مقالات
تـقـديـر سـن لـلـمـسؤولـيـن فـي الأردن بقلم : عائشة الخواجا الرازم
بات ظاهراً للمراقب وصاحب كل عين بصيرة ، أنَّ البلاد تلحق التكنولوجيا المتسارعة ، ولكنَّها بلحاقها هذا تشبه السلحفاة المهبوشة الجانب !! يعني فوق سلحفائيتها الشهيرة ضُربت على جنبيها .
وقبل سنوات كان مثال ” زيادة حسن صبي ” رائجا بين الناس . فنحن في هذه البلاد نفتقر إلى أسراب من الشباب والشابات ، خرَّيجي المعرفة المعاصرة من تطوُّر ينسجم مع حركة الزَّمن المتتالية المفاجآت . ولأنَّ أبناء وبنات هذه البلاد يتعطلًّون عن العطاء وتعزيز مطالب بلادهم بعد تحصيلهم الدراسي والعلمي ، فإننَّا نجدهم يتجنبَّون الخوْض في قضايا الوطن والإنتماء . وحينما تطالعهم بحوار جاد حوْل الوفاء بحق الوطن من حب وعمل وإخلاص ، يقول لك الشاب بأنَّه يحوصل إنتماءَه ووفاءَه لحين من الدَّهر لا يدري موعده!!!
ولكنه لا ولن يتراجع أو يتأخر في الانزلاق مع الحراكات والتحركات العشوائية ، ونحن نعرف أن حالة الهستيريا التفريغية عند النشء المكسور قاب قوسين أو ادنى من نظرية ( علي وعلى اعدائي يا رب ) قد صنعتها إدارة الحكومات المتتالية الأنانية والفردية والذاتية والمتسلقة والمنتفعة ..فجابت الوطن في الحيط!
وهكذا يصبح الوطن الحاضن للأجيال في مفهوم الشباب الذين يصبحون فجأة ( ختيارية ) والمحطوم المعنويات عدواً ….
إذن فالشاب حرُّ طليق ……!!
فالشباب مسخوط بيد من يتكرش على حساب عمر الوطن الذي أوصله للمائة ، وله أنْ ينام حتَّى الثانية والثالثة بعد الظهر، وله أن يسهر متسكعَّاَ ًفي الحواري والأزقةَّ مع الرفاق !! وله أن (يتفشش ) بالشباب أمثاله .. وأن يختلس من الزمن سنوات الإنتظار المفرغة من سنوات تقدير السن الشائعة على وجوه الشيوخ والعجائز المسؤولين لإحتلال مكانه وهم على مقاعد المشيخة إلى الأبد ، ويشاهد هؤلاء المشايخ الشائخين ينظرون ويلقون بالشعارات اللزجة في تصريحات ضد الديكتاتور فلان وعلنتان ، أما هم فلا علاقة لديكتاتوريتهم المسننة عند أوليائهم من أولياء تقدير السن !!
نعود للشاب المذهول القاعد منتظراً يوماً أسود يليق بهؤلاء المتمكنين العاضين على المواقع والمناصب بالنواجذ والأظافر !!
وله أن ينتظرهم لحين انتهاء طوابيرهم يوم القيامة ، ليجد فرصة يعزز بها شهاداته العلمية أو يعزز مواكبته للعصر ، ذالك العصر الذي يراد للشاب المقصوف الأمل أن يقبع في جحور التلكؤ والتخلف والفوضى ، حتى يظل لهؤلاء المستوين المطبوخين عزاً ودلالاً ومالاً ومناصب وراثة الدهر وما عليه . وله أن يختلس من عب والدته القرشين والثلاثة ويتسول على أبواب اللحى البيضاء المصبوغة بالأسود أو الحناء ..!! حيث لا خجل ولا حياء يغمر هذه اللحى التي شبعت واستوت على نار الوظيفة ربمَّا لأكثر من خمسين عاماً.قاعدة شاربة آكلة هاضمة الحجر والشجر وعروق الوطن دون عين واسعة( تتفنجر ) في واقعها الغلط أو ترمش ..!!
وللشاب أنْ يطرق الأبواب الموصدة بحثاً ذليلا ً عن عمل يرفع من قيمة سنوات عمره التي أفناها في التحصيل العلمي ..!! أو أفناها انتظاراً مذلاً مبكياً عالماً أحياناً ومخترعاً أحياناً ومبتكراً أحياناً ولاطماً ملطوما في جميع الأحيان !!
نعم لقد سمتنا وأطلقت علينا عدوتنا الأفندية والبرنجية بأننا بلاد ( القاعدة ) ولو علمنا معاني القاعدة لعثرنا فيها على مضامين ومعان رهيبة تنطبق على القاعدين في كل الميادين ، فأحسنت الوصف وأبدعت فينا وأينعت الاوصاف شباباً وشباناً وذوي لحى يشيب لهولها الولدان مصبوغة تقعد ولا تقوم بإذن الشيطان اللاعب في الأمخاخ !
وفي بلادنا المباركة ” هنا ” أصبح توهيم الشباب بالخسران موضة ليحجم الشباب الأكفياء والخرَّيجون وحاملو الشهادات العلميَّة عن طرْح قضية التفوُّق العلمي والعدالة باستثمارها ومناقشتها . بحيث أصْبحنا نلاحظ العكس المتنامي ، ليتنعم بمشاعر المنبوذ المنحط في الدولة والمغيب والمأخوذ مكانه حلال زلال كأنه شيء طبيعي وعادي ، وهذا مقنن بإذن الشيطان وليس بإذن واحد أحد من هؤلاء الصابغين الدابغين قلوبهم نحو البلاد النازفة وشبابها يجددون تقدير السن كل عامين ..ويتربعون ؟ والأغرب من ذلك أنهم يقتاتون معرفتهم المتخلفة عن العصرنة والعولمة والمعلوماتية بقولهم ” الدهن في العتاقي ” فتتكون منهم الحكومة وتعلن بشرف وعز ودهاء بأن (الديجيتالزم ) هم سر البلاء والتخلف والسرقة والإفساد في الأرض بين العباد ، وحين تلتهم القوت الساخن تبدأ بنشر الأوراق الملوثة ضد ثلة من الفاسدين تصنعهم هي (وتمكيجهم ) وتلقي بهم في اتون التهم صارخة : يا للهول لقد كانوا من ثلة (الديجيتالزم )… فتفتخر الغرفة السرية للتعيينات والمناصب بتسليم زمام القرارات وصناعتها لذوي (البرطعة ) المتقلصة الهمة والمتقوقعة في غرف الوظيفة على عكازات (الأنالوغ ) بفخر الدهن في العتاقي !!
نعم تفتخر الغرفة السرية لتسليم المناصب (للأنالوغ ) ، وتترك للأنالوغ ورأس الحكومة العبث بالشباب والأجيال من خلال الشعارات الممجوجة ( الشباب أمل البلاد ومستبقلها المفعم بالحيوية ) …أهلين … تابع (فنظزية ) الشباب المحطوم في الجامعات والشوارع والمدارس وملفات ديوان الخدمة الحربية !!
للأنالوغ الذي لا يعرف ماذا يراد للبلاد ولا يعرف الحوار مع الأمم ولا يفتتح له باباً للنقاش والرد والأخذ مع الشباب في اليباب والحضور والغياب ، للأنالوغ الفخور بالقعود والجمود نقول الخطية في رقبة الغرفة السرية !! تلك الغرفة العجيبة المجهولة الأسس والنسب الرسمي التي تنفذ مطالب المصبوغين المدبوغين بالبقاء على بيض المصلحة الوظيفية هم وفلذات أمعائهم وبصيلات شعرهم إرضاءاً لدهنهم العتيق ، والمضحك المبكي أن الغرفة السرية تلك لم تعد سرية برموزها العالية تقابلهم وتشد على أيديهم المرتعشة في نظرات باسمة كأنها لا تدري من اين هبط المصبوغون المتوكئون على كبسة الأنالوغ ، وأيضاً تمسَّد على بقايا شعرهم المصبوغ بالأحمر والأسود ، وربمَّا ترقص لهم حواجبها ممثلة بأنها تعرفهم وتعرف تاريخهم المشرف !
يا ايها الغرفة السرية ….. الغرفة العجيبة المتميزة بالعبقرية الشيطانية علناً … اعلمي بأن هذا الجيل هو السبَّاق لرفع شأن البلاد سواءً ارتفعت جدرانك أم بقيت حيطة واطية ومخفية تحيطها الطلاسم والخزعبلات ، فأنت والله وهم وبناؤوك معروفون وهوياتهم مقروءة .. وترفع على رؤوس الاشهاد شعاراً انانياً ذاتياً مع الاسف قائلاً : بالروح بالدم ننتصرعلى الوطن بمعركة ترهيل الشباب وتشبيب العجائز .. )…! وأجزم أن الشباب والجيل الذي تحاصرينه بكل أنواع الخراب والامتحانات والكفاءة الجامعية وديوان الخدمة الوهمية والوراثة الوظيفية والواسطة العنترية والإهمال والاستهتار بكفاءاته وتحصيله ، يحارب بالعلم والصبرعلى جبهة مسؤولين محنطين أكل الدهر عليهم وشرب ، يقفون على عكازات يلتهمهم مرض الهلوسة التاريخية ومرض الديسك والرماتيزم والسكري ومرض العظام المتفقعة ومرض الركب المطقشة . وهذه المعركة مستقاه من معارك سفر برلك التي سنت القوانين في هذه البلاد .وعادت إلينا محملة بالضحك على تلك اللحى لتقلب عاليها سافلها على القاعدين والواقفين واللاقفين !!
فلا أنالوج ( زابط ) معك أيتها الغرفة السرية ولا ( ديجيتاليزم ) …