مقالات

القال والقيل والنميمة من مسببات الشر بين الناس

صالح نجيدات

قال الرسول صلى الله عليه وسلم :” إن من الناس ناسا مفاتيح للخير مغاليق للشر .وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه ” .
وتقول العرب : “مصرع الفتى بين فكيه “, وكذلك قالوا : ” لسانك حصانك ان صنته صانك “, و” خير الكلام ما قل ودل “، لان كثرة الكلام و الثرثرة والقيل والقال والنميمة وبث الاشاعات الكاذبة قد توقع الإنسان بالخطيئة وبالخطأ وتجره الى شجار عنيف مع الآخرين ، وإن كان هذا خطأ من غير قصد ،ويا ما دمرت بيوت وزهقت أرواح ويا ما اناس في القبور نتيجة حصاد لسانهم والقيل والقال .
أحيانا نلاحظ من يتكلم كثيرا قد يكون من باب تآلف الأرواح ، ومصداقية المشاعر مع الطرف الآخر وللحديث نغم قد يشد الآخرين من حولنا ، ويكون المستمع مترقبا للفائدة من هذا الكم الكبير من الكلام ، والفائدة هنا المقصود بها ليست الفائدة المادية ، بل الفائدة الفكرية والمعنوية أي اكتساب معلومة وأخذ شحنة من الطاقة لرفع المعنويات ، واكتساب خبرة من ذوي الخبرة ، وذوي الاطلاع والمتابعة للكتاب والأدباء… الخ.
يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام :” من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ ” ، وليس العيب أن ندرك مواقع أخطائنا ، فعند مخالطة البشر من حولنا يجب أن يكون لدينا الترقب والاستماع لكل ما هو مفيد قد ينفعنا بحياتنا التي نجهل ما ستكون عليها يوم غد ، كما يجب أن يكون للمتحدث حضور أثناء الحديث وليس مجرد ثرثرة ، بغير فائدة ومضيعة للوقت للشخص ذاته وللآخرين فأخذ الفائدة من معلومات تفيدنا بحياتنا ولو بشيء بسيط ، فعلا يستحق الشكر عليه حتى ولو بكلمات قليلة ، ولولا الحديث لما قامت محاضرات وندوات لإيصال المعلومة القيمة .
قال الرسول محمد-صلى الله عليه وآله وسلم : ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ,فليقل خيراً أو ليصمتْ ” وقال الأمام علي–عليه السلام- : ” أذا تَمَّ العقل نقص الكلام , وبكثرة الصمت تكون الهيبة”. قال الشاعر – لسان الفتى عن عقله ترجمانه – متى زل عقل المرء زل لسانه.
لا عيب أن نخطئ ، ولكن العيب ألا نتعلم من الخطأ ، فالحياة مدرسة وليست بأي مدرسة ، فنلاحظ أن المفكرين والعلماء نجدهم قليلي الكلام ، إلا أنهم ينصتون وبدقة عالية ، ويفتشون ما بين السطور لاستخراج كل ما هو مفيد أي البحث عن الفكرة والمعلومة القيمة وليست الثرثرة. فالثرثرة والنميمة والقيل والقال هو مرض العصر الذي لم يسلم منه إلا من رحم ربي .قالى تعالى : ” ياأيها اللذين امنوا اذا جائكم فاسق بنباء فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهاله فتصبحوا على ما فعلتم نادمين “.
الدكتور صالح نجيدات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق