مكتبة الأدب العربي و العالمي
الساحر_بنشكين جزء ثاني
وأمرت ابنتها بمراقبة الأميرات السبع لترى إن كان أحدهم يعطيهن ما يأكلنه.
وفي اليوم التالي، وعندما خرجت الأميرات إلى قبر أمهن،ورحن يأكلن ثمار البرتقال الهندي اللذيذة، تبعتهن ابنة الأرملة وشاهدتهن يجمعن الفاكهة.
قالت بالنا لأخواتها: «ألا ترين تلك الفتاة وهي تراقبنا؟
دعونا نبعدها، أو نخفي الثمار عنها، وإلا ستذهب وتبلغ أمها بكل ما شاهدته، وهذا سيكون سيئاً جداً علينا».
لكن الأخوات الأخريات قلن: «كلا، لا تكوني قاسية يا بالنا.
فالفتاة لا يمكن أن تكون بهذا الخبث حتى تخبر أمها. وبدلاً من ذلك دعونا ندعوها لتتناول شيئاً من الفاكهة». وبعد أن دعونها، أعطينها حبة من البرتقال.
وما إن تناولتها، حتى ذهبت ابنة البردوان إلى البيت وقالت لأمها: «لا أعجب أن لا تأكل الأميرات السبع الطعام الذي تحضرينه لهن، فبالقرب من قبر أمهن تنمو شجرة برتقال هندي جميلة، يذهبن إليها كل يوم ويأكلن الثمار.
أكلت واحدة منها، وقد كانت أطيب فاكهة تذوقتها في حياتي».
امتعضت الملكة كثيراً من سماع ذلك، وطوال اليوم التالي بقيت في غرفتها، وأخبرت الراجا أنها تعاني من صداع شديد .
حزن الراجا كثيراً وقال لزوجته: «ما الذي أستطيع أن أفعله لك؟». فردت عليه: «هناك شيء واحد فقط سيخفف من هذاالصداع.
هناك قرب قبر زوجتك تنمو شجرة برتقال هندي
جميلة، عليك أن تجلبها من هناك وتغليها، بجذورها وأغصانها، وتضع قليلاً من الماء الذي غليت فيه على جبهتي، علاج صداعي».
أرسل الراجا خدمه، وأمر بقلع الشجرة من
جذورها، كما رغبت الراني (الملكة)، وبعد أن وضع شيء من الماء الذي غليت فيه الشجرة على جبهتها، قالت إن صداعها قد انتهى وشعرت بالتحسن.
هو هذا
وفي اليوم التالي، خرجت الأميرات السبع كالعادة إلى قبر أمهن، فوجدن أن شجرة الليمون الهندي قد اختفت. وبدأن جميعاً بالبكاء بمرارة.
وكان هناك حوض صغير على مقربة من قبر الملكة الميتة، وفيما كن يبكين رأين أن الحوض امتلأ بمادة غنية تشبه القشطة، الذي تصلب بسرعة ليصبح كعكة بيضاء سميكة. وبعد أن شاهدن هذا، فرحت الأميرات السبع كثيراً، وأكلن من الكعكة وأحببنها، وتكرر ذلك في اليوم التالي، وهكذا استمر الحال على هذا المنوال لأيام عديدة. كانت الأميرات يذهبن كل صباح إلى قبر أمهن، ويجدن الحوض الصغير مليئاً بالكعكة المغذية التي
تشبه القشطة. ثم قالت زوجة الأب القاسية لابنتها: «لا أفهم كيف يحدث ذلك، لقد أمرت باقتلاع شجرة البرتقال التي كانت تنمو عند قبر الملكة الراحلة، ومع ذلك، لا يبدو الوهن على الأميرات، ولا يبدين أكثر حزناً، رغم أنهن لا يأكلن الطعام الذي أقدمه لهن، أنا لا أفهـم».
فقالت ابنتها: «سأراقبهن».
وفي اليوم التالي، وبينما كانت الأميرات يأكلن الكعكة،
ظهرت ابنة زوجة الأب. فرأتها بالنا أولاً، وقالت: «لاحظن،
يا أخواتي، ها هي الفتاة تعود مرة أخرى، دعونا نجلس حول حافة الحوض ولا نسمح لها برؤيته، لأننا إذا ما أعطيناها شيئاً من الكعك، ستذهب وتقول لأمها، وهذا سيكون من سوء حظنا».
إلا أن أخواتها لم يجدن مبرراً لشكوك أختهن وبدلاً من اتباع نصيحتها، أعطين لابنة البرودان، قطعة من الكعكة، فعادت إلى البيت وأخبرت أمها بما رأته .
وبعد أن علمت الملكة برفاهية الأميرات، انتابها غضب
شديد، وأرسلت خدمها لهدم قبر الملكة الراحلة وملء الحوض
الصغير بالقمامة، ولم تكتف بذلك، بل تظاهرت في اليوم التالي بالمرض الشديد، وبأنها أوشكت على الموت، فشعر الراجا بحزن شديد، وسألها إن كان بمستطاعه أن يوفر لها أي علاج،فقالت له: «هناك شيء واحد لا غير يمكن أن ينقذ حياتي، ولكني أعلم أنك لن تفعلها».
فأجاب: «بلى سأفعل كل ما تطلبين».
ثم قالت: «لكي تنقذ حياتي، يجب أن تقتل بناتك السبع من زوجتك الأولى، وتضع شيئاً من دمائهن على جبهتي وراحتي وسيكون موتهن حياة لي».
عند سماعه هذه الكلمات، انتاب الراجا حزن شديد، ولأنه خشي أن لا يفي بوعده، خرج محزوناً باحثاً عن بناته، فوجدهن يبكين عند حطام قبر والدتهن.
عندها، وبسبب عجزه عن قتلهن، تحدث الراجا بلطف إلى
بناته وطلب إليهن أن يمضين إلى الغابة معه، وهناك أشعل ناراً وطبخ أرزاً، وقدمه لهن.
وبعد الظهر، وبسبب حرارة الجو الشديدة، غطت الأميرات السبع في النوم، وعندما رأى أنهن نمن
بسرعة، ابتعد والدهن، الراجا، خلسة وتركهن (لأنه كان يخاف من زوجته) وقال لنفسه: «من الأفضل أن يمتن هنا بدلاً من أن يقتلن على يد زوجة أبيهن».
ثم اصطاد غزالاً، وفي أثناء عودته إلى البيت
حكايا العالم الاخر