ثقافه وفكر حر

من مختارات التربوي المتقاعد عوني عارف ظاهر ** قصة مثل** *الصيف ضيعت اللبن*

قيل هذا المثل في العصر الجاهلي,وهو قصة حقيقية حدثت بالفعل, حيث ان احد سراة الجاهلية ووجهائها (عمرو بن عمرو بن عدس)

تزوج ابنة عمه بعد ان كبر في السن وكان يحبها ويكرمها ويسخى عليها بماله الوفير, لكنها كرهت شيخوخته, وقارنت بينها وبين حال قريناتها اللواتي تزوجن بفتيان يقاربهن في العمر, وتآسفت على شبابها في ظل شيخ مسن ونسيت في غمرة ذلك ما يتمتع به هذا الزوج من وجاهة وكرم وشجاعة وفوق ذلك حب عظيم. لها واحترام ماله مثيل. ولكنها اساءت معاملته وبادرت للخصام وسوء المعاملة والنفور وأبت نفسه ذلك فطلقها, وكان ذلك كله في الصيف.
ثم تزوجت بعده بشاب جميل المحيا من آل زرارة ـ ولكنه لم يكن من زوجها السابق بشيئ. فلما اغارت عليهم قبيلة ـ بكر بن وائل ـ نبهت زوجها ليدافع ويمنع عن عرضها الأذى لكنه استعظم القتال واستهول الرجال واصابه الفزع فمات في مكانه, فسبيت , فسمع بذلك عمرو بن عدس فهب لتخليصها من السبي والمهانة وقتل من خاطفيها ثلاثة فرسان عظام.
ثم تزوجت بعد ذلك بشاب آخر لكنه فقيرا معدما الى حد أنها كانت تشتهي شرب الحليب الذي لم تكن تفتقده في بيت عمرو بل كانت تشربه بديلا للماء.
بلغ بها اشتهاء اللبن درجة شديدة,الى ان كانت ذات ليلةواقفة امام خيمتها و معها جاريتها, فمرت بها قافلة عظيمة من الابل تكاد تسد الأفق, فقالت لجاريتها: اطلبي من صاحب هذه الابل ان يسقنا لبنا.
فذهبت الجارية واوصلت الرسالة لصاحب القطيع, واذ به زوجها السابق عمرو, فسأل الجارية:اين سيدتك? فأشارت الى حيث تقف زوجته السابقة!! فقال لها :قولي لسيدتك الصيف ضيعت اللبن! ورفض ان يعطيها من حليب الابل وكان يشير بقوله هذا الى اضاعتها له واسراعها في الزواج بغيره ممن لم يدانوه في خلقه وكرمه وحبه لها,وممن لم يستطعوا ان يمهدوا لها العيش العزيز الكريم ,فأحدهما مات جبنا ولم يستطع الدفاع عنها, والآخر اجاعها واظمآها الى حد اشتهت حليب الابل من الغرباء.
وصار قول عمرو مقولة ومثلا يضرب لكل من يضيع ما بيديه من خير ونعيم طمعا في غيره وبطرا بالنعم وجهلا بقيمة ما يملك ثم يندم بعد ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق