منوعات
في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام المركز يجدد دعوته لإلغائها من القانون الفلسطيني
في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام المركز يجدد دعوته لإلغائها من القانون الفلسطيني
يصادف اليوم العاشر من أكتوبر من كل عام اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، والذي تتجدد معه مطالبة دول العالم بالعمل على إلغاء هذه العقوبة من تشريعاتها، باعتبارها عقوبة لا إنسانية وتتنافى مع قيم العدالة وأهداف العقاب، والتي تستهدف بالأساس إصلاح المجرمين، وليس القضاء عليهم.
وبهذه المناسبة فإن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يجدد مطالبته بإلغاء هذه العقوبة من التشريع الفلسطيني. وكان المركز قد ناشد الرئيس في أكثر من مرة بإصدار قرار بقانون بوقف عقوبة الإعدام، إلى حين انعقاد المجلس التشريعي وتعديل قانون العقوبات بما يلغيها.
وفي يونيو 2018، انضمت دولة فلسطين للبروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1989، والذي يقرر إلغاء عقوبة الإعدام، وهو ما يعني أن فلسطين بات عليها التزام دولي بإلغاء هذه العقوبة، وأن استمرار العمل بها للآن يعد مخالفة جسيمة لالتزامات فلسطين الدولية. وتنص مادته الأولى على:”1. لا يعدم أي شخص خاضع للولاية القضائية لدولة طرف في هذا البروتوكول. 2. تتخذ كل دولة طرف جميع التدابير اللازمة لإلغاء عقوبة الإعدام داخل نطاق ولايتها القضائية.”
ورغم التوقيع على البروتوكول، إلا أن الجهات الرسمية لم تتخذ بعد أي إجراء لتفعيل الالتزام به. ولم تبادر السلطة الفلسطينية حتى الآن بأي مساع لوقف العمل بعقوبة الاعدام أو إلغائها من التشريعيات الفلسطينية.
وكان المركز قد دأب منذ تأسيسه على رفض استخدام عقوبة الإعدام في فلسطين، واستند في ذلك إلى مبررات قانونية وموضوعية وانسانية مرجحاً اعتبارات العدالة على المناكفات السياسية ورغبات الانتقام. ويرى المركز أن النظام القضائي في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة، لا يمتلك الأدوات والخبرات اللازمة للحكم بعقوبة خطيرة كعقوبة الإعدام، والتي لا يمكن الرجوع عنها، لو تبين مظلومية المتهم.
كما أن إجراءات التحقيق والمحاكمة يشوبها الكثير من التجاوزات، أبرزها استخدام التعذيب بشكل منهجي في التحقيق، وعرض مدنيين على القضاء العسكري، في مخالفات جسمية للقانون والمعايير الدولية، يصبح الحكم معها باطلاً.
وجدير بالذكر، أن عدد أحكام الإعدام الصادرة في فلسطين هذا العام 2018 قد وصل إلى 7 أحكام، جميعها في قطاع غزة، منها 5 أحكام صادرة عن محكمة أول درجة، وحكمان آخران، أحدهما صادر عن محكمة الاستئناف تأييداً لحكم سابق، والآخر صادر عن محكمة النقض. وبذلك يصل عدد أحكام الإعدام الصادرة في مناطق السلطة الفلسطينية منذ العام 1994 إلى (207) حكماً، منها (177) حكماً في قطاع غزة، و(30) حكماً في الضفة الغربية. ومن بين الأحكام الصادرة في قطاع غزة، صدر (119) حكماً منذ العام 2007.
وقد رصد المركز ارتفاعاً ملحوظاً في استخدام عقوبة الإعدام في قطاع غزة منذ الانقسام الفلسطيني وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وخاصة في السنوات الثلاث الأخيرة. ففي العام 2017 بلغ عدد أحكام الاعدام الجديدة 19 حكماً، وفي العام 2016 كانت 16 حكماً، أما في العام 2015 فقد كانت 12 حكماً.
وبالمقابل سجل انخفاض ملحوظ في استخدام عقوبة الإعدام من قبل المحاكم في الضفة الغربية، حيث صدرت 3 أحكام بالإعدام فقط خلال الأعوام الثلاث الماضية، كانت جميعها في العام 2015، ولم يشهد العامان 2016، و2017 أو العام الحالي صدور أي حكم بالإعدام في الضفة الغربية.
ويذكر أيضاً، أنه تم تنفذ (41) حكماً بالإعدام في مناطق السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها في العام 1994، منها (39) حكماً في قطاع غزة، وحكمان اثنان في الضفة الغربية. ومن بين الأحكام المنفذة في قطاع غزة، (28) حكماً نفذت منذ العام 2007 دون مصادقة الرئيس الفلسطيني خلافاً للقانون. وقد نفذت 6 احكاماً بالإعدام في قطاع غزة في العام 2017 وحده، وهو العدد الأكبر من الأحكام المنفذة في عام واحد منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في العام 2007. وجدير ذكره أن (9) احكام بالإعدام قد نفذت منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في العام 2014. ولم تنفذ أية أحكام إعدام خلال هذا العام، وحتى صدور هذا البيان.
يشار إلى أن الرئيس الفلسطيني لم يصادق على تنفيذ أية عقوبة اعدام منذ العام 2005. ويعد تصديق الرئيس شرطاً لتنفيذ هذه العقوبة بموجب المادة (109) من القانون الأساسي، والتي تنص على: “لا ينفذ حكم الإعدام الصادر من أية محكمة إلا بعد التصديق عليه من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.” وكذلك المادة (409) من قانون الإجراءات الجزائية، والتي تنص على:” لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد مصادقة رئيس الدولة عليه.”
وكانت تنفذ أحكام الإعدام في قطاع غزة بمصادقة من مجلس وزراء الحكومة المقالة هناك، في مخالفة واضحة للقانون، والذي يشترط مصادقة الرئيس نفسه، واستمرت العمل بذلك حتى تشكيل حكومة التوافق في يونيو 2014. وبعدها اُبتُدِعَت طريقة جديدة للتصديق على أحكام الإعدام لتنفيذها في قطاع غزة، حيث بات التصديق يمنح من قبل كتلة التغيير والإصلاح التي تعقد باسم المجلس التشريعي، وهو ما أكد المركز مراراً إنه إجراء منعدم ولا يعطي أية شرعية للتنفيذ.
يؤكد المركز رفضه التام لتنفيذ أي حكم بالإعدام، ويعتبر أن تنفيذ أحكام اعدام بدون مصادقة الرئيس الفلسطيني هو قتل خارج إطار القانون يوجب مساءلة فاعليه، وأن أي قرار من أي جهة أخرى، وبغض النظر عن شرعيتها أو حجم تمثيلها لا يمكن أن يعتبر بديلاً عن تصديق الرئيس.
وفي اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام فإن المركز يؤكد على خطورة استخدام هذه العقوبة اللاإنسانية، وبأنه سيداوم العمل مع الشركاء الوطنيين وعلى المستوى الدولي حتى يتم إلغاء هذه العقوبة بشكل كامل من التشريعات والممارسة في فلسطين.
ولذا، فإن المركز يكرر مطالبته للرئيس الفلسطيني، بالالتزام بما وقّعت عليه دولة فلسطين في البروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وإجراء تعديلات فورية في قوانين العقوبات السارية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهما قانون العقوبات لسنة 1936 الساري في قطاع غزة، وقانون العقوبات لسنة 1960 الساري في الضفة الغربية. كما ويكرر المركز مطالبته بوقف العمل بقانون العقوبات الثوري لسنة 1979 لعدم دستوريته.
كما ويطالب المركز بوقف تنفيذ أحكام الإعدام في قطاع غزة، ويؤكد المركز أن محاولة استبدال مصادقة الرئيس بمصادقة كتلة التغيير والاصلاح في قطاع غزة أمر باطل قانوناً، وليس له أية قيمة.