مقالات

غسيل الاموال..!!!

براهيم_الجريري

ممارسة إخفاء مصادر النقود من الحكومات ممارسة قديمة تعود لقرون سابقة،السبب كان للتهرب من الضرائب غالبا، حيث لم يكن هناك نظام بنكي حديث.

مصطلح “غسيل الأموال” لم يسجل الا في القرن العشرين، ويقال ان ظهور المصطلح بسبب أحد أشهر زعماء المافيا “ال كابون” في العشرينيات ..

♦️في 1920 تم تمرير تعديل على الدستور يمنع انتاج ونقل وبيع الكحول في أمريكا، واستمر الى 1933. وخلال تلك الفترة، ازدهرت عصابات تهريب الكحول، وكان من أشهرها عصابة ال كابون في شيكاغو

تهريب الكحول مكن ال كابون من تحقيق إيرادات تتجاوز 100 مليون دولار سنويا (1.4 مليار بقيمة اليوم)واجه ال كابون مشكلة، فدخله مهول ولكنه تحت الرقابة، فلن يتمكن من تحويل أمواله الى أصول او الاحتفاظ بها في البنوك

♦️ولذا عن طريق انشاء عدد من الانشطة قام بتمرير المبالغ الى حسابات تابعة له لتصبح قانونية، من ضمنها سلسلة محلات غسيل الملابس”تجمع عدد من غسالات الملابس للايجار ولان محلات غسالات الملابس يأتيها عدد كبير من الناس والدفع نقدي وكل عملية قيمتها بسيطة، يصعب على رجال الامن المراقبة وتتبع مصادر النقد،

♦️ويقال انه هذا بداية ظهور المصطلح ومنه اصبحت عملية ادخال الكاش من مصادر مشبوهة الى مشاريع نظامية ومن ثم البنوك تسمى “غسيل أموال”على شهرة هذه القصة، الا انها ليست حقيقية، حيث لا دليل على وجود المصطلح في كتب التاريخ لتلك الفترة،

♦️ما هو مثبت انه تم نشر مصطلح “غسيل أموال” لأول مره في الصحف مع فضيحة “ووتر قيت” والتي أطاحت بالرئيس الأمريكي نيكسون، والتي على إثرها تم سن قانون يجرم غسيل الأموال لأول مره في 1986هل يعني ذلك ان وجود محلات كثيرة بدون حركة كبيرة من العملاء هو دليل على انها عملية غسيل أموال؟

الشك هذا موجود في كل مكان،
لاحظ الامريكان في 2016 انتشار لمحلات مراتب الاسرة بشكل فضيع لشركة “ماترس فيرم”

♦️في نفس الشارع عدة فروع، وفروع متقابلة لنفس الشركة!ظهرت نظريات مؤامرة حول محلات “ماترس فيرم”، كيف شركة عندها كل هذه المحلات تبيع منتج ما يتغير الا كل 10 سنين مرة!
المحلات خالية من العملاءوبمساحات كبيرة!
اكيد الموضوع عملية غسيل أموال ضخمة!
لدرجة ان بزنس انسايدر وبلومبيرغ كتبوا عن الموضوع..لكن بعد التحقيق في الموضوع، هذا الملخص:

1/ هامش ربح المراتب عالي جدا، من 50% على الأقل الى 90%، تخيل ان مرتبة ب 3 الاف دولار لا تكلف 300$، الفرع الواحد يحتاج يبيع 20 مرتبة في الشهر لتغطية مصاريف الفرع!2/ يشكل كثرة التواجد تسويق للشركة ،لتكون الخيار الأول في حال احتجت شراء مرتبة، فهو اقل تكلفة من الإعلانات اليومية لمنتج لا تشتريه الا كل كم سنة.

3/ الشركة كانت في عملية استحواذ على عدة منافسين، وفي عام 2016 تم تغيير اللوحات على المحلات للشركات المستحوذ عليها الى اسم الشركة الامفي مجال العطور مثلا،

♦️تكلفة تطوير عطر جديد (ابتكار تركيبة واسم وتصميم عبوة) تبدأ من 100 ألف دولار وقد تصل لعدة ملايين للأسماء الكبيرة، ولكن هذا مبلغ استثمار أولي يتم توزيعه على الآلاف او عشرات الآلاف من العبوات

تكلفة المكونات (السائل) من 3$ – 7$ للعطور التي تباع ب 100$ الى 250$إذا كان هامش الربح عالي لهذه الدرجة، لماذا تتركز المبيعات في عدد قليل من الشركات؟
من السهل تصميم عطر خاص بك، ممكن يكلفك 50 ألف ريال او اقل، الصعوبة أن تبيع منه عدد كبير لتغطية مصاريفك.
شركات العطور من الأكثر صرفا على الإعلانات، أغلى اعلان في التاريخ لشانيل، كلف 33 مليون دولارنأتي لسبب انتشار محلات العطور، تكتفي الأسماء العالمية مثل شانيل وديور بالتواجد في أفخم المواقع، اسم العلامة التجارية كافي لجذب العملاء
ولكن الشركات المحلية تتواجد في كل مكان لتخلق اسم، لتثبيت اسم العلامة في اذهان الناس وخلق تصور انها علامة موثوقة بالرغم بعدم ارتباطها بأسماء شهيرةكذلك الهامش العالي يُمكّنها من تشغيل فروع ايجارها اليومي 400-1000 ريال، ويكفي البيع ل 3 – 5 عملاء في اليوم لتغطية المصاريف، وما بعدها ربح.

♦️لماذا لا تتواجد محلات العطور بهذه الكثافة في الدول الأخرى إذا؟
تكلفة تشغيل المحلات في الدول الأخرى اعلى، كما ان تكلفة اليد العاملة أكبرنعود لغسيل الأموال،بعد ما فهمنا كيف تربح تلك المحلات،قد يكون البعض غير مقتنع الى الان
جريمة غسيل الأموال خطيرة،فهي نافذة لتمويل عمليات ارهابية قد تهدد استقرار دول والاهتمام بها كبير من الجهات الرسمية
وفتح سلسلة محلات شهيرة لبيع منتج يمكن جرد مستودعاته يعتبر خيار غبي لغسل الأموال و كانت جرائم غسيل الأموال بالوضوح والسهولة هذه لتم حل المشكلة
الأنشطة مثل الصيدليات او محلات العطور منتجاتها معروفة واغلبها مستوردة ومسجله في الجمارك، كما ان بها نقاط بيع ومبيعات البطاقات البنكية قد تتجاوز 80% من مبيعاتهم، كما ان الشركات لديها الالاف من الفروع في مختلف المدنغسيل الأموال له عدة أوجه، ولكن في السياق الحالي، لو كان هناك منظمة إجرامية تسعى لغسيل الأموال، فالنشاط الذي تستهدفه سيكون غامض ولا يمكن جرد واحصاء بضاعته، كما ان حركة النقد فيه عالية، فكر في أنشطة المقاولات ومحلات الصرافة والمجوهرات

ويتطلب تواطئ من موظفين البنوك لذلك الرقابة على تلك الانشطة عالية جدا، فمحلات الصرافة تخضع لمراقبة البنك المركزي، ولا يمكنك بيع وشراء الذهب في السعودية الا بتسجيل كل عملية بهوية العميل. وغيرها من الاجراءات المصممة لتحجيم النشاطات الاجرامية.مثل ما كانت قصة بداية مصطلح “غسيل الأموال” الشهيرة مجرد قصة شعبية لا اثبات لها، ما يتداول عن سلسلة المحلات سواء عطور او صيدليات هو قصص شعبية لا اثبات لها، ومصدرها عدم فهم لنماذج العمل واختلاف الربحية وعملية التسويق بين الأنشطة…

#إبراهيم_الجريري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق