مقالات
6) ثقافيات رمضانية وتفسيرات إلهامية ما الحكمة في إرسال قميص يوسف لأبيه حتى يرتد بصيرا
وحيد راغب
أولا القميص فيه رائحة يوسف عليه السلام , ويوسف نبي صالح ويعقوب نبي صالح , والأنبياء والصالحون يعرفون بعض أيضا من الرائحة , وكأنها رائحة الصلاح , عرفها الله لهم , ولقد شاهدت من أحسبه صالحا , لإتباعه منهج الله في كل أعماله , يشم رائحة من يسلم عليه , , فلما كان القميص في الطريق الى يعقوب , وكانت الريح تهب ناحيته , فأتت بريح القميص وكأن رائحة القميص هى رائحة صاحبه يوسف عليهما السلام
” وَلَمَّا فَصَلَتْ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) ” يوسف
ثانيا السر في القميص ما هو , هل قرأ عليه يوسف إسم الله الأعظم , أما أن الله أوحى الى يوسف أن أرسل قميصك الى أبيك يعقوب ليبصر بعد عمى , وكأن القميص فيه سر الله للشفاء
” اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (96) ” يوسف
فنجد إبراهيم وعيسي يحيون الموتى من الطير وعيسي عليه السلام موتى البشر بالنفخ , وكأن النفخ فيه سر الله عزوجل للإحياء ,
” وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِـۧمُ رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةًۭ مِّنَ ٱلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍۢ مِّنْهُنَّ جُزْءًۭا ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًۭا وَٱعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌۭ ” البقرة 260
” وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِـَٔايَةٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّىٓ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْـَٔةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ وَأُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةًۭ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ” آل عمران 49 وهو نفس السر الذى هو علم الكتاب عند آصف بن برخيا وهورجل صالح من قوم سليمان ,. فأتى بعرش بقليس وهى في اليمن وسليمان في الشام قبل أن يرتد طرفه بينما العفريت احتاج لفترة زمنية طويلة نسبيا وهى قبل أن يقوم سليمان من مجلسه الذى يصل الى يوم كامل , والعفريت له قوة خارقة في نشأته وليس علم من الله عزوجل , , فعلم الكتاب هو إسم الله الأعظم كن فيكون , أو سر يعلمه الله من يشاء من عباده الصالحين
” قَالَ ٱلَّذِى عِندَهُۥ عِلْمٌۭ مِّنَ ٱلْكِتَـٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِىٓ ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِۦ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِىٌّۭ كَرِيمٌۭ “النمل 40
وهو السر الذى رد به رسول الله صلى الله عليه وسلم عين الصحابي التى سالت على خده أى خلعت في الحرب , ونفس شفاء النبي للدغة الثعبان لصاحبه أبي بكر في الغار عند الهجرة ,
وقال الإمام الواقدي في المغازي غزوة أحد 1/ 242: … وأصيبت عين قتادة بن النعمان، حتى وقعت على وجنته، قال قتادة: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقلت: أي: رسول الله، إن تحتي امرأة شابة جميلة أحبها، وتحبني، وأنا أخشى أن تقذر مكان عيني، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلّم فردها، فأبصرها وعادت كما كانت، فلم تضرب عليه ساعة من ليل أو نهار، وكان يقول بعد أن أسن: هي والله أقوى عيني، وكانت أحسنهما اهـ: المغازي.
وهو سر أن ضرت ماعز أم معبد على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم والشاة عجفاء تقترب من الهلاك , وتفيض باللبن فيشرب النبي وصاحبه أبو بكر وتشرب أم معبد وزوجها وعيالها , ولما تخبر أبا معبد بالخبر , فيقول على النبي الرجل الصالح
عن أبي معبد الخزاعي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليلة هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ودليلهم عبد الله بن أريقط، ثم مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره ذلك حتى مر بخيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة، ثم تطعم وتسقي من مر بها فسألاها: هل عندك شيء؟
فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القِرى والشاء عازب(بعيدة المرعى) وكانت سنة شهباء
فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كِسْر الخيمة(جانبها)، فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟
قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم
فقال: هل بها من لبن؟
قالت: هي أجهد من ذلك
فقال: أتأذنين لي أن أحلبها؟
قالت: نعم بأبي وأمي، إن رأيت بها حلبًا فاحلبها
فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ضرعها، وسمَّى الله، ودعا فتفاجت(فرجت ما بين رجليها) عليه ودرَّت، فدعا بإناء لها يُربض الرهط(يرويهم ويثقلهم ويمتدوا على الأرض)، فحلب فيه حتى علته الرغوة، فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا ثم شرب وحلب فيه ثانيًا حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها فارتحلوا
فقلما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزًا عجافًا(هزالاً) يتساوكن (يتمايلن من شدة ضعفهن) هزالاً لا نِقى بهن(النقى: مخ العظم أي لا قوة فيهن) فلما رأى اللبن عجب فقال: من أين لك هذا؟ والشاة عازب، ولا حلوبة في البيت؟
فقالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، ومن حاله كذا وكذا
قال: والله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلبه، صفيه لي يا أم معبد”
فقال أبو معبد: والله هذا صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما ذكروا، لقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً وأصبح صوت بمكة عاليًا يسمعونه ولا يرون القائل
وهونفس السر الذي أحيا ميت قوم موسي بالضرب بالبقرة الصفراء
وهو السر الذى علمه الصحابة بالصلاح من أن الفاتحة تشفى من لدغ العقرب , حتى قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدراكم أن فيها سر الشفاء , طبعا هنا السهم براميه , فقد يقول الفاتحة مرات البعض ولا يشفي لعدم الصلاح
وكأن الشفار يكون من الله بلا سبب اذا أراد
ولكن من ليس عنده خاصية الصلاح والنبوة لا يصدق هذا , كما فعل إخوة يوسف , لما قال لهم أبوهم أنه يشم رائحة يوسف قبل وصول قميصه
” وَلَمَّا فَصَلَتْ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (95) ” يوسف