اذا نظرنا بتمعن الى بيان بكين لجميع الفصائل الفلسطينية ، فلن نجد جديدا من حيث النصوص، ولا في الموقف السياسي ، ولا في نية الفصائل في التوافق على اقامة حكومة توافقية مؤقتة وعقد انتخابات شاملة والانطواء تحت خيمة منظمة التحرير الفلسطينية لكل الفصائل ال ١٤.
*اذن ما هو الجديد؟؟*
برأيي أن الجديد كثير ولافت هذه المرة:
أولا- مراجعة نفس عميقة تجري وسط قيادات الفصائل بعد هذا العدوان، خاصة في فتح وحماس. ففتح وصلت الى الاستنتاج أن مخلفات اوسلو لم تجدي نفعا للشعب الفلسطيني، واسرائيل قد نسفت ما تبقى منها، وان لا مكان لاستثناء اي فصيل فلسطيني مثل حماس والجهاد من تحمل الهم الفلسطيني. وبالمقابل توصلت حماس الى الاستنتاج انها لا تستطيع وحدها قيادة قطاع غزة، وان البديل الاسوأ لذلك هو “وصاية” دولية بتوجيه امريكي اسرائيلي. هذه المراجعة تقرب وجهات النظر بضرورة التفاهم ضد العدو المشترك للكل الفلسطيني.
ثانيا- الوحدة القاعدية للفصائل نجزت بشكل كبير خلال اشهر العدوان، في غزة وفي الضفة الغربية، على مستوى المقاومة الشعبية والمسلحة، وبات العلم الفلسطيني هو العنوان وليس الرموز الفصائلية، وباتت المقاومة القاعدية متشابكة بكتائب موحدة ومتناسقة. هذا الواقع كان ضاغطا على النخب الفصائلية وحاسما بالذهاب للاتجاه الصحيح.
ثالثا- لاول مرة نجد استعداد دولي وازن لدعم الوحدة الفلسطينية، وتقديم غطاء دولي لذلك، فدخول الصين وروسيا، اضافة الى مصر والجزائر وتركيا وايران، تقدم زخما وبديلا للوسيط الامريكي والغربي الذي تصدر المشهد في العقود الثلاث الاخيرة.
رابعا- وصول العديد من الدول الوازنة في الشرق الاوسط، أن البديل لحل القضية الفلسطينية، هو حرب اقليمية شاملة ستكون كل دول الاقليم متضررة منها، هذا الموقف يشمل المملكة العربية السعودية والامارات ومصر والاردن، الامر الذي يدع اجماعا من جميع التيارات الفكرية والسياسية في المنطقة الذهاب لمثل هذا التفاهم بطريق الوصول لحل الدولتين.
لذلك، أنا لا اتفق مع من يقول أن ما جرى في بكين هو تكرار ما كان في القاهرة والجزائر، فالفارق هو ليس في النصوص، وانما بالاساس في الواقع الجديد الاقليمي والدولي بعد العدوان الدموي على قطاع غزة.
سهيل دياب- الناصرة
د. العلوم السياسية
23.7.2024