مقالات

مولدُ الهادي البشير هو الربيع(13)

د. محمد طلال بدران

هذه السلسلة يكتبها د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية(48)
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* أشْرَقَ الْكَوْنُ بِمَوْلِدِهِ الشريف ﷺ(2)
– وتستنشق مكة عذب الهواء وأُكسير الحياة
بعد أن جافاها الأيمان، وعبث فيها الشيطان، وتكالب عليها الّلئام، وسجد أهلها للأصنام، وتقاسموا بالأزلام، وتقطعت بهمُ الأرحام، وانحطت الى الكفر الأفهام، وعربد وطغى الفرس والروم والأقزام، ها هي الرّحَمات تتنزل عليها فيولد فيها خير البشر والأنام، محمد -عليه أفضل الصلاة وأتمّ السلام- ، يولد يتيم الأب مولودًا على غير العادة يُحِبه كلّ من يراه، ذو طلعةٍ بهيّة كأنما جمع الله في وجهه الشمس والقمر، يولد في شهر ربيعٍ الأولى، لتتحول الدنيا كلّها بمولده إلى ربيع، بعد جفافها وعطشها لتستعيد بمولده عافيتها وخُضرتها وجمالها، يولد في الثاني عشر من ربيع الأول خير البشر؛ -وهذا هو المشهور عند الجمهور- ويا لجمال هذا الربيع الاستثنائي الذي ولد فيه ﷺ وهاجر فيه، وتوُفيَ فيه.
– كانت ولادته ﷺ يوم الإثنين، ذاك اليوم الذي يقول فيه حبيبنا وشفيعنا محمد ﷺ: “ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ” فهنيئًا لآمنة مولد نبيّ الإنسانية، محمدًا ابن عبد الله ابن عبد المُطلِب أشرف الخَلق حسبًا ونسبًا، من سلالة الأنبياء ابنُ إسماعيل ابن ابراهيم -عليهم الصلاة والسلام- قبيلته قريش من أشرف وأنسبِ قبائل العرب والعجم، وُلِد في مكة أشرف بقاعِ الأرض بجوار الكعبة أطهر بيتٍ يعبدُ فيه الله تحت البيت المعمور في السماء.
– خلق الله أشرف خلقه وجعله الأطهر على ظهر هذا الكوكب، ثمّ كلّفه ليقوم بالوظيفة التي قام بها خير قيام، فجاء برسالة التوحيد، وتحقيق عبودية الله، وحباه الله تعالى بالملَكات العقلية والمواهب الفكرية منذ طفولته وصِباه وشبابه، ما جعله مؤهلاً لأن يكون خير خليفة في الأرض، فثبت على منهج الحق، حتى أصبح حبيبًا للحقِّ.
– محمدٌ لم يُعنّف أحدًا، ولم ينهر أحدًا، ولم يحقد على أي أحدٍ، هدفه تخليص الإنسان من أغلال الشرك، وظُلمات الجهل، وآثام عبادة الأصنام التي لا تضُرّ ولا تنفع.
– لأولِ مرةٍ يجدُ العربيّ نفسه الضائعة التائهة
– لأول مرةٍ يُصبح العربي ذو قيمة بين شعوب الأرض. – لأول مرّة يُصبِحُ العربيّ متبوعًا بعد أن عاش طوال
حياته تابعًا.
– لأول مرّة تحترم الخلائق العرب كأمة بين الأمم
– ولأول مرة تخرج إلى الكون أمة كاملة اسمها: أمة الإسلام ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ ( آل عمران: 110)
– بمولده ﷺ هُزِم الجَوْر والظلمُ وجميع اللئام، وببعثته ساد الكون دينُ الإسلام، ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾
(المائدة: 3) ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: 107)
– قاد العالم إلى الفضيلة والعدل والسلام والإسلام،
– حارب الظلم والطغيان وغيّر طبيعة العرب الأجلاف بعد كانوا ظالمين طغاة··
– ورفعت أمّة الإسلام في مسيرتها الخالدة شعار الفاروق -رضي الله عنه وأرضاه- الذي قال فيه: (مَتىَ أسْتَعْبَدْتُمْ النْاسَ وَقَدْ وَلَدَتْهُمْ أمّهْاتُهُمْ أحْرَاراً؟).
– ما أعظم ميلادك يا نبي الله فهو ميلاد للإنسانية بأسرها، ورحمة للبشرية كلّها، “وبرسالته ودعوته انقشعت الظلمات وتبدلت الأرض غير الأرض، وانتشرَ العدل وسادت الرحمة، بعد طول سيطرة للظلم، وبمولده عمَّ الإحسان بعد طول كراهية وجفاء، وانمحت ظلمات غشيت العقول وأعمت البصائر والأبصار” -منقول- فصلوات ربي وسلامه عليك يوم ولدت ويوم بعثت ويوم هاجرت ويوم الفتح ويوم انتقلت الى الرفيق الأعلى..
– صباحكم طيّب من طيب عبق مولد الهادي البشير، خير خلق الله محمد ابن عبد الله ﷺ.
– مقالة رقم: (1724)
15. ربيع الأوّل. 1446هـ
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صهيب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق