مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية امرأة في الدولاب من روايات الرّعب والتشويق رجوع الطفل من الموت ( الحلقة 2 )

كان ممدوح يحب اللعب في الزقاق وذات يوم جاءت سيارة مسرعة وصدمته ،فوقع على الأرض والدماء تنزف منه بغزارة ،ولما جاء الإسعاف وحمله للمستشفى كان في غيبوبة، ولطمت حنان وجهها ،ومزّقت ثيابها ،أمّا أبوه فكان ينظر، ولا يقدر على الكلام من هول الصّدمة ،وقال الأطباء ،لو أفاق ممدوح فستكون معجزة ،وليس بإمكانهم فعل شيئ ،بقيت حنان طريحة الفراش ثلاثة أيام ،وفي اليوم الرابع تلقت إتّصالا من المستشفى يخبرها فيه أن إبنها قد إستيقظ لكنه يهذي بحكاية غريبة وطلبوا منها المجيئ ،فأتت على عجل ،ولمّا رأت ممدوح جالسا على فراشه تعجّبت، فهو يبدو في صحّة جيّدة رغم الضمادات التي تغطّي رأسه .
لمّا سألته على حاله قال لها إنه رأى في حلمه الشقة التي يسكنونها ،وهي أكثر جمالا ونظافة من الآن، والنّوافذ والأبواب جديدة ،أمّا المرأة التي تأتيه فقد ذهب عنها الجزن ،ووجهها صار مشرقا ،وقالت لي أنّي سآتي للعيش معها ،فأهلي لا يعرفون كيف يعتنون بي !!! ضمّته أمّه إلى صدرها بقوّة وقالت: مكانك بجانبنا يا بني ،وأعدك أن ما حصل لن يتكرّر مرة أخرى،وسألت الطبيب إن كان إبنها يستطيع الرّجوع معها ،فحكّ رأسه، وأجاب: أعترف أنّ هذا الأمر لم يحدث أمامي من قبل ،لكن نتيجة الفحوصات ،وصور الأشعة أثبتت أنه لا يعاني من شيئ ،وكأنّه عاد للحياة من جديد، الطب ليس له تفسير،ولكن ربّك كريم .
صارت حنان أكثر عناية بالطفل بعد أن شارف على الموت ،ولا تتركه يبتعد كثيرا عنها لكن لاحظت حدوث أشياء غريبة فأحيانا يختفي ممدوح ثم يظهر فجأة وحين تسأله أين يذهب لا يجيبها ،وفي بعض الأحيان يمشي في الليل دون حاجة إلى نور كأن هناك من يقوده في الظلام ،وفي يوم من الأيام ركض خلفه كلب الجيران، وما إن هرولت والدته لتنقذه وجدت الكلب يقف مذعورا ويتراجع ببطء للخلف وكان ينظر ناحية ابنها بخوف ، وتكررت هذه الحوادث الغريبة حتى قلقت عليه والدته ،أحست أن هناك أمرا غير عادي ،وكل ذلك بدأ مباشرة بعد خروجه من المستشفى،وبعد هذا اليوم لم يعد إبنها كما كان ،وكل يوم يزداد غرابة .
حينها قررت والدته أن تلجأ للطبيب النفسي الذي رأى ابنها المرة الأولى ،وصارحته بمخاوفها، وبكل ما يحدث لممدوح من أمور غريبة لا تصدق لولا أن رأتها بعينيها وبالفعل سرد الطفل ما يحدث معه بسبب المرأة التي تزوره ليل نهار وتريد أن تأخذه معها قطب الطبيب جبينه وطلب من الطفل أن يرسم شكلها، فذر من الصورة التي رسمها ممدوح بدقة شديدة على الرغم من صغر سنه، كانت صورة لامرأة ،وترتدي ثوبا أبيض طويلا من موضة الخمسينات وفي يدها دمية ،وهناك بقعة دم على صدرها، قال الطبيب ،لا أدري من هذه المرأة لكن الواضح من هيئتها أنّها مريضة بالسلّ،ولم تعش كثيرا ،شيئ آخر ،هي أنها تشتاق أن تكون أمّا .
ضربت حنان كفا بكفّ وأجابت :كنت أعرف أن هناك شيئا غير عادي في الشقة، ففي بعض الأحيان أسمع سعالا وأنينا في غرفى نومي ،وكنت أظنّه زوجي حتى اليوم الذي بقي فيه في المستشفى طول الليل ،وهنا تأكّدت أنه ليس هو ،لكني لم أخبره لكي لا يسخر مني قال الطبيب : كل شيئ له تفسير عقلاني قد يكون إبنك رأى هذه المرأة في التيليفزيون أو في مجلة ،وأحدثت له نوعا من الصدمة فصار يتخيل وجودها ، وطلب منها أن تأتيه مجددا ليجري عليه بعض الفحوصات والاختبارات قبل أن يحرر له الدواء؛ اتصلت والدة الطفل على شقيقتها لتقص عليها آلامها ربما تستريح بعض الشيء، ولكن لشقيقتها كان رأي آخر فأرسلتها إليها لعراف معروف بابطاله للسّحر ،وإخراج الجان .

يتبع الحلقة 3 والأخيرة

عن حكايات زمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق