا : الاعلام الالكتروني والقدس:
بما أن الاعلام بين “فلسطين ودولة الاحتلال” أصبح معركة فعلينا الانتصار بها، ولإننافي عهدٍ يقوده الأجيال إلكترونيا فعلينا تفعيل القضية الفلسطينية و ابراز قضيةالقدس اعلاميا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بمختلفها،فنحن كما نؤمن أننا نمتلك قضية عادلة بامتياز علينا ابرازها بامتياز عربيا ودوليا.
وخلاصة القول أن الصحافة العربية الفلسطينية بشكل عام والمقدسية بشكل خاصعانت أشد المعاناة على اختلاف أشكالها من المضايقة التي تفرضها السلطاتالإسرائيلية عليها، لذلك لا بد من الجد والاجتهاد، والاصطفاف حول هذه المهنة المقدسةفالكلمة أمانة، علينا التحلي بالدقة والموضوعية والمهنية، و الصبر و المثابرة وصولاإلى ما يسعى الصحفي إلى بلوغه… مجتمعنا المقدسي حافل بالقضايا التي لا بد أننتفاعل معها بالتغطية والنشر، ونقل الحقيقة فوراء كل حجر وزاوية في القدس خبر أوتقرير أو مقال، لذلك يجب اعطاء مساحة مهمة للتحقيق الصحفي، وللقصة الصحفية،وعلى الصحفي بالنهاية أينما كان أن لا يكون فقط ناقل للأخبار،القدس مدينة عظيمةتستحق منا الكثير.