مقالات
الأمم المتحدة قرارات بلا تطبيق
تحقيق العدالة لن يتم إلا بتنفيذ قرار التقسيم 181 بشقيه
أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 1947 قرارا يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين ، عربية ويهودية ، وذلك بموافقة 33 دولة ورفض 13،وامتناع 10 دول عن التصويت.
(قرار الجمعية العامة ينص على إقامة دولة يهودية في فلسطين إلى جانب الدولة العربية. وهذا ما يشكل الأساس القانوني لإقامة دولة اسرائيل ذاتها بشرط تنفيذ هذا القرار بشقيه)
بقلم:د. حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي
عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة هي الوحيدة المشروطة بين عضوية باقي الدول الأعضاء . الجمعية العامة لم تلغ ولم توقف شرعية قرارها رقم (181) لعام 1947 الذي يعتمد مفهوم إقامة دولة فلسطين العربية على أساس جوهري هو حق تقرير المصير،المعترف به كمبدأ يعني حق كل شعب من الشعوب في تقرير مصيره كما يشاء، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة . وبالطبع، فان هذا الحق ينطوي على ضرورة عدم التمتع بهعلى حساب حق مماثل لشعب أخر، فضلا عن ضرورة حيازة هذا الحق على اعتراف الدول والشعوب الكامل بل وبذل ما يمكن لتحقيقه.
انطلاقا من هذا المبدأ أقرت هيئة الأمم المتحدة عام 1947 قرارها (181) المعروف، الذي نص على إقامة دولتين على الأرض الفلسطينية عربية ويهودية. ويرسي هذا القرار الأساس القانوني الدولي لإقامة الدولة العربية في فلسطين . وهو يحمل، من وجهة نظر الشرعية الدولية، طابعا ملزما لتنفيذه بحذافيره، ويتوجب على جميع الدول أعضاء المنظمة الدولية، أو غير الأعضاء فيها، لا أن تراعيه وتحترمه فحسب، بل أن تبذل كل ما بوسعها كي تساعد على تنفيذه.
وكما هو معلوم، فقد اشترط لقبول دولة اسرائيل في عضوية هيئة الأمم تنفيذها لقرارات الأمم المتحدة ، بشأن مسالة اللاجئين، وحل مسالة وضع مدينة القدس القانوني وحين تقدمت اسرائيل في 29 نوفمبر 1948، إلى هيئة الأمم المتحدة، بطلب لقبول عضويتها في هذه المنظمة الدولية، قامت الأمم المتحدة في ديسمبر بإصدار قرارها (194) الذي يطالب اسرائيل، بالسماح بعودة الفلسطينيين إلى وطنهم وبما أن اسرائيل رفضت هذا القرار، فقد امتنعت الأمم المتحدة، بدورها، من قبول اسرائيل في عضويتها وذلك بتاريخ 17 ديسمبر 1948.
وفي 24 فبراير 1949 تقدمت اسرائيل، مجددا، إلى هيئة الأمم المتحدة، بطلب الالتحاق بها، عندئذ طالبت الجمعية العامة من مندوب اسرائيل الحضور، وشرح استعداد اسرائيل لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشان مدينة القدس ووضعها القانوني وكذلك بالنسبة لموضوع اللاجئين . فقد أعلن المندوب الإسرائيلي بان اسرائيل ما أن تصبح عضوا في هيئة الأمم المتحدة فهي ستلتزم بتنفيذ القرارات المطلوبة منها، وبالطبع، فان الحوار في أروقة الأمم المتحدة دار حول ذلك الجزء من القرار (181) الذي تم إعلان دولة اسرائيل على أساسه، دون إن تقام الدولة العربية الفلسطينية في الوقت نفسه .
ان عدم تنفيذ القرار بفحواه الكامل، ولا سيما الحؤول دون تنفيذه احدث خللا في شرعية التنفيذ الجزئي، أي شرعية إقامة دولة اسرائيل، مما يترتب عليه مضاعفات سلبية للغاية على صعيد العلاقات الدولية .
بعبارة أخرى، قرار الجمعية العامة ينص على إقامة دولة يهودية في فلسطين إلى جانب الدولة العربية. وهذا ما يشكل الأساس القانوني لإقامة دولة اسرائيل ذاتها بشرط تنفيذ هذا القرار بشقيه . أما الوثائق الأخرى التي سبقت إصدار هذا القرار فلا يمكن اعتبارها ملزمة من الناحية القانونية.