مصارعة الأكباش والرقص عند الذبح.. أغرب عادات العرب في العيد
لا تخلو طقوس الاحتقال بالعيد من الغرابة لدى بعض الشعوب العربية
يحتفل المسلمون في كل البقاع بعيد الأضحى المبارك، لكن قد يكون المشترك الوحيد هو ذبح الأضحية، فيما تختلف عادات أخرى تصاحب هذه السُنة من بلد إلى آخر.
يسمي أهل العالم العربي عيد الأضحى بـ”العيد الكبير”، لما له من أهمية دينية واجتماعية. ويُجمع المحتفلون به على اختلاف عاداتهم وطقوسهم، على إدخال الفرح إلى بيوتهم والاجتماع مع الأهل والتصدق على الفقراء والمحتاجين.
لا تخلو طقوس الاحتفال بالعيد من الغرابة لدى بعض الشعوب العربية، إذ يستقبل أهل اليمن العيد بإشعال النار على قمم الجبال ويرقصون خلال الذبح، فيما ينتظر أهل المغرب أن يذبح ملكهم أضحيته، ويرتبط العيد في السودان بـ”زفة العيد”، حيث يخرج الشباب إلى الشوارع للإعلان عن قدوم العيد.
أما في تونس فيعلن عن قدوم العيد عندما تنتشر في الشوارع حلبات للمصارعة خاصة بالأكباش، أما يوم العيد فيصطحب سكان الحي الإمام بالتكبير من منزله إلى غاية المسجد.
الذبح بعد الإمام
بعد العودة من صلاة العيد والاجتماع على وجبة الفطور، يترقب المغاربة عبر التلفزيون فقرة “النشاط الملكي”، يظهر عبر الشاشة الموكب الملكي خارجا من القصر متوجها إلى المسجد لأداء صلاة العيد.
يحيّ الملك في طريقه إلى المسجد المغاربة الذين لم تثنهم مناسبة كهذه عن التجمهر أمام القصر على جانبي الطريق الذي يمر منه الموكب. تنقل القنوات المغربية الرسمية الصلاة، وبعدما يتلقى الملك التحايا من ولي عهده وأفراد العائلة الملكية، يذبح أضحيته حسب تقاليد أسرته العلوية.
بلباسه التقليدي الأبيض يمد الملك يده من خلف ملاءة بيضاء -تقيه من قطرات الدم- ويذبح أضحيته التي يتم لفها وأخذها إلى القصر. ثم يذبح إمام المسجد أضحيته بعد الملك مع تكرار المشهد نفسه.
السياسة حاضرة حتى في طقوس عيد الأضحى بالمغرب، بما أن للسلطة فيه وجهان واحد ديني والثاني حداثي. إذ لا يذبح المغاربة أضاحيهم سوى بعد أن يذبح الملك.
ينص المذهب المالكي الذي يتبعه المغرب على أنه “لا يصح الذبح إلا بعد ذبح الإمام”، إذ يطلق على الملك في المغرب لقب “أمير المؤمنين” -وهي الصيغة الدينية للحكم في المملكة- وبالتالي يعتبر هو الإمام الأول لها. والمقصود بإمارة المؤمنين في المغرب، بحسب تصريح صحفي للباحث المغربي المتخصص في الجماعات الإسلامية، إدريس الكنبوري، “مجموعة من المؤسسات التي تشرف على تدبير الشأن الديني في البلاد وتخضع جميعها لإمارة المؤمنين”.
والشأن الديني في المغرب هو من شأن إمارة المؤمنين، أي من شأن الملك الديني وليس الملك المدني، والملك كممثل أسمى للأمة أو كما تقول وزارة الأوقاف بصفته من يمثل الإمامة العظمى، يفوض تدبير الشأن الديني لمجموعة من المؤسسات ولكن تبقى تابعة له وتسترشد به.
بقرار ملكي
ضرب المغربَ سنة 1981 جفافٌ كان من تبعاته نفوق في رؤوس الأغنام، لذلك قرر الملك السابق الحسن الثاني منع العيد، وهو الأمر الذي لم يرق عددا كبيرا من المغاربة الذين كانوا ينتظرون العيد لأكل ما حرموا منه طيلة العام.
وتواصلت موجات الجفاف خلال الأعوام اللاحقة بدرجات متفاوتة، إلى أن زادت حدتها في عام 1995 ليتم الإعلان حينها عن مرور المغرب بـ”سنة كارثية” فلاحيا.
وفي عام 1996، تلا وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حينها، عبدالكبير العلوي المدغري، أمرا ملكيا يقضي إلغاء الاحتفال بعيد الأضحى.
واعتبر القرار أن تضحية المغاربة بأكباش جديدة غير تلك التي أخذها الجفاف من شأنه إلحاق ضرر بالمغاربة والرفع من أسعار الأكباش على المدى المتوسط.
مصارعة “العلوش”
تتغيّر ملامح المدن التونسية من شمال البلاد إلى جنوبه، مع دخول شهر ذي الحجة، ويحدث ما يصفه التونسيون بـ”غزو الريف للمدينة”. إذ تنتشر في كل أنحاء تونس أسواق المواشي، ويسميها التونسيون “علوش”. كما يكثر الباعة المتجولون الذين يجوبون الأحياء وهم يقتادون خرفانهم.
تكثر مباريات مصارعة الأكباش ويزيد إقبال المتفرجين عليها خلال موسم عيد الأضحى. تنتشر هذه اللعبة خاصة في العاصمة، رغم وجودها أيضاً في المدن الأخرى، وتعتمد على المساحات الكبرى والملاعب ذات الأرضية الترابية، مثل الملعب البلدي في “حي التضامن”، أحد أكبر الأحياء غرب العاصمة تونس، وهو أشهر فضاء يجتمع فيه المتسابقون. كما توجد فضاءات أخرى كالساحات والبطاح في الأحياء الشعبية. فهذه اللعبة ترتبط دائما بالطبقات الوسطى والفقيرة، ولا تجد لها صدى في الأحياء والضواحي الغنية.
وتحظى حلبات الصراع بحضور جماهيري كبير وحماس يجعل الرهانات تزيد، ويتم خلال المصارعة التقاط صور تذكارية مع الأكباش. وفي الكثير من المباريات تنتهي المصارعة بإصابة أحدها بجروح خطيرة أو نزيف يؤدي إلى الموت، أو يتم ذبحه بعد نزيف حاد أو كسر في الرأس
يعلن عن الفائز من طرف حكم يعين قبل بدء اللعبة، وغالبا ما تكون النهاية إما بهروب أحد الأكباش من الحلبة أو بطلب من صاحبه.
خرجة العيد
صباح يوم العيد، يشارك التونسيون من مختلف الأعمار، خاصة من سكان الأحياء العتيقة بمدينة تونس العاصمة في “خرجة العيد” باتجاه المساجد، المنتشرة بكثرة هناك، لجمع أكبر عدد ممكن من المصلين.
وتشبه خرجة العيد إلى حد كبير مسيرة يتجمع فيها المصلون، هاتفين “الله أكبر الله أكبر، وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله”.