الرئيسية
لماذا يهاجم الإخوان المسلمون الرموز الوطنية؟
لماذا يهاجم الإخوان المسلمون الرموز الوطنية؟
غالبًا ما يقوم الإخوان بالمساس بالرموز الوطنية والقومية، من أجل استبدالها برموز جديدة
كيو بوست – همسة سماء ألثقافة
لا يتوقف الفكر الإخواني عند إشاعة الفوضى، والفتن الطائفية، وتنصيب أنفسهم كوكلاء للحروب الأهلية في الوطن العربي، بل يعادي الإخوان في قرارة عقديتهم فكرة الدولة، ويعتبرونها فكرة “جاهلية”، ينبغي تجاوزها، للوصول إلى مفهوم الأمة بحسب اعتقاداتهم.
ويقوم الإخوان بضرب مفهوم الأمة، لتصبح الأمة مختصرة في عقيدة الجماعة دون غيرها، نظرًا لما تحمله أفكارهم من تكفير للمختلفين معهم، واستخدام الإرهاب وسيلة للتعبير عن الرأي، واضطهاد الأقليات الدينية الأخرى، ثم بالتهديد بفرض الجزية عليهم وهم “صاغرون”! ولذلك يبدو مفهوم الأمة الذي يرفعه الإخوان قابلًا للنقاش، بسبب عدم مقدرة “أمتهم” على احتواء المختلفين عنهم.
ولذلك سعى الإخوان منذ لحظة وصولهم إلى الحكم، إلى بث مشاريع زائفة، عبر التهديد بإجبار المسيحيين على الدخول إلى الإسلام، حتى يأمنوا على أنفسهم وأموالهم، وهو ما سُمي في مصر بـ”أخونة الدولة”، إذ قام الإخوان، أثناء استفرادهم في الحكم 2012-2013، بتعيين أفراد الجماعة في جميع مفاصل الدولة، بمن فيهم الهاربين من السجون، والمحكومين بتهم الإرهاب، وبدأ حديثهم يتخذ منحى تهديديًا ضد الأقلية القبطية، ووعود بأسلمتهم غصبًا، والاعتداء على كنائسهم، وذلك من من خلال مشروع إخواني شامل يتعارض مع المواطنة وحرية العقيدة التي ينادي بها الدين الإسلامي.
ولأن مفهوم الوطن في الفكر الإخواني ما هو إلّا “حفنة من تراب عفن”، بحسب المفكر الإخواني سيد قطب، أو بحسب العبارة المشهورة لمرشد الجماعة مهدي عاكف: “ظز في مصر”، فقد عمل الإخوان منذ البداية على هدم رموز الوطن أو استبدالها برموز الجماعة، ليصبح الوطن بشعبه ورموزه جزءًا تابعًا للجماعة، وليس العكس!
الرموز الوطنية بحسب الإخوان
مع تسخيف سيد قطب لفكرة الوطن، باعتباره حفة عفنة من التراب، ومع اضطهادهم للأقليات، ورفضهم لتولي غير الإخواني شؤون الحكم والمسؤولية العامة، لا يبقى من الوطن في الفكر الإخواني سوى بعض المعالم التي تتوافق مع عقيدتهم، فالمسجد بالنسبة لهم مركز للدعوة لفكر الجماعة، والكنيسة معبد للكفر ينبغي هدمه، والجيش الذي يعتبر الضامن الوحيد لفكرة الدولة وسيادتها هو مؤسسة عسكرية يجب حلّها وهدمها، من أجل إعادة بناء جيش يتوافق مع استمراريتهم الأبدية في الحكم، ليكون جيشًا ضامنًا لاستمرارهم في الحكم، بدلًا من كونه جيشًا يحمي الوطن، بحسب أفكارهم.
ولذلك عمل الإخوان في مصر وليبيا وسوريا على هدم الجيش أولًا، وتشويه سمعته، بما يتوافق مع خطة رئيس الإدارة الأمريكية بول بريمير، بعد احتلاله للعراق في عهد جورج بوش، حين كانت أولى إجراءاته حل الجيش العراقي، ليغرق العراق في وحل الحرب الأهلية المستمرة إلى الآن.
هذا ما فعله الإخوان تمامًا، بعد أن تصدروا ثورات الربيع العربي، في سوريا وليبيا، وما حاولوا فعله في مصر، اعتقادًا منهم بأن الجيش هو العقبة الوحيدة أمام تفردهم واستحواذهم على شؤون الحكم والسلطة؛ فقد كان جيش الدولة هو الهدف الأول لعملياتهم الإرهابية.
استبدال الرموز الوطنية بأخرى مشبوهة
وفي توافق آخر بين الإخوان وعقلية بول بريمر، الحاكم الفعلي الأول للعراق بعد احتلاله، تأتي الخطة الثانية للإخوان، استبدال العلم الوطني للدولة، بعلم إخواني، أو استبداله مؤقتًا بعلم آخر، من الأعلام التي كانت موجودة من زمن الاستعمارات والانتدابات الأجنبية للدول العربية.
إن فكرة إسقاط رموز الوطن من علم وجيش وحدود تتوافق مع فكر جماعة الإخوان المسلمين، الذين يعتبرون أنفسهم تنظيمًا دوليًا عابرًا للقارات، لا يحده وطن ولا حدود، في الوقت الذي يقوم فيه الإخوان وشركاؤهم من حركات الإسلام السياسي بإيجاد مخرج أو “فتوى”، للقتال تحت راية أعلام أجنبية معادية، مثلما قاتلوا في ليبيا تحت علم الناتو، ويقاتلون اليوم في سوريا تحت راية العلم التركي، وكما أقاموا في إسطنبول مقرات إعلامية لمهاجمة أوطانهم.
وبالآلية ذاتها تعاملوا مع قامات وطنية وقومية بارزة، إذ يقومون بالعادة بتشويهها، من أجل إحلال رموز وطنية أجنبية مكانها، فمثلًا عمل الإخوان المسلمون، على مدار العقود الأربعة الماضية، على تشويه القيادات القومية، مثل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي قاد ودعم ثورات التحرر في الدول النامية، ويقومون بإطلاق التهم والشائعات، ليتم استبداله رمزيًا بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لم يدعم أي ثورة تحرر في العالم العربي والإسلامي، بل، على العكس من ذلك، برز دوره كمحرض وداعم للحروب الأهلية.