مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية على رأس الظالم تقع من الفولكلور اليمني الفتاة بثينة وأختها نورهان ( الحلقة 3 والأخيرة )
ولمّا وصل إلى المخزن وجد شقّا في حائط ،فوضع الصّرة ،ورصف عليها الحجارة لكي لا يراها أحد ثم رجع إلى العرس وانهمك في الأكل والشّرب ،ثم وجد فتاة جميلة تبتسم له، فجلس بجانبها ،ومضى الوقت ،ونسي المهمّة التي جاء من أجلها ،بدأ الليل في النّزول وقال رئيس النّجارين : لا شكّ أنّ الفتى قد مات الآن ،سأذهب للمخزن ،وآخذ صرّة الذّهب ،قبل يعثر عليها أحد .وحين وصل ،هبّت الرّيح ،فسقطت الأحجار التي في الشّق ،ورأى الصرّة ،فتعجّب، وتساءل أين راح الفتى ؟ ثم أخذها، وقرّر أن يدخل للمخزن ،ويرى ماذا حصل ،وما أن أطل حتى راى خشبة ثقيلة تهوي على رأسه، فسقط دون حراك، أمّا في القصر فكانت الملكة تتساءل إن كان الفتى قد مات ،ولم تصبر ،فلبست عباءة ،وغطّت رأسها ، وخرجت إلى المخزن، ولما وصلت رأت الباب مفتوحا، فدخلت بحذر،ووجدت رئيس النّجارين مطروحا على الأرض ،وبقربه صرّة الذّهب، ولمّا إنحنت عليها وأخذتها ،فوجئت بخشبة تنزل على رأسها ،فسقطت ميّتة إلى جانب رئيس النّجارين ،أمّا الفتى فكان في ذلك الوقت يضحك مع البنت التي تعرّف عليها في دار العرس.
ذلك ما كان من أمر الملكة ،أمّا في القصر،فافتقد السّلطان إمرأته، ولم تنزل كعادتها للعشاء، فأرسل أحد الجواري إلى غرفتها ،لكنها وجدتها فارغة ،فبحثت عنها في كلّ مكان ،واشتدّ القلق بالحاشية والأعوان،فقد أظلمت الدّنيا ولم تعد الملكة ،وبعد قليل جاء صاحب المخزن ،ومعه عربة ،وقال للسّلطان :لقد نفّذت أمر مولاي، وتخلصت من الإثنين اللذان أرسلتهما لي !!! بهت السّلطان ،ونزل يجري للعربة ،ولمّا رفع عن الغطاء رأى رئيس النّجارين وزوجته ،وقد فارقا الحياة ،هاله ما حصل ،ولم يجد تفسيرا يقبله عقله ،وساورته الشكوك والوساوس ،وأدرك أن الوحيد الذي سيعطيه الجواب هو ذلك الفتى الذي أراد قتله ،لكنّه إختفى ولم يرجع لحدّ الآن ،وبقي السّلطان ساهرا وحده ،وهو غارق في التفكير .
أمّا الفتى فقد تذكّر فجأة مهمّته ،فجرى للمخزن ،وحين وصل ولم يجد صرّة الذّهب في مكانها داخل الشّق ،فعاد للقصر يقدم خطوة ويأخّر أخرى ،وهو مرعوب ،فما الذي سيقوله لسيّده ؟ ولا شكّ أنّه سيغضب منه ،ولعن الدّرويش ونصيحته ،ولم يكن يعلم أنّه بفضلها قد نجى من الموت في ذلك اليوم . وما أن دخل حتى قبض عليه الحرس ،وإقتادوه مربوطا أمام السّلطان ،وحين مثل في حضرته حكى له عن ما حدث له ،وكيف أخفى الصّرة ،وسهر في العرس ،ووعده أن يشتغل ليلا نهارا لردّ ثمن الذّهب ،لكنّ السّلطان كان يتفحّصه ،ولفت نظره شدّة وسامته وقوّة بدنه ،و تذكّر أن الملكة كانت تطلب منه دائما أن يرسله لإصلاح أثاث غرفتها ، فصاح فيه : قل الحقيقة ،ماذا فعلت لتتمنّى الملكة موتك ؟ هيّا تكلّم !!! لكن الفتى صمت ،ولم يعرف كيف يردّ ،وما الذي سيفعله .
أعاد السّلطان سؤاله بنبرة أكثر حدة ،فجثا الفتى على ركبتيه ،وطلب منه الرّحمة ،ثمّ حكى عن كل شيئ وهو يرتعد من شدّة الخوف ،لكنّ السّلطان ربّت على كتفه ،وقال :لا عليك ،لقد ظهر كلّ واحد على حقيقته !!! أوصيك بكتمان ما حصل ،وسأعينك مكان رئيس النجارين ،لكن أخبرني ،هل الفتاة التي سهرت معها في العرس جميلة ؟ أجاب الفتى :نعم يا مولاي ولها أخوات مثل القمر ،أجاب السلطان : طيّب ،سنذهب غدا ،ونرى ،فأنا أعلم حسن ذوقك وفي الصباح ذهبا إلى دار العرس ،فوجدا أن الأفراح لا زالت قائمة، فخطب للفتى تلك البنت واسمها بثينة ،ولمّا رأى أختها نورهان بجانبها، أعجبه جمالها ، فخطبها لنفسه ،وحضر الطعام والشّراب ،فانبسطت نفس السّلطان ،وزال ما في نفسه من غمّ ،وقال في نفسه : على رأس الظالم تقع .وبعد أيام وصل الفتى لأمّه ،ولما رأته أجهشت بالبكاء ،واعتذرت على قسوتها معه ،لكنّه قال لها: إحزمي أمتعتك يا أمّي ،وستأتين للعيش معي قي القصر !!! سألته بدهشة : كيف ذلك ؟ أجابها : بفضل نصائح الدّرويش الثلاثة .
…
إنتهت وشكرا على المتابعة والإهتمام ..