مقالات

الدين في واد وهم في واد أخر

صالح نجيدات

الكثير من الناس درسوا وتعلموا في المدارس والمساجد , كيف يكونوا مسلمين صالحين , ولكن من الواضح أن جميع هذه الدروس الدينية والصلاة في المساجد لم تجعل منهم مسلمين صالحين ، لاسيما في ما يتعلّق بالأخلاق ، وبطريقة التعامل والتصرفات مع الغير في حياتهم اليومية,
التصرفات اليومية للكثير من الناس تدل على انهم في واد وأمور دينهم في واد آخر ,بالرغم من ان القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة رسما خارطة طريق لكل مسلم كيف يتصرف في حياته اليومية في جميع مجالات الحياة والدين شدد وركز على حسن الخلق والمعاملة الحسنة والاستقامة , فلو طبقوها كانوا خير أمة وفي مصاف الشعوب المتقدمة , ولكن للأسف لا يطبقون أمور دينهم في حياتهم اليوميه لجهلهم وهذا جعلهم مسلمين اسميا , فهناك من يسرق ويغش ويكذب ويظلم ويفتن ويزيف , ويغضب من كلمة الحق ولا استقامة عنده والفوضى موجودة في دمه ويستعمل العنف في حل مشاكله ويتاجر بالدين من اجل الكسب وكل هذه التصرفات تتنافى مع روح الدين الإسلامي , ولكن الجميع يهرعون إلى المساجد فور رفع الأذان ، من دون أن تحاسبهم أنفسهم على تصرفاتهم .كما أنه من الصعب على الكثيرين الربط أو فهم التناقض بين القيام بأداء الواجبات الدينية ، وبين قول الصدق في أمور كثيرة أخرى . للأسف ظاهرة التدين الشكلي والمزيف منتشرة عند فئة لا يستهان بها من مجتمعنا , وهي تعكس خلل تربوي وعقلي وايماني متجذر عميقا عند الكثير من الناس , وهذا يفسر سوء الأوضاع الاجتماعية والشجارات والفوضى المنتشرة كثيرا في مجتمعنا , ولا أريد ان أظلم المتدينين حقا وفعلاً عن إيمان صادق , وكما قال الرسول : الخير في امتي الى يوم الدين .
للأسف هناك من الناس من يصلون ويؤدون العبادات , ولكن سلوكهم وتصرفاتهم منفصله تماما عن دينهم , وكأن التدين شيء وتصرفاتهم شيء آخر , وهذه ظاهرة خطيرة ومعول هدم لأركان المجتمع , ولها مضاعفات كارثية على تربية أولادهم , فالدين جاء لتهذيب النفس وإرشاد الإنسان السير في الطريق المستقيم , وزجر النفس عن الهوى والنهي عن الفحشاء والمنكر واحترام الجار للجار ومخاطبة الناس بالتي هي أحسن , ونبذ العنف وكل مظاهر القوة .
كتبت عن ظاهرة التدين الشكلي لخطورتها على المجتمع وعلى تربية الأجيال لما فيها من غش وخداع , ويجب علاجها في المدارس وفي المساجد على يد رجال الدين , فالدين ايمان وقيم وأخلاق ومعاملة وتطبيق في السلوك والتصرفات اليومية , وغير ذلك يكون خداع ونفاق ,
هذا الانفصال التام لدى الكثيرين بين الواجبات الدينية ومتطلبات المعيشة ولجوء البعض للغش وارتكاب المخالفات هو نتيجة طبيعية لخلل ما في العقلية ومشكلة استيعاب المقروء أو فشل في التعليم الديني والتربوي وقد تكون اسباب اخرى لا اعرفها ، ولكن ما أعرفه هو أن هؤلاء بحاجة أكبر الى فهم الدين وغرس القيم والأخلاق في نفوسهم ، واحترام الغير.
الدكتور صالح نجيدات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق