ثقافه وفكر حر

إنهُ الحب” (مسرحية تاريخية)

بقلم أ.د.عبد الحفيظ الندوي

الشخصيات:

1- الزوج
2- الزوجة
3- والد الزوجة
4- ساعي الأخبار
5- المحاربون
6- شقيق الزوج
7- عامة الناس

المشهد الأول: داخل المنزل

(قبل سنوات من البعثة النبوية. في منزل عادي بمكة. يأتي الشاب الوسيم أبو العاص، وهو ابن خالة زينب، لخطبتها من والدها).
أبو العاص: (بعد أن ألقى التحية باحترام) يا خالي محمد، أود أن أتزوج ابنتك الكبرى زينب.
الوالد: (بهدوء) دعني أسأل ابنتي زينب أولاً.
(يذهب الوالد إلى زينب).
الوالد: زينب، لقد جاءني ابن خالتك ويريد أن يتزوجك. هل تقبلينه زوجًا لك؟
(احمر وجه زينب وابتسمت خجلاً).
(بعد أيام قليلة، تم الزواج بكل يمن وبركة).

المشهد الثاني: حوار بين زينب وأبي العاص

(بعد سنوات، أصبح الوالد محمد نبيًا. يعود أبو العاص من رحلة تجارية. تستقبله زينب بكل ترحيب).
زينب: لديّ لك خبر سار جداً.
(يتجاهل أبو العاص كلامها ويمضي سريعاً. تتبعه زينب).
زينب: لقد اختار الله أبي. إنه الآن نبي، وأنا قد أسلمت.
أبو العاص: (بحزن) لماذا لم تخبريني أولاً؟
زينب: أبي لا يكذب. إنه الصادق الأمين، فكيف أنكره؟ كلنا قد أسلمنا. أمي، وأخواتي، وابن عمي علي، وقريبي عثمان، وصديقك أبو بكر، جميعهم…
أبو العاص: (بأسف) سيقول الناس إني تركت قومي وآبائي لأرضي زوجتي. يا حبيبتي، عليكِ أن تتفهمي موقفي.
زينب: ومن يتفهمك إن لم أفعل أنا؟ سأنتظرك زوجةً مخلصة، حتى تجد أنت طريق الحق.

المشهد الثالث: غزوة بدر

(بعد الهجرة. تبقى زينب في مكة. تنطلق غزوة بدر. يخرج أبو العاص للقتال في صفوف جيش قريش).
زينب: (باكية) يا الله، لا تشرق شمس الغد وقد تيتم أولادي أو فقدت أبي.
(تصل أخبار المعركة إلى مكة. تسأل زينب أولاً عن أبيها).
زينب: ماذا حدث لأبي؟
ساعي الأخبار: انتصر المسلمون.
(تسجد زينب شكراً لله).
زينب: وماذا عن زوجي؟
ساعي الأخبار: لقد أسره محمد.
(تقرر زينب فوراً فداء زوجها. لم يكن لديها شيء ثمين، فخلعت عقد أمها خديجة الذي كانت قد أهدتها إياه يوم زفافها، وأرسلته مع شقيق أبي العاص).

المشهد الرابع: في سجن المدينة

(كان النبي محمد ﷺ يجمع الفدية من الأسرى. يأتي شقيق أبي العاص ومعه العقد).
النبي ﷺ: (حزيناً عندما رأى العقد) فدية من هذا؟
الشقيق: فدية أبي العاص بن الربيع.
(بكى النبي ﷺ عندما عرف أنه عقد خديجة. ثم التفت إلى أصحابه).
النبي ﷺ: أيها الناس، هذا الرجل لم نذمم منه صهراً قط. فهل تقبلون أن تفكوا أسره؟ وهل تقبلون أن تعيدوا إلى زينب عقدها؟
الصحابة: نعم يا رسول الله، بكل سرور.
(أعطى النبي ﷺ العقد لأبي العاص، ثم ناجاه على انفراد).
النبي ﷺ: يا أبا العاص، لقد أمرني الله أن أفرق بين مسلمة وكافر. فهل سترد عليّ ابنتي؟
أبو العاص: نعم، يا خالي.

المشهد الخامس: العودة إلى مكة

(تنتظر زينب أبا العاص عند مداخل مكة).
زينب: هل ستتركني وترحل؟
أبو العاص: لا، أنا لا أرحل. بل أنتِ من سترحلين إلى أبيكِ.
(تأخذ زينب ابنيها وتذهب إلى المدينة. طوال السنوات الست التالية، ترفض كل من يخطب الزواج، وتظل على أمل أن يعود زوجها يوماً ما).

المشهد السادس: بعد 6 سنوات، في المدينة

(تقبض مجموعة من المسلمين على القافلة التجارية لأبي العاص. في تلك الليلة، يذهب أبو العاص إلى بيت زينب ويطرق الباب).
زينب: (تفتح الباب) هل جئت مسلماً؟
أبو العاص: لا، لقد جئت هارباً. أرجوكِ ساعديني.
زينب: لا تخف، مرحباً بك يا ابن الخالة، مرحباً بك يا أبا علي وأمامة.
(تؤمِّن زينب له المأوى. يقوم أبو العاص بتقبيل طفليه بحب. بعد أذان الفجر، بينما كان النبي ﷺ يصلي، تنادي زينب من آخر المسجد).
زينب: يا أبتِ، لقد أجرت أبا العاص بن الربيع!
النبي ﷺ: (للصحابة) هل سمعتم ما سمعت؟
الصحابة: نعم، يا رسول الله.
(يأمر النبي ﷺ الصحابة بأن يعيدوا لأبي العاص بضاعته. يعود أبو العاص إلى مكة).

المشهد السابع: إسلام أبي العاص

(يعود أبو العاص إلى مكة، ويسلّم بضاعة القافلة إلى أصحابها).
أبو العاص: هذه أموالكم، هل بقي لكم شيء؟
الناس: جزاك الله خيراً، لقد وفيت بالعهد.
أبو العاص: إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
(يعلن إسلامه، ثم يذهب فوراً إلى النبي في المدينة).
أبو العاص: يا رسول الله، لقد أجرتني بالأمس، واليوم جئت لأقولها صادقاً. إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. يا رسول الله، هل تأذن لي أن أرجع زينب؟
(يأخذ النبي ﷺ أبا العاص إلى بيت زينب ويطرق الباب).
النبي ﷺ: زينب، لقد جاء ابن خالتك اليوم ليستأذنني أن ترجعي إليه. فهل تقبلين؟
(احمر وجه زينب خجلاً، وابتسمت).

المشهد الثامن: نهاية الحياة الزوجية

(بعد سنة واحدة، توفيت زينب. بكاها أبو العاص بكاءً شديداً، حتى رآه الناس والنبي ﷺ يمسح عليه ويهوّن عليه).
أبو العاص: يا رسول الله، لم أعد أطيق العيش في الدنيا بعد زينب.
(توفي أبو العاص بعد سنة من وفاة زينب).

إغلاق