مقالات

ذكرى الاول من ايار وقفة عز وإجلال ..القصة من وراء عيد العمال (أ.د. حنا عيسى)

حيَّيتُ “أيَّاراً بعطر شذاتي ، وخَصَصْـتُه بالمحض من نَفَحاتي.. وسقيتهُ نبعَ القصيد ِ مضرَّجاً ، كدماءِ أحرار ٍ به عَطِرات.. وشددتُ أوتاري وقلتُ أظنها ستَشُدُّ أيَّاراً على نغماتي “محمد الجواهري”

في الأول من أيار من كل عام تحتفل الطبقة العاملة وجميع الشغلية في العالم بعيد العمال العالمي. انه اليوم الذي تستعرض فيه الجماهير الكادحة  قواها وتقيس  الطريق الذي تم اجتيازها في النضال من اجل تحررها ,وتكرم أولئك الإبطال الذين سقطوا من عمال شيكاغو  وأعينهم تتطلع إلى المستقبل ’وتسعىإلى تقوية كفاحيتها وتأكيد تضامنها ووحدتها إمام أعدائها .

إن الطبقة العاملة الفلسطينية كان لها تاريخها المجيد ليس  باحتفالها بالأول من أيار منذ بدايات العقد الثاني من القرن المنصرم وحسب ,بل وبنضالاتها الطبقية والوطنية وتضحياتها في مقاومة الاحتلال لبلادنا و التي ما زالت مستمرة .وقد ارتبط نضال الطبقة العاملة الفلسطينية بالنضال الطبقي و الاجتماعي .وكان أول أهدافها ومطالبها تشكيل النقابات و الجمعيات الحرفية .يأتي الأول من أيار ولا يزال شعبنا الفلسطيني يتعرض لتصعيد عسكري إسرائيلي مستمر ويواجه الحصار و الإغلاق وسياسات القهر و التجويع ..ناهيك عن أوضاع الطبقة العاملة الفلسطينية التي تزداد بؤسا ومعاناة,وتتعرض لأبشع أنواع الحصار و التجويع و القتل ,ووصلت إلى ذروتها ,لا سيما في قطاع غزة ,وتستشري البطالة صفوفها ,وهناك نسبة كبيرة منهم يعيشون تحت خط الفقر,وفي أوضاع مزرية ,يرثى لها ولا يمكن تحملها أوتخيلها .فيما لا يزال جنود الاحتلال ومستوطنيه يرتكبون جرائمهم ومجازرهم ضد عمالنا وهم في طريقهم لكسب رزق عائلاتهم وقوت أطفالهم .

ورغم معاناة الطبقة العاملة في فلسطين ,إلا أن ذكرى الأول من أيار تبقى وقفة عز وإجلال وإكبار لشهدائنا الأبرار الذين جادوا بأرواحهم فأضاءوا  لنا الدروب  ,ولا نستثنى أحدا ممن سلكوا دروب الكفاح و الاستشهاد.إن الدماء التي  أرخصوهاهي خلاصة المحبة ,الوعي ,الإرادة الصادقة ,الشجاعة  وروح الاقتحام .في هذا العيد نحمل راية الشهداء وبمشاعلهم نضيء قلوبنا ,ونسير على دروبهم النيرة.

وكل عام وطبقتنا العاملة بألف خير

القصة وراء عيد العمال

يحتفل العالم في الأول من مايو من كل عام بيوم العمال العالمي ، ويسمى أيضا بيوم العمل ، وعيد الربيع والعمل ، واليوم العالمي للتضامن مع الطبقة العاملة ،وهو يوم عطلة في كثير من البلدان.

ولكن ما المناسبة التي جعلت من هذا اليوم عيدا يحتفل به العالم سنويا؟

كان بداية  عيد العمال من القرن التاسع عشر في أستراليا 21 أبريل 1856

قبل ذلك التاريخ، ومع بداية الثورة الصناعية في بريطانيا، حوّل الإنتاج الصناعي في المصانع الكبيرة حياة الشغيلة إلى جحيم، وكان يوم العمل يتراوح بين 10-16 ساعة، وأسبوع العمل يصل إلى 6 أيام في الأسبوع، وكان استخدام الأطفال شائعا، دون أي اعتبارات للأمن الصناعي أو الصحي أو انتشار الآفات والأوبئة بين العمال خاصة الأطفال منهم. أدى ذلك إلى ظهور حركة “8 ساعات يوميا”، إحدى الحركات الاجتماعية التي تهدف لتنظيم يوم العمل ومنع التجاوزات والانتهاكات..

كان أول من طالب بذلك أحد مؤسسي “الاشتراكية الطوباوية”، روبرت أوين (1771-1858 حيث صاغ شعار: “8 ساعات عمل، 8 ساعات راحة، 8 ساعات ترفيه”، ومنحت النساء والأطفال في انجلترا ميزة 10 ساعات يوميا عام 1847. أما في فرنسا فقد حصل العمال الفرنسيون على 12 ساعة يوميا بعد ثورة فبراير عام 1848 .

تناولت رابطة العمال الدولية مطالب العمال بتحديد يوم العمل بـ 8 ساعات في عام 1866، معلنة أن “الحد القانوني ليوم العمل هو شرط أولي، وبدون توفيره ستفشل جميع المحاولات لتحسين ظروف الطبقة العاملة وتحريرها.

كذلك رأى كارل ماركس، في كتابه “رأس المال”، أن ذلك ذو أهمية حيوية لصحة العمال، فكتب عام 1867: “إن الإنتاج الرأسمالي يتسبب، من خلال تمديد يوم العمل، لا في تدهور قوة العمل البشري، عن طريق سلبه الظروف المعنوية والمادية الطبيعية للنمو والنشاط فحسب، وإنما يتسبب أيضا في استنفاد وموت هذه القوة العاملة نفسها“.

في عام 1884، قرر اتحاد النقابات المنظمة والنقابات العمالية في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، في اتفاقيته، أن “8 ساعات عمل تشكل يوم عمل قانوني اعتبارا من 1 مايو 1886 وصاعدا، مع توصية كافة المنظمات العمالية بجميع أنحاء الولاية القضائية بتوجيه القوانين التي تتوافق مع هذا القرار“.

وفي 1 مايو عام 1886، رفضت قيادة “فرسان العمل” بقيادة تيرينس ف. باودرلي، النداء للانضمام لحركة الإضراب، لكن العديد من القيادات وجمعيات “فرسان العمل” المحلية انضمت إلى نداء الإضراب في شيكاغو وسينسيناتيوميلووكي، وقاد ألبرت بارسونز(1848-1887 رئيس “فرسان العمل” في شيكاغو وزوجته لوسي بارسونز وطفلاهما مظاهرة من 80 ألف شخص في شارع ميشيغان، بشيكاغو، وفي الأيام القليلة التالية انضم إليهم في جميع أنحاء البلاد ما بين 350-400 ألف عامل، مطالبين بتحديد ساعات العمل والحصول على كافة مستحقاتهم، تحت شعار “8 ساعات عمل، 8 ساعات راحة، 8 ساعات ترفيه“.

في 3 مايو عام 1886، تحدث محرر صحيفة العمال، أوغست سبايز (1855-1887في أحد الاجتماعات إلى 6 آلاف عامل، انتقل كثير منهم بعدها إلى الشارع لمهاجمة بعض المندسين ممن حاولوا كسر الإضراب. وصلت الشرطة وأطلقت النار، فقتلت 4 أشخاص، وأصابت كثيرين آخرين. في مسيرة لاحقة، 4 مايو،احتجاجا على هذا العنف، انفجرت قنبلة (ألقاها مجهولون) في ساحة هايماركت، أسفرت عن مقتل 8 من رجال الشرطة، وإصابة 77 آخرين، فهاجمت الشرطة على الفور الحشد، وقتلت عددا من الأشخاص وأصيب أكثر من 200 بجروح بالغة، وألقي القبض على عدة أشخاص بدعوى أنهم تسببوا في أحداث العنف. وحكم على 5 منهم، من بينهم سبايز وبارسونز، بالإعدام، ثم اتضح فيما بعد براءتهم.

وفي الاجتماع الذي عقده الاتحاد الأمريكي للعمل في سانت لويس ديسمبر عام 1888، قرر الاتحاد اعتبار 1 مايو عام 1890 اليوم الذي لا يجب أن يعمل فيه العمال الأمريكيون أكثر من 8 ساعات. بعد ذلك أقرت جمعية العمال الدولية “الدولية الثانية”، التي اجتمعت في باريس عام 1889، إعلان الأول من مايو يوما لإطلاق المظاهرات، ومن هنا بدأ تقليد عيد العمال.

على الرغم من ذلك، لم يتوقف نضال الحركة العمالية في الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغ ذروته عام 1894، حينما قتل الجيش الأمريكي عددا من العمال المتظاهرين، وهو ما شكل ضغطا كبيرا على الرئيس الأمريكي، غروفر كليفلاند،ودفعه إلى التصالح مع حزب العمال، بتشريع عيد العمال، وإعلانه عطلة رسمية في البلاد، تخليدا لذكرى أوغست سبايز ورفاقه.

مثل هذا اليوم في الظروف العادية، قبل جائحة كورونا، يشهد مسيرات ومهرجانات شعبية في مختلف المدن الروسية، تحمل شعارات تشيد بدور العمال،وتطالب بحقوقهم، وبالعدالة في أجورهم، وتنظم هذه الفعاليات المليونية عادة الهيئات النقابية. وتنخرط  في تلك الفعاليات أيضا الأحزاب السياسية الرئيسية تأكيدا على اهتمامها بأوضاع العمال وحقوقهم.

ويعتبر عيد العمال من الأعياد الأكثر انتشارا في العالم ، حيث يتم الاحتفال بهفي 130 دولة تقريبا ، ويعتبر في معظم دول العالم عطلة رسمية.

(RTالمصدر )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق