مقالات

وجففوا الضرع والزرع وتمختروا على جثة الوطن بقلم عائشة الخواجا الرازم

ليس لي أو لأهلي أو لعائلتي مطعم أو متنزه أو متجر لحم ودجاج وأطعمة للشعب المحزون ، ولكنها أوجعت قلبي وأنا أراها تدفن تحت الرمال مخزونها الغذائي المتلف المحجور والمهجور تحت أوامر الاستعباد الظالم .ليتحول الوطن مرتع نفايات سامة …لا يضاهي خطرها ووباءها وباء في تاريخ المجازر والحروب .
هل مات القلب وعربد العقل حتى ضربت يد القهر مخزون اللقمة وبعض عيش يسمى كريم ؟
ما الذي أودى بالبلاد أن تدفن رؤوسها تحت الرماد ؟
أهو حقا ذاك العدو الحقير القاتل النذل الصغير ؟ ذاك الذي لا يرى بالعين المجردة ؟ أم هو ذاك الجاني على مقدرات وطن كاملة ، والآمر بدفنها مع الدود لتتخمر الصحاري بمرصود الغذاء ومئات ملايين الدنانير المهدورة بيد الشيطان تحت التراب ، فتفوح رائحة تزكم انوف الوطن ، وتتخمج البيئة وتعلوها منابت الفطر السام والمجرثم لعشرات السنين بحجة حفظ صحة الضحايا ، والضحايا يتمرمغون بالجوع والأورام وقلة الحيلة وجراثيم الغذاء واللحم والفاكهة والخضرة المكبوبة في مكب الأكيدر ؟
جرائم بسبق الإصرار والرصد والتربص بالوطن والشعب والمقدرات ، من يتحمل تبعياتها وبلاءاتها ؟ من ..؟
تجارة تبور، وصوامع تهدم ، وماشية تموت وتطلع رائحتها من ذل عطش وجفاف وجوع ، ومزارع طيور تتخمج على بيوضها محجورة الرعاية ، وتدفن مع الكراهة ليعم الجرب والبرص وانسداد الأفق وأمراض الاختناق الأكيد .
الناس والتجار والملهوفون للرزق وحفظ ماء الوجه يخضعون لقهر الغافل ويخرسون . ويخسرون الأول والآخر ، والعدو الأسود مجهول الخطوات يأمر بالفحشاء حيث تجوع الأمهات وتبيع أجسادها النساء .
شباب يقتاتون على الذل والخنوع مقابل لقمة عيش ممتهنة الكرامة …
أي عقل هذا الذي يترنح في البلاد ويرتكب من المجازر الحية ما عجز عنها عدو سالب ولا معتد آثم ولا استعمار ؟
من هو هذا المتمختر فوق رؤوس العباد ، المتجبر بالذبح والحز على أعناق الرزق بحجة الحياة ؟
من هو هذا المتمدد بالعمى يضرب بعصا المنتقم خبط عشواء للناس والوطن فينعدم الرجاء ؟
من هو ومن أين أتى ؟ فقد اسود في وجه الحق وكرامة الوطن والشعب نور الفضاء، آمال دفنوها …وأرزاق قطعوها … وأموال طرية القوت للناس أحرقوها …وآفاق مفتوحة للتنفس والنشاط والعلم والاندماج مع روح الإنسان والحركة أوقفوها …
المطاعم والسياحة والفرح والمتنزهات الجاهزة لطبيخ الزوار دفنوا منابتها في الطين ، الشوارع والجامعات والعبادة والمدارس الوهاجة بحيوية الدنيا والدين اطفأوها .
خراف وأبقار جف ضرعها وحليب يجف في ثدي الوطن ، فيضمر الأمل بمعنى العيش الكريم ، وينسل من بين العتمة شبح القاتل اللئيم .
رائحة الخراب والوطن المهجور تفيض كالطوفان المتقيح البغيض وهم يأمرون…فقط يأمرون العبيد ..
فوالله إنه الجرم الأكيد وما يجري على رقاب الوطن ما هو إلا اعتداء حربي منظم ، لم يحمل سلاحه هولاكو ولم يفطن لإراقة دم الشعب وكرامته جيوش تتار الفوضى .
أهو الشيطان الرجيم ؟ لا ..والله …فإن جرائم هذا الفاعل الخفي تفوق وسوسة الشيطان ، فالشيطان فيه من القدرة على الفهم والإدراك ، ومعنى المؤونة والكرامة والمشاعر والحق للأرض والناس فقد قال : إني أخاف الله…وهؤلاء ممن يخافون ؟
يا لهول ما يفعلون !
.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق