بات واضحاً الآن أن الواقع الذي يمتلئ بأشخاص تقوم حياتهم على النفاق والكذب، انتقل نفاقهم وكذبهم إلى ميادين(فيسبوك)، وطور نفس الأشخاص أساليب نفاقهم التي لا تعكس حقيقة مشاعرهم، لكنها تحقق مصالحهم، وتُمثل ما يرغبون في تصديره للطرف الآخر.
خبراء مواقع التواصل الاجتماعي رأوا أن توفير أساليب متنوعة للتعليق على المنشورات زاد من انتشار آفة النفاق الافتراضي، وأن بعض المستخدمين اتخذوها أسلوبا لتحقيق مصلحة ما او حيلة ما او خدعة ما، بصرف النظر عن أفكارهم وقناعاتهم الشخصية.
المتابعون يرون أن الكثير من التعليقات وعلامات الإعجاب على فيسبوك هي شكل من النفاق، فأغلبها لا يأتي من قراءة أو مناقشة موضوعية لمضمون المنشور بقدر ما يعد رسالة لصاحبها والدليل هناك اعجابات كثيرة تنهال على منشور معين قبل قراءته او ربما لا يقرأ، الاعجابات فقط لصاحب المنشور!!.
ومن خلال الحديث مع الكثيرين، حول هذا الموضوع بات العُرف حاليا يقول إن الشخص يظهر إعجابه بتدوينات الآخرين كرد عليهم لأنهم أبدوا إعجابهم بتدويناته التي يبثها على صفحته، كما أن بعض الموظفين يسارعون للإعجاب بكل ما يكتبه المدراء ولو كان شكوى من الإسهال.
في بعض الأوقات يبادر المستخدم بإبداء إعجابه مسبقا لكي يقوم الآخرون بإبداء إعجابهم أو تفاعلهم مع منشوراته، والظهور بأنه مشهور وأن ما يكتبه ينال إعجاب الآخرين.
البعض يقضي أوقاتا طويلة في التفاعل مع تدوينات الآخرين، عملا بمنطق “من قدم السبت وجد الأحد أمامه” حيث يضطر الآخرون إلى إبداء إعجابهم بما يكتبه بغض النظر عما يحتويه.
هناك من اتخذ أعداد الإعجاب والتعليقات كمؤشر على نجاحه، ووظفها من أجل الترويج لنفسه كشخص ناجح له معجبون، كذلك وسيلة للانتشار وزيادة رأس المال الاجتماعي في زيادة عدد العلاقات والصداقات على الفيس.
أشار خبراء في المواقع الإلكترونية إلى أن ظاهرة النفاق تشكلت على الفيس بوك بوجود طرفين في العالم الافتراضي، الأول يكون مصدر قوة ونفوذ وهيبة ولديه قدرة على بناء علاقات اجتماعية ولديه مكانة مميزة في المجتمع (واصل كما يقولون).
أما الطرف الثاني فمواقفه متلونة ومهزوزة وليس مرتبطا بدور مجتمعي، لذلك يسعى إلى النفاق لتلبية رغباته وحاجاته من الطرف القوي.
تجسد النفاق في البداية في طلبات الصداقة اليومية التي ترد من أشخاص لا يعنيهم ما تنشره ولا يحرك فيهم ساكنا، والهدف من طلب الصداقة امتلاك أكبر عدد ممكن من الأصدقاء.
وربما يفسر هذا وجود 600 صديق لشخص ما على الفيسبوك، في حين أن عدد علامات الإعجاب على أي تدوينة له لا يتجاوز الخمسة، ولا يوجد أي تعليق عليه بالرغم من أهميته ورقيه. ينتبه الشخص في لحظة ما إلى أن تلك الصداقات وُلدت ميتة وغرضها النفاق وربما التجسس ويعطي لنفسه الحق بإلغاء تلك العلاقات وحذفها من قائمة الأصدقاء.
من جانب آخر، هناك عبارات مديح وثناء وتهان يغدقها البعض على شخصية مشهورة ويقومون بتمجيدها إذا تولوا مناصب هامة، بالرغم من أن المستخدم قد يكون قد سبق له ذم وانتقاد نفس الشخص ووصفه بأسوأ الألفاظ على صفحات أخرى تبعا لسياسة الصفحة.
الموضوعات الاجتماعية والترفيهية تكون غالبا مدخلا لتملق شخص ما، عبارات باتت متكررة تستخدم في كل وقت ولكل الأشخاص كنوع من المجاملة وهذا يساهم في جعل مواقف الأشخاص مصطنعة ولا تعبر بالضرورة عن شعورهم الحقيقي. والنفاق بكل صوره يتجلى بوضوح عندما ينشر شخص مشهور تدوينة ما، وينهال عليها البعض بإعجاب وتعليقات مؤيدة وكلمات ثناء ومديح في خلال دقائق رغم أنها قد تعارض أسلوب وطبيعة المُعلق نفسه”.
ظاهرة النفاق الاجتماعي عبر فيس بوك تزايدت، واسهمت في اشعال الفتن في مجتمعنا العشائري والذي يعتمد على المحسوبية والمحاباة وان صفحات فيسبوك أصبحت شاهدة على هذا التلوّن وهذا النفاق”، وان الخواص الجديدة التي أضيفت عل فيس بوك للتفاعل مع التدوينات ساعدت على تغذية النفاق، حيث يرتدي المُستخدم جميع الأقنعة، الحب والحزن والفرح والالم. الخ.
وكم يقال: اننا كلما خالطنا الناس ازددنا يقيناً ان الأخلاق مثل الأرزاق هي قسمة من الله.. فيها الغني وفيها الفقير، وحين أراد الله تعالى وصف نبيه لم يصف نسَبَه أو ماله أو شكله، لكنه قال: وإنك لعلى خلق عظيم.