مقالات

نظرات في موسوعة “ديوان القدس” للشاعر محمد ثابت شاعر الأمة بقلم أ حسن الحضري شاعر وكاتب مصري

لا شك في أن القضية الفلسطينية يجب أن تكون موضع اهتمامٍ لدى كل ذي رأيٍ وفكرٍ من أبناء الأمة العربية والإسلامية، ولا يزال الشعر يؤدي دوره باعتباره ديوان العرب؛ الذي يعبِّر عن شؤون حياتهم، ويتغنَّى بآمالهم ويتناول همومهم وقضاياهم، ولا يزال الشعراء والأدباء يلهجون بالدفاع عن فلسطين ويتصدون لِما يلاقي أشقاؤنا هناك من اعتداءات وحشية وخرابٍ ودمارٍ بغير حق، وبعد أن اشتعلت الأزمة الفلسطينية الراهنة، التي بدأت باستبسال الفلسطينيين وشجاعتهم فيما عُرِف بطوفان الأقصى؛ هبَّ الضمير العربي من جديد وعاد إلى النضال بصورٍ مختلفة، منها نضال الكلمة، فامتلأت الصحف العربية والكتب والدواوين بـ”أشعار فلسطين” التي تحولت سريعًا من قصائد متفرقة إلى موسوعات شعرية تضم هذه القصائد بين دفَّتيها، ويُعَد الشاعر والأديب المصري محمد ثابت من أبرز الموسوعيِّين الذين جمعوا ما قاله الشعراء في القضية الفلسطينية بشكل عام وطوفان الأقصى وما تَبِعه من أحداث بشكل خاص، والشاعر محمد ثابت له موسوعات سابقة في مجالات متعددة؛ منها: (صلاح الدين الأيوبي، ملتقى الشعراء، الملتقى الشعري، قلوب شاعرة)، وقد جمع أشعار فلسطين تحت عنوان (ديوان القدس) ضمن موسوعة (ملتقى الشعراء)؛ وضم الديوان قصائد لثمانية وعشرين شاعرًا وشاعرة.
والشاعر محمد ثابت من الشعراء المهتمين بقضايا الأمة العربية والإسلامية، حتى أُطلِق عليه لقب “شاعر الأمة”، وهو معدود من كبار الثائرين على العمليات الممنهجة للتطفل والغزو والثقافي والفكري وغير ذلك مما يتعرض له الأدب العربي بشكل عام والشعر بشكل خاص، وله مواقف مشهودة تجاه المؤسسات الثقافية الخاصة التي تزايدت أعدادها بكثرة مريبة بعد ثورات الربيع العربي، ويرى محمد ثابت أن مؤسسات كثيرة منها قامت على أسس معوجَّة ذات أهداف تتنافى مع تعاليم الأديان السماوية ومبادئ الأخلاق، وبعضها مارس التطبيع مع العدو الصهيوني، ولعل ذلك من أسباب غضب هذه المؤسسات من صدور الموسوعات الشعرية التي وثَّقت المواقف المشرِّفة للشعراء العرب تجاه القضية الفسطينية ومن بينها موسوعة محمد ثابت “ديوان القدس”.
وقد ذكر محمد ثابت في مقدمة هذا الديوان تعريفًا موجزًا حول موسوعة “ملتقى الشعراء”، وذكر أن هذا الديوان هو الإصدار الرابع من إصدارات هذه الموسوعة، وقد جاءت بعض قصائد الديوان من الشعر العمودي الأصيل، وبعضها من التيارات الشعرية الحديثة؛ بحسب اختلاف اتجاهات ومدارس الشعراء المشاركين، وقد أورد محمد ثابت لنفسه قصيدتين ذيَّل بهما قصائد الديوان، وجاء العنوان في كلٍّ منهما بدلالة قوية توضح موقفه الخاص تجاه القضية الفلسطينية؛ حيث جعل عنوان أولاهما “رسالة عاجلة إلى صلاح الدِّين”، وجعل الثانية بعنوان “القدس تحيا”، وهذا العنوان الأخير قد جاء في موضعه المناسب في تذييل قصائد الديوان، فورد بمثابة البشرى والفأل الحسن؛ وبالنظر إلى قصائد الديوان بشكلٍ عامٍّ نجد تنوُّع الدلالات وتعدُّد الرؤى في إطار وحدة المغزى والهدف؛ فنجد من عنواين القصائد “نقر العصفور” للشاعرة هدى ميقاتي، وهو عنوان له دلالته في معاني الصبر والأمل، ونجد أيضًا “القدس وألاعيب الحواة” للشاعر ياسر قطامش، وهو عنوان يكشف عن موقف الشاعر من المتخاذلين تجاه القضية الفلسطينية، فهو يتناول الفكرة من هذه الرؤية، ونجد أيضًا “سلام الله للأقصى” للشاعر خالد هلال، وهو عنوان يكشف عن ضمير الشاعر وما يتمناه لفلسطين؛ وهو أن يُنعم الله عليها بالسلام والأمن، كما وردت عدة قصائد تحمل في عناوينها أسماء فلسطين والأقصى والقدس، فكشفت عن مكنون رؤية الشعراء للقضية الفلسطينية وحبهم لأشقائنا في فلسطين.
وقد صدرت بعد طوفان الأقصى عدة موسوعات شعرية وأدبية ضمت بعض ما نظمه الشعراء وما سطره الكتَّاب حول القضية الفلسطينية، لكن ما يميز “ديوان القدس” أنه لم يكن أول موسوعة يصدرها الشاعر المصري محمد ثابت؛ فقد اعتاد إعداد الكتب الموسوعيَّة ونشرها ضمن موسوعاته التي انطلقت منذ سنوات طويلة، فجاء الديوان بالصورة التي تتناسب مع العمل الموسوعي، وبذلك يُعَد إضافة حقيقية إلى الأعمال الموسوعيَّة التي عادت إلى الظهور بعد طوفان الأقصى، حاملة لواء فلسطين ومندِّدة بأعدائها.

بقلم الباحث والناقد المصري الكبير
حسن الحضري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق