ثقافه وفكر حر
من روائع الأمثال العربية: ” تزَبَّبَ قبل أَن يتحصرم “
يُضرب هذا المثل للرَّجل الذي يتعاطى رتبةً قبل أن يصل إليها، كمَن يَقْعد للتدريس ولمَّا يستكمِلْ آلَتَه، وكمَن يقعد للفتوى ولمَّا يأخُذْ عُدَّته. ومعنى زبَّبْتَ؛ أي: جَعَلتَ من نفسك زبيبًا، والحِصْرِم: أوَّل العِنَب، فإذا كان أخضر سمِّي حِصْرِمًا، ولا يُسمَّى اليابس إلا زبيبًا.
و أصل المثل أن أبا الفتح عثمانَ بنَ جني الموصلي، النحْوِيَّ المشهور قعَدَ للإقراء وتعليم الناس النحْوَ في الموصل، وما زال شابًّا.
ومرَّت الأيام، فمرَّ به أبو علي الفارسي، وهو يدرِّس الناس في حلقته فسأله أبو علي عن مسألةٍ في التصريف، فقَصَر فيها. فقال له أبو علي: “زَبَّبْتَ وأنتَ حِصْرمٌ”.
فانتبه ابن جني لقصد الشيخ فترك التدريس ولازم أبا علي الفارسي أربعين سنةً حتى مَهَر في العربية وحَذَق فيها عنه، وأتقن الصَّرف، فما أحَدٌ أعْلَم به منه.