مقالات
رؤية هذه السلسلة يكتبها د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية
* الشباب بين التوجهات الحديثة والالتزامات الدينية (1)
يُعد الشباب أحد أوسع الشرائح الاجتماعية تأثيرًا في المجتمع، حيث يمثلون القوة الدافعة وراء التغيير والنمو، لكن في عصرنا الحالي، حيث تنتشر التوجهات الحديثة بسرعة، يواجه الشباب تحديات عديدة في التوازن بين التوجهات العصرية التي تحيط بهم من جهة، ومواءمتها مع الالتزامات الدينية من جهة أخرى. هذه التحديات تتطلب فهما عميقا للكيفية التي يمكن من خلالها الجمع بين الهوية الإسلامية وتطلعات العصر، ومن أبرز التحديات التي يواجهها الشباب اليوم هي:
– التأثيرات الناتجة عن الانفتاح على الثقافات الغربية والعولمة، الوسائل الإعلامية، مثل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت تؤثر بشكل كبير على أفكار الشباب وسلوكياتهم، على الرغم من أن هذه التوجهات قد تتيح لهم فرصة للاطلاع على مختلف الثقافات والأيديولوجيات، إلا أنها قد تؤدي في نفس الوقت إلى فقدان الهوية الدينية والثقافية في بعض الأحيان.
– إضافة إلى ذلك، هناك ضغط اجتماعي مستمر يدفع الشباب نحو تبني أساليب حياة معينة، سواء كان في الأزياء أو طرق التفكير أو الأنشطة الاجتماعية، قد تتعارض أحيانًا مع القيم الإسلامية، وهذا يعني أن هناك صراع بين الهوية الدينية والاندماج في المجتمعات العصرية مما يشكل تحديًا كبيرًا للشباب المسلم.
– في ظل هذا الوضع المعقد الزاحف أو قل الغازي لا بد من تعزيز الالتزام الديني في حياة الشباب، حيث أن
الالتزام الديني يعد من أهم العوامل التي توفر للشباب القوة اللازمة لمواجهة التحديات المعاصرة، حيث يُعتبر الدين بمثابة مرشد للفرد في جميع مجالات حياته، ويحث على التحلي بالقيم الأخلاقية مثل الصدق، الأمانة، والتعاون وغيرها من القيَم، كما أن الالتزام بالصلاة، والعبادات، والأخلاقيات الإسلامية يعزز من الاستقرار النفسي والروحي للشباب.
– يُعلّمُ الإسلام الشباب كيف يحافظون على هويتهم الدينية في عالم يعج بالتحولات والمخاطر، ومن خلال تعاليم القرآن والسنة، يدرك الشباب المسلم أن الهدف في الحياة ليس فقط تحقيق النجاح المادي، بل السعي أيضًا لتحقيق رضا الله واتباع المبادئ التي تحقق توازنًا في الحياة، ويمكن طرح التساؤل التالي حول:
– كيفية الجمع بين التوجهات الحديثة والالتزامات الدينية؟
من المهم للشباب أن يدركوا أنه لا يوجد تعارض بين الالتزام الديني والمشاركة في التوجهات الحديثة بشكل إيجابي، ويمكن طرح بعض الطرق التي تساعد الشباب على التوازن بين التوجهات الحديثة والالتزامات الدينية:
1- اختيار ما يتناسب مع الدين:
يجب على الشباب أن يميزوا بين التوجهات التي تتوافق مع قيمهم الدينية وتلك التي تتناقض معها، ويمكنهم استخدام الوسائل الحديثة لتعزيز حياتهم الشخصية والمهنية، بشرط أن تظل هذه الأنشطة في إطار القيم الإسلامية.
2- التثقيف الديني المستمر:
وذلك من خلال تعزيز المعرفة الدينية، يمكن للشباب أن يفهموا كيفية تطبيق القيم الإسلامية في حياتهم اليومية، حيث يعد التعليم الديني أداة قوية لمساعدة الشباب على اتخاذ قرارات حياتية تعكس هويتهم الدينية في عالم معاصر.
3- الاستفادة من التكنولوجيا في نشر الدين:
بدلاً من أن يكون الإنترنت وسيلة للتأثير السلبي، يمكن استخدامه كمنصة لنشر الدعوة الإسلامية ومشاركة الأفكار الدينية مع الآخرين، مما يعزز من قدرة الشباب على التفاعل مع محيطهم بروح من الوعي الديني.
4- الأنشطة المجتمعية:
وذلك من خلال الانخراط في الأنشطة المجتمعية والخيرية، حيث يمكن للشباب أن يحققوا توازنًا بين الحياة الاجتماعية الحديثة، وبين الالتزام الديني، كما يساهمون في تحسين الواقع الاجتماعي وتطبيق القيم الإسلامية في الواقع.
– في عالم يتسم بالتحولات السريعة والتحديات العديدة، يحتاج الشباب المسلم إلى فهم كيفية الجمع بين الالتزامات الدينية والتوجهات الحديثة.
الالتزام بالقيم الإسلامية في عصر العولمة ليس فقط ممكنًا، بل هو أمر ضروري لضمان تحقيق التوازن بين الدين والدنيا. من خلال التربية الدينية، التوجيه السليم، والقدرة على اتخاذ قرارات مدروسة، يمكن للشباب المسلم أن يكونوا قادة في عصرهم، حاملين لراية الدين في مواجهة التحديات العصرية… وانتظروا تفاصيل أعمق في قادم المقالات بحول الله تعالى.
– صباحكم طيب ونهاركم سعيد وآمن، ولنُكثر من الدعاء لتفريج الكروب وإخماد نار الحروب، ولا ننسَ الصلاة على خير مبعوث للعالمين، محمد ﷺ.
مقالة رقم:(1778)
11 جمادى الأولى. 1446هـ
الأربعاء 13.11.2024 م
باحترام:
د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)